أخبار

إيقاع الشعر بين البيئة والعصر.. مراجعة حول الشعر الليبي المعاصر

من إصدارات دار أفاتار للطباعة والنشر بالقاهرة

بقلم: أ.حليمة محمد مختار عبد القادر

أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية جامعة أجدابيا وباحثة دكتوراه

إنّ موضوع (الإيقاع) في الشعر العربي عامة والشعر الليبي خاصة، يمكن وصفه بـــــ(الفضفاض) إلى أبعد مدى،فهو يحمل في طيّاته عددا من المفاهيم والمصطلحات التي تُلم بعدد من علوم العربية، لذا فهو يدخل غالبا ضمن الدراسات الفنية لتحليل النصوص الشعرية، ومع ذلك فقد كان ولازال (الإيقاع) موضع اهتمام عدد من الدارسين للشعر العربي، حيث تبرز من خلاله جماليات النص الموسيقية، فهو عنصر مهم بجميع أدواته، لأنه الفاصل الأساسي بينه وبين النثر.

  فقد لاحظت الباحثة قلة الدراسات المعمّقة التي تناولت الإيقاع في الشعر الليبي بمفهومه الشامل وليس بمفهومه العروضي، حيث خصصت بعض تلك فصلاً أو مبحثاً واحداً فقط لتناول الإيقاع مفهوماً وتطبيقاً.

 وكان لافتقار المكتبات العربية عامة، والليبية خاصة إلى دراسات عامة في الأدب الليبي-رغم وجود عدد من الدراسات الموضوعية والجادّة في هذا المجال- دافعاً للباحثة لاختيار الشعر الليبي مجال بحثها، حيث تناولت الشعر الليبي من زاويتي الإيقاع وتأثير البيئة والعصر، فجاء عنوانها(إيقاع الشعر بين البيئة والعصر دراسة حول الشعر الليبي المعاصر في 1950-2000م)، حيث كانت تلك الفترة الزمنية مليئة بالأحداث والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما أنّ الأدب الليبي بدأت ملامحه التجديدية تظهر للوجود بدءاً من تلك الفترة.

-الفصل الأول بعنوان(الإيقاع وملامح التجديد في الشعر الليبي) ويتناول جانبين:

الأول: مفهوم الإيقاع بعرض آراء النقاد القدامى والمحدثين والاختلاف بينهم، وعناصره وأهميته في النص الشعري.

الثاني: ملامح التجديد في الشعر الليبي المعاصر، وتناولت فيه الباحثة مفهوم المعاصرة، وأبرز المدارس الفنية في الشعر العربي من خلال ثلاثة اتجاهات:

الاتجاه الكلاسيكي، والاتجاه الرومانسي، واتجاه الشعر العربي المعاصر، ثم عرضٌ لبدايات التجديد في الشعر الليبي المعاصر فترة الخمسينيات والتي تمثّلت في قصيدة(مواكب الجفاف) للشاعر الليبي(رجب الماجري) كأول قصيدة تفعيلة ليبية.

الفصل الثاني: (أثر البيئة في إيقاع الشعر):

  عُرض فيه مفهوم البيئة الجغرافي، وكيف تلاءم الإنسان العربي القديم في البادية مع مناخها المتقلب، ثم حياة الإنسان الليبي في بيئة البادية الليبية وانتقاله إلى بيئة المدينة و تأثره بها، وعملت الباحثة في هذا الفصل على بيان أثر بيئتي البادية والمدينة وتأثيرهما في الشعر الليبي وتتبع العلاقات الداخلية والإيقاعات الخارجية التي تحتويها النصوص الشعرية.

الفصل الثالث: (أثر العصر في إيقاع الشعر):

 عرضٌ لمفهوم العصر وأبرز القضايا الوطنية المحلية والقومية في الفترة الزمنية المحددة وكيف تناولها الشعراء الليبيون في نصوصهم الشعرية، ومن القضايا الوطنية المحلية التي تم تناولها:  استبداد المستعمر واستغلاله لثروات البلاد وما نتج عن ذلك من فقر وجوع وتجهيل للشعب الليبي، أمّا القضايا القومية فتمثّلت في أبرز قضية عربية وهي قضية(احتلال فلسطين) التي شغلت أغلب الشعراء الليبيين واعتبروها قضيتهم الرئيسة، كذلك تأثير هزيمة(1967م) والعدوان الثلاثي على مصر في نفسية الشاعر الليبي.

ومن أبرز نتائج الدراسة:

-إن مفهوم الإيقاع ارتبط في النقد الحديث بمفاهيم الكم والكيف والجرس والنبر والمقاطع نتيجة تداخل الثقافات مع بعضها، لكنه في الواقع يجمع بين تلك المفاهيم من خلال وحدة النغمة(التفعيلة).

-وبرزت للباحثة خلال دراستها لعدد من النصوص الشعرية مجموعة من الظواهر الإيقاعية في الشعر الليبي منها:

-اعتماد شعراء الدراسة على الإيقاع الداخلي أكثر من الإيقاع الخارجي، نحو: التكرار الصوتي، والتشديد، والمد، والتنوين.

-اعتماد شعراء الدراسة على الزمن الحاضر حتى حين الحديث عن الزمن الماضي، ليجعل المتلقي يعيش الحدث ويحس به.

-راوح شعراء الدراسة بين نوعين من القوافي هما(القافية المتناوبة والمستقلة) حيث تعطي للشاعر مجالاً أوسع وأرحب للتعبير عمّا يعتمل في نفسه وما يعايشه من أحداث ومتغيرات، وقليل منهم انتظم في(القافية المتتابعة).

    وأخيراً علينا التسليم بأنّ الأدب يهدف إلى تقديم رسالة خالدة تخدم الإنسان في كل مكان وزمان، وليس حروفا وكلمات تُشكّل وفق قواعد أو نُظم معينة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى