مقال

ثقافة مهددة: صرخة في وجه الإهمال

بقلم: فرحات جنيدي

في خضمّ سُعارِ التّرفيهِ العابرِ، وبينَ صخبِ الفعالياتِ المُبهرةِ، يضيعُ صوتُ المُبدعينَ، وتُهملُ كنوزُ المعرفةِ، وتُفقدُ الهُويةُ حقيقتَها. ففي زمنٍ باتَتْ فيهِ المُتعةُ الفارغةُ هيَ السّائدةُ، والمُستهلكُ هوَ المُتحكّمُ، أُهملتْ الثقافةُ، وأُهملَ معها مبدعوها، حُماةُ اللّغةِ، وصانعو الحضارةِ.

واقعٌ مُؤلم

يُؤسفُنا أنْ نرى هيئةَ التّرفيهِ وهيَ تُنفقُ الملياراتِ على المسارحِ والسينما والغناءِ، بينما تُهملُ الأدبَ والثقافةَ، اللّذين هما أساسُ الحضارةِ والتقدّمِ. أينَ من شعراءِ المعلّقاتِ، ومن حكماءِ الجاهليةِ، ومن فرسانِ المُعلقاتِ؟ أينَ من إبداعِ المتنبيّ، وبهاءِ أبي نواسٍ، وسحرِ المعريّ؟ أينَ من حكاياتِ ألف ليلةٍ وليلةٍ، ومن ملحمةِ سيفِ بن ذي يزنٍ؟

إرثٌ عريقٌ مهدّدٌ بالضياع

إنّ المملكةَ العربيةَ السعوديةَ والخليجَ العربيّ يملكانِ تاريخًا أدبيًا عريقًا، يمتدّ لألفِ عامٍ وأكثر. ففي عروقِ أبناءِ هذهِ الدّيارِ سريانُ الشّعرِ والفصاحةِ، وهم ورثةُ لغةٍ عريقةٍ هيَ لسانُ الضّادِ، لغةُ القرآنِ الكريمِ.

ولكنْ هذا الإرثُ العريقُ مهدّدٌ بالضياعِ، بسببِ الإهمالِ الرسميّ وانصرافِ النّاسِ عن القراءةِ والثقافةِ.

استثمارٌ مُهملٌ وعائدٌ مُضاعفٌ

إنّ إهمالَ الثقافةِ والأدبِ هوَ إهمالٌ للهُويةِ، وإهمالٌ للتاريخِ، وإهمالٌ للمستقبلِ..فَلْتُنَصِتْ هيئةُ التّرفيهِ لصوتِ العقلِ، ولْتُدركْ أنّ مهمّتها لا تقتصرُ على التّرفيهِ الفارغِ، بلْ هيَ رسالةٌ ساميةٌ لحمايةِ التّراثِ، ونشرِ المعرفةِ، وبناءِ جيلٍ مُثقّفٍ مُبدعٍ..ولْتُدركْ أيضًا أنّ الاستثمارَ في مجالِ الأدبِ والثقافةِ هوَ استثمارٌ مُربحٌ على المدى الطويلِ، فهوَ يُساهمُ في تنميةِ الاقتصادِ، وخلقِ فرصِ العملِ، وتعزيزِ مكانةِ المملكةِ على الصعيدِ الدّوليّ.

مقترحاتٌ لإنقاذِ الثقافةِ

زيادةُ الميزانيةِ المُخصّصةِ لدعمِ النّشاطاتِ الثقافيةِ والأدبيةِ.
تنظيمُ مُهرجاناتٍ أدبيةٍ وشعريةٍ وندواتٍ ثقافيةٍ على مدارِ العامِ.
دعمُ دورِ النّشرِ على نشرِ الأعمالِ الأدبيةِ والشعريةِ للمُؤلّفينَ السعوديينَ والعربِ.
إنشاءُ مكتباتٍ عامّةٍ في جميعِ أنحاءِ المملكةِ.
تدريسُ مادةِ النّقدِ الأدبيّ في المدارسِ والجامعاتِ.
إطلاقُ جوائزَ أدبيةٍ وشعريةٍ تُشجّعُ على الإبداعِ.
إتاحةُ الفرصةِ للشّبابِ للمشاركةِ في النّشاطاتِ الثقافيةِ والأدبيةِ.
مسؤوليةٌ مشتركة

إنّ تعزيزَ دورِ الثقافةِ والأدبِ في المملكةِ هوَ مسؤوليةُ الجميعِ، حكومةً وشعبًا. فَلْنَتكاتفْ جميعًا للحفاظِ على تراثِنا العريقِ.
#فرحات_جنيدي #الماو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى