الاستغفار علاج ما أنتم فيه!
د. أحمد الطباخ| كاتب مصري
ما يعانيه الناس اليوم من أزمات ومشكلات في شيء واحد لا ثاني له وهو التوبة الخالصة لله بالاقلاع عن المعاصي والذنوب والاستغفار ، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:” {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (سورة نوح، الآية:10)” أمر من الله للخروج من الأزمات التي كثرت وتعددت ما بين اقتصادية ومالية ونفسية واجتماعية وهلم جرا فكل ما تعانيه الأمة سببه هو معاصيها وذنوبها وبعدها عن ربها واقترافها للشيئات دون انتهاء عن طريق الشيطان الذي تسلط على الناس عندما تنكبوا طريق الرحمن والحق فالحياة طريقان لا ثالث لهما: طريق الرحمن وحزب الله وطريق الشيطان وحزبه والأول طريق الناجين والثاني طريق الهالكين بالمعاصي والذنوب .
إنه الأمان الذي ظل على الأرض إلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها إذ كيف لا يكون الاستغفار هو الأمان وبه ترتاح النفوس وتنحل العقد وتفرج الكرب وتتواصل الأرواح فسلوا ربكم المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان فالاستغفار ممحاة للذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء الأحوال تؤيده الأخبار تؤكده فما استغفر أحد إلا وانحلت عقده وغفرت ذنوبه وطابت أيامه ففي عهد سيدنا نوح عندما كذبه قومه زمنا طويلا حبس الله عنهم المطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة فهلكت مواشيهم وزروعهم فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا بسيدنا نوح فقال لهم :{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} أي لم يزل الله غفارا لمن أناب إليه ثم قال ترغيبا لهم في الإيمان:{يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) {وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} (12)[سورة نوح]
قال قتادة: علم نبي الله صلى الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال: هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة وقد بين في ٱيات سورة نوح وهود عاقبة وثمرة الاستغفار وهما دليلان على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار فقد خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع فأمطروا فقالوا: ما رأيناك استسقيت؟
فقال عمر: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر ثم قرأ:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا}
قال الأوزاعي: خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
اللهم إنا سمعناك تقول: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (سورة التوبة، الآية91)” وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا ! اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا .
إنه إخلاص النية وصفاء الطوية وسلامة الأفئدة ونقاء السريرة وتطهير النفوس من الخطيئة والتوبة الصادقة لرب البرية ولما لا والعلاج الناجع في الاستغفار باللسان والجنان فقد قال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله، وشكا رجل إليه الفقر فقال له: استغفر الله، وقال له ٱخر: ادع الله أن يرزقني ولدا ! فقال له: استغفر الله، وشكا إليه ٱخر جفاف بستانه ! فقال له: استغفر الله. فقلنا له في ذلك ؟! فقال: ما قلت من عندي شيْ، إن الله يقول في سورة نوح: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}
والاستغفار الذي يؤتي الثمرة ما يكون عن إخلاص وإقلاع من الذنوب وهو الأصل في الإجابة.