الصندوق الأسود
فاطمة محمود سعد الله | تونس
بأدوات الخياطة المنسية في صندوق دميتي
دميتي العجوز..وجدتُ مقصا
مازال محتفظا بأسنانه
فصلتُ من الريح غلالة على مقاس الحلم
وجناحيْن من شٍعر
طرتُ دون تحديد نقطةٍ للوصول
أو محطة للاستراحة
سافرتُ ومعي الله…
يراني ولا أراه
يكلمني بلا نطق
يدعوني إلى الاقتراب
فأركب جناح الانصهار
وأروم الذوبان في نهر الارتقاء
خلعتُ جسدي
كرداء بالٍ ألقيته في أول منعرج
طرتُ..ريشةً في مهب التَّوْق
وبين ذات وذات
تمر بي ذكرى حياة
حياة أخرى
لم يكن لها مذاق الحياة
ولا نكهة الذكرى
كانت طيفا للحياة وصدى باهتا
لذكرى…
ومن عين ذاك الصندوق تطل يدٌ مرتعشة
دميتي تُقرئني العتاب
وكأسُ الغياب…مترعة بالانتظار
ترمقني عينُها الكليلةُ بنظرة مُقفلةٍ اللسان
معقودةٍ الدمع على الوجنات
أبحث في ثلجها ..
عن أيقونة الدفء..
عن مشعل مازال زيته يختزن الحرارة
عن محارة تخبِّئُ لي صَدَفَة بيضاء
نادرة الكلام
تضبط الإيقاع
ترقص مع الريح
وعند الفجر تفتح الشراع
وتعانق الماء…
في الركن المظلم من الصندق
تبحث دميتي عن قلادتها…
سرقتها ضاربة الودع ذات عاصفة
كانت تقبض على عنق الخرزات تستنطق الكلام
تستحلب الساعات والأيام
تستحلف المارد العجوز
نافثَ العُقَد
سمعتُهايومها …توشوش الودع
علها…
تستولد من الصمت الكلام
ومن الظلام..نجوما تحسن الرقص مع الذئاب
في…زمن
امتزج فيه الحضور بالغياب
في زمن يتوالد فيه النعامُ ويرقص الذئاب
في زمن لا أبواب تُفتَح ولا نوافذ
فقط…
يرتق الظل ثقوبه بأوراق الموت البطيء
يستر الكلام عورته
بالهبوط الاضطراري في مضمار الصمت
الصمت الممنوع..
الصمت المباح
الصمت المنساب في جداول الشَّعر
وكفى…
15/28/6/2020