كنتُ ذا وطنٍ
جاسم أحمد الحمود | شاعر سوري – السعودية
منْ أخبرَ الدروبَ بأنّي بلا وطنٍ
فاستباحتْ المسافات البعيدة دمي
منْ أخبرَ البحارَ بأنّي بلا كفنٍ
فاستلذَ الموجُ لعبةَ الموتِ معي
منْأخبرَ ولاةَ اللهِ في الأرضِ بأنّي بلا سندٍ
فصارَ قتلي سنةٌ حسنةٌ
السماواتُ سبعٌسماءٌ تُظِلُ سماءً
و أنا تحتَ سبعِ سماواتٍ بلا ظلٍ
بيتي على الماءِ و لا خبزَ فيه و لا ماء
كلُّ البلادِ تطردني و أنا ظِلُ أشلاءٍ
اُلْبِسُ الأملَ طوقَ نجاةٍ لطفلي
و أمـخرُ بحاراً و لا عصا بين يدي تفلقها
أنا ما كنتُ هكذا يا صاحبي
كنتُ ذا وطنٍ
ذا بيتٍ دافىءٍ
افترشُ حصيرةً وقتَ العصاري تحت دالية العنب
أخدّرُ الشاي على نارٍ صغيرةٍ
و طفلي كشادنٍ يدورُ حولي يلاحقُ قوسَ قزحٍ
كان عندي حقلٌ و ساقيةٌ
كان عندي حبيبةٌ
أختبىءُ بين أعوادِ الذرة لأرى كاحليها و هي تجتازُ الساقية
كان لي أهلٌ و جيرانٌ
كلُّ بيوتِ القريةِ أكلتُ من زادها
كانَ لي عرسٌ دبكَ الناسُ فيه حدَ الثمالة
و أنا الآن بلا وطنٍ
تنهضُ في روحي المنافي حرائقاً
كلُّ الأوقاتِ سواءٌ لا فرقَ بين عصرٍأو ضُحى
و الشايُ لا تـُخدِّرهُ كلُّ نيرانِ المنافي
و طفلي منطفىءٌ عيناهُ في الأرضِ
لا حقلَ لي هنا و لا ماءَ
و النساءُ تغتسلُ في الطرقات
لا حبيبةَ لي و لا أهلٌ و لا جيرانٌ
و العرسُ عويلٌ و بكاءٌ
و الثمالةُ دون مزمارٍ هنا
رفقاً بي يا صاحبي فأنا كنتُ يوماً ذا وطنٍ
3-6-2020
***
السيرة الذاتية :
جاسم أحمد الحمود – مهندس معماري من مدينة الرقة السورية .
النشاط الأدبي : – أكتب القصة القصيرة و الدراسات في مجال فن العمارة و الهندسة المعمارية – نشرت نتاجي الأدبي في العديد من الدوريات المحلية و العربية منها : (مجلة العربي الكويتية – مجلة الموقف الأدبي السورية – مجلة المعرفة السورية – جريدة الأسبوع الدبي السورية – مجلة العرب و العالم الأردنية)
حائز على عدة جوائز في كتابة القصة (جائزة هيئة الإذاعة البريطانية ال بي بي سي بالتعاون مع مجلة العربي الكويتية (قصص على الهواء) 2008- جائزة البتاني للقصة القصيرة- جائزة العجيلي للقصة القصيرة – جائزة اتحاد الكتاب العرب فرع الرقة لأكثر من مرة)
العنوان سوريا – مدينة الرقة