ديوان “أبجديات أنثى حائرة” كتب بحروف من شموخ وكبرياء
ديمة جمعة السمان | فلسطين المحتلة – القدس
49 قصيدة زفرتها الشاعرة الفلسطينية سماح خليفة؛ لتشكل ديوان ” ابجديات أنثى حائرة”. لم يتم اختيار هذه القصائد عبثا، ولم تجمعها الصدفة لتستقر بين غلافي ديوان احتواها، كل قصيدة لها دلالة انطلقت بدقة المتمرس، وبسرعة السهم، لتصيب الهدف. رسائل نقلت الوجع فأوجعت، ولكن شكلتها حروف من شموخ وكبرياء عزيز غلفتها بالدهشة، فحلقت بنا عاليا كل يتكىء على سحابة وجد فيها ضالته، فترتد له الروح، هي استراحة المحارب.
كل قصيدة حملت فكرة تعددت فيها الزوايا؛ لتطل علينا بأسلوب غير مألوف، يغوص بعمق ثم يطفو من جديد ليقول أنا لا زلت هنا، فالحياة رجل وامرأة ووطن مغتصب وحلم خلاص.
لم يكن الطرح مباشرا، ولم تكن طلاسم أيضا، اختبأت الشّاعرة خلف الرمزية في كل حرف خطته، ربما لأنها احتاجت إلى مزيد من الأفق، احتاجت إلى فضاء أكثر اتّساعا، فامتزجت كلماتها بألوان قوس قزح، وتمطى الخيال يعلن عن حضوره بثقة العارف بأهمية وجوده، فلا غنى عنه، يلطف من لسعة الواقع، ليعيد التوازن ويلملم ما تناثر من صور اختلطت بين الماضي والحاضر.
49 قصيدة تقطر حبا، تعثرها حيرتها، ولكن تنهض من جديد بشموخ وكبرياء عزيز.
عناوين قصائدها انتقتها بحرفية، تصدرتها حكاية وطن، مرت على غربة شهيد، عرجت على مدينة حلب، وأملت أن تتحرر الحرية أو الشهادة، وآمنت بالقدر، فلا زال الواقع أليما، ولم تنس الأسير، وظهر عشقها جليا واضحا للأصالة في عنوان بصمة كنعانية، وأسمعتنا صرخة الأنثى، ثمّ عاتبها قلبها كلما بات ينبض على وجع الحكاية، فقد سكنه ندى العشق المعبّق بأريج الورد والفل والنرجس والياسمين، وهربت إلى لذّة الجنون. وبعد الصحوة، اعتذرت للمنسي خلف جدار الروح، وأعلنتها واضحة صريحة بأن الكلمات المرتعشة لن تعيد لها الروح فتحييها من جديد، فقد كان انتظارا عقيما.
آن الأوان لفرح صاخب يحيي الفؤاد، يزيل الصدأ من الروح والوجدان، فقد كانت في حالة ظمأ، تحتاج لمن يسمعها صوت الانسان في الجسد، ويرسلها فوق السحاب، يودع طيف الأحزان.
أمّا قصيدة “أنا”.. فقد وجدت نفسها من جديد، فهي الحاضر وهي المستقبل، ولها كل المجد، قالت: ” تذكروا.. أنا حواء وكل الكون في قبضتي أنا”
وانتهت بقصيدة (منسيّون).. ويا حبذا لو أنهت ديوانها بقصيدة “أنا”. فبعد الشّموخ والكبرياء والثّقة والقوّة والتّصميم، عدنا لقصيدة” منسيّون” لتعلن من جديد بأن الجرح عاد ينزف من جديد، قالت في آخر قصيدتها
منسيّون
بلا هوية للمجد
ولا اعتذار عن كلمات نابية
نزفت جروحهم
منسيّون كأنّ شيئا لم يكن.