ما الفرق بين (اعتدنا) و (أعددنا) فى القرآن الكريم ؟
ماجد الدجاني | فلسطين
(أعتد) فيها حضور وقرب والعتيد هو الحاضر (هذا ما لدي عتيد) أي حاضر وقوله (وأعتدت لهن متكئاً بمعنى حضّرت.
أما (الإعداد) فهو التهيئة وليس بالضرورة الحضور كما في قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم) بمعنى هيّأوا وليس حضروا وقوله (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عُدّة).
أما في سورة النساء فقال تعالى (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً {18}) لأنهم ماتوا فأصبح الحال حاضراً وليس مهيأ فقط، وكذلك ما ورد في سورة الفرقان (وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً {37}) قوم نوح أُغرقوا وماتوا أصلاً فجاءت أعتدنا.
أما في سورة النساء (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً {93}) هؤلاء لا يزالون أحياء وليسوا أمواتاً فجاءت أعد بمعنى هيّأ.
ومما سبق نقول إنه في آية سورة الإنسان بما أن جزاء أهل الجنة بالحضور بصيغة الوقوع لا بصيغة المستقبل كذلك يقتضي أن يكون عقاب الكافرين حاضراً كما أن جزاء المؤمنين حاضر فقال تعالى في أهل الجنة (يشربون من كأس، ولقّاهم نضرة وسرورا، وجزاهم بما صبروا) وجاء عقاب الكافرين حاضراً بصيغة الوقوع فقال تعالى (إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالاً وسعيرا).
اللمسة البيانية في اسخدام المفرد مرة والجمع مرة أخرى في الآية {23})من سورة الجن و (63)من سورة التوبة؟
آية سورة الجن (إِلَّا بَلَاغاً مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً {23}) (من) لها لفظ ومعنى ويُعبّر عنها بالواحد أو الجمع، يقال جاء من حضر (اللفظ مفرد مذكر وحقيقتها مفرد أو مثنى أو جمع).
هناك قاعدة نحوية تقول: في كلام العرب يراعى المفرد أولاً ثم الجمع كما في قوله تعالى (ومن الناس من يقول آمنا … وما هم بمؤمنين) وقوله (ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا) وقوله (ألا في الفتنة سقطوا) وليس غريباً هذا الإستخدام في اللغة.
(من) في اللغة تستعمل للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث وعادة نبدأ لفظها أولاً على حالة الإفراد والتذكير ثم نحملها على معناها وهذا هو الأفصح عند العرب. كما في قوله تعالى (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً) نأتي بالإفراد والتذكير أولاً ثم يؤتى بما يدل على المعنى من تأنيث أو جمع أو تثنية.
وقد جاء في القرآن الكريم استخدام خالداً كما في سورة النساء (وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {14}) وفي سورة التوبة (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ {63}) وجاءت في سورة الجن (خالدين) والسبب أن الله تعالى لم يقل (خالدين فيها) في النار مرة واحدة إنما قال (خالداً فيها) أما في الجنة فيقول دائماً خالدين فيها. ولأن الله تعالى أراد أن يُعذّب أهل النار بالنار وبالوحدة لأن الوحدة هي بحد ذاتها عذاب أيضاً بينما في الجنّة هناك اجتماع (خالدين، متكئين، ينظرون، يُسقون).