بلدة سلوان المقدسية.. خدن المسجد الأقصى
د. حنا عيسى | فلسطين
“كلمة سلوان جاءت من لفظ سيلوان الآرامية وتعني الشوك والعليق”
خلفية تاريخية وجغرافية
تقع بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، وكلمة سلوان جاءت من لفظ سيلوان الآرامية وتعني الشوك والعليق أو من اللفظ العربي سلوان بمعنى الصبر، وسلوان هي البلد الأكثر التصاقا بالمسجد الأقصى المبارك وبأسوار البلدة القديمة بالقدس من الناحية الجنوبية والشرقية، وهي أساس مدينة القدس، بناها اليبوسيون العرب من أصول كنعانية على سفوح تلال الضهور، وسميت على إسمهم، وعمرها نحو ستة آلاف سنة إذ يعود بناؤها إلى 4000 عام ق.م، وفيها عين ماء مشهورة يرتبط تاريخها بتاريخ القدس، حيث شكلت مصدر المياه الأساسي منذ الفترة الكنعانية، عبر قنوات صخرية بناها اليبوسيون بطول 533 متراً، وما زالت آثارها إلى اليوم ويحد بلدة سلوان من الشمال المسجد الأقصى المبارك والسور التاريخي للبلدة القديمة بالقدس وحي المغاربة الذي دمره الإحتلال الإسرائيلي عام 1967م، ومن الغرب حي الثوري، ومن الجنوب أراضي بيت صفافا وجبل المكبر ، ومن الشرق قرى أبو ديس والعيزرية وجبل الطور.
وأتبعت سلوان لمحافطة القدس وبلديتها منذ نهايات العصر العثماني، وكانت من بؤر الثورة الفلسطينية في زمن الانتداب البريطاني وشاركأهلاي القرية في ثورة عام 1936م، والإضراب العام الذي شهدته الاراضي الفلسطينية احتجاجا على الهجرة اليهودية والقمع البريطاني للنزعة الاستقلالية عند عرب فلسطين.
وعند اندلاع حرب 1948م، بين العرب وإسرائيل شارك أهالي القرية في المعارك وتحملوا حصارا خانقا من قبل القوات الصهيونية لوقوع سلوان على مدخل باب المغاربة الذي يؤدي إلى حارة الشرف وحارة المغاربة في البلدة القديمة لمدينة القدس، وتعرض العديد من أبنائها لنيران القناصة الصهاينة، ولكنها لم تسقط وأصبحت جزءاً من الضفة الغربية للأردن بين عامي 1948م و1967م، واستقبلت العديد من المهجرين من قرى غرب القدس، والكثير منهم كان يرتبط بعائلات سلوان بصلات القربى والنسب، من قرى عين كارم، لفتا، قالونيا، المالحة، دير ياسين وغيرها الكثير.
كانت مع القرى المجاورة لها (وهي كبراها) مركزاً لتجمع ما يعرف “بصف الوادية” وهو حلف عشائري مناطقي لقرى منطقة شرق القدس المشرفة على وادي الأردن)، وساهم هذا الحلف في القضاء على قطاع الطرق الذين هددوا القوافل التي تتحرك بين فلسطين وشرق الأردن.
أراضي سلوان
تملك سلوان جزءاً كبيراً من الأراضي المشاع الواقعة بين القدس والبحر الميت، وأهمها منطقة السهل الأحمر الواقعة اليوم على الطريق بين القدس و أريحا، والتي عرفت تاريخياً بخان السلاونة أو الخان الأحمر.
وتبلغ مساحة مسطح أراضي القرية يبلغ (5421) دونم، ولسلوان أراضي في الخان الاحمر يسمونها باراضي السلاونة ومساحتها (65000) دونم منها (47000) دونم اراضي زراعية و(18000) دونم اراضي صخرية.
كما عرفت سلوان أيضا بجودة منتوجها الزراعي ، وعموماً فإنّ الإنسان المقدسي إرتبط بأرضه المقدسه كونها أرض رباط ، إلى أن سقطت القدس في قبضة الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م ووقعت كبقية أراضي الضفة الغربية، وبدأت المؤسسة الإسرائيلية تنفيذ مخططاتها التهويدية، والتي كان أول حلقاتها الإستيطان اليهودي، وشرعت المؤسسة الإسرائيلية بمصادرة عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية لبناء المستوطنات وإسكان المستوطنين مكان المقدسيين.
وصودرت أراضي خان السلاونة بعد حرب (67) وأقيمت عليها مستعمرة ‹معالي أدوميم› كما وتقوم مجموعه من المؤسسات الاستيطانيه الإسرائيلية ذات الاجنده السياسية اليمينية المتطرفة باستعمال القانون الإسرائيلي واستغلاله لمحاولة الاستيلاء على مساحات أخرى من مساحة البلدة واهم هذه القوانين العنصريه قانون العوده اليهودي والذي يسمح بعودة اليهود الذين تواجدوا بفلسطين قبل احتلالها وحتى قبل الوجود الإسرائيلي بالإضافة إلى قانون حرس املاك الغائبين والذي ينص على فقدان ممتلكات كل فلسطيني اضطر الخروج من فلسطين أو السفر أثناء احتلال القدس في عام .67
وتتعرض بلدة سلوان أيضاً لمخطط تهويدي يسمى (” قيدم يروشالايم” أورشاليم أولا)
وهو عبارة عن مخطط مفصل لتهويد القدس، خاصة محيط المسجد الأقصى، ويهدف الى تكريس السيطرة الإحتلالية على المسجد الأقصى المبارك، تحت شعار كاذب وهو تطوير السياحة في القدس، وتتركز أكثر المخططات التهويدية هذه في منطقة سلوان وباب المغاربة، والمنطقة الجنوبية والشرقية للمسجد الأقصى، وهي ضمن منطقة حدود بلدة سلوان وجوارها، أو ما تطلق عليه المؤسسة الإسرائيلية تضليلاً وتزويرا ” الحوض المقدس”، ومن أبرز المخططات التهويدية التي لها صلة في سلوان وجوارها، إقامة جسور فوق الأرض ، إنشاء أنفاق تحت الأرض، إقامة بنايات على حساب بيوت أهل سلوان، إقامة متنزهات وحدائق تلمودية.
سكان سلوان
يبلغ عدد سكان بلدة سلوان اليوم أكثر من خمسين وخمسين ألف نسمة ، يتوزعون على 13 حامولة من أهل البلدة إضافة إلى من سكنها من خارجها بسبب الحروب والهجرة والزحف السكاني الطبيعي. حمائل البلدة هي: المهربشية ، الروايضة ، الصيامية، أبو قلبين ، المحاريق ، النجادا ، العباسية ، السراحين ، الذيابية، العليوات، القراعين، سمرين ، جلاجل.
قسمت بلدية القدس الغربية البلدة إلى عدة أحياء، نذكر منها: رأس العمود، عين اللوزة، الثوري، بئر أيوب، الشياح، وغيرها ، يحدها من الشمال والغرب البلدة القديمة للقدس وجبل الزيتون (الطور). من الشرق قريتي أبو ديس والعيزرية، ومن الجنوب جبل المكبر.
وحتى العام 1990م لم يسكن يهودي واحد في سلوان، ولكن مع بدايات تسعينيات القرن الماضي ، وضعت المؤسسة الإسرائيلية أول خطواتها لتنفيذ تهويد سلوان، ضمن مخطط شامل لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة بالقدس، وأسكن أول مستوطن يهودي في سلوان عام 1990 م، وكانت جمعية “إلعاد” الإستيطانية هي الذراع التنفيذي للإستيطان اليهودي حول الأقصى.
أهمية سلوان إسلامياً
إهتم الخلفاء الراشدون بمدينة القدس منذ الفتح العمري، حيث أمّن أهلها على أنفسهم وأموالهم ، أما وقد مرّ الخليفة عمر بن الخطاب منها بعد نزوله من جبل المكبر، فقد أوقف الخليفة عثمان بن عفان عين سلوان المشهورة، بعد أن وسّعها، على ضعفاء المسلمين وجعل بساتينها وقف لنفع عموم اهل القدس، وفي الفتح الصلاحي قام القائد صلاح الدين الأيوبي بوقف بلدة سلوان بما فيها العين بكاملها على المدرسة الصلاحية.
أهمية سلوان مسيحياً
ولبلدة سوان أهمية دينية عن المسيحيين وذلك بوجود عين سلوان أو عين جيحو وهي نبع مياه لقرية سلوان، وتبعد حوالي 300 متر عن الزاوية الجنوبية الشرقية لسور المسجد الاقصى يخرج من باطن الأرض منذ أكثر من5000 عام.
ومن هذه العين حفر اليبوسيون نفقا إلى داخل المدينة لتأمين الماء في أوقات الحصار وجعلوه على شكل درج ينزل إلى العين.
وتعتبر العين مقدسة عند المسيحيين لأن المسيح عليه السلام استعمل ماءها لشفاء الرجل الاعمى، ويقال أن السيدة مريم العذراء غسلت بمائها ملابس الرضيع عيسى عليه السلام ولهذا سميت أيضا بعين العذراء.
وقال عنها ياقوت الحموي:
“عين سلوان عين نضاحة، يُتَبرَّك بها ويُستشفَى بها بالبيت المقدس”