عنبتـــــا.. قرية العنب
د. حنا عيسى | رام الله – فلسطين
عَـنَـبْـتَـا بلدة فلسطينية تعتبر أحد أكبر بلدات طولكرم، وتنقسم إلى قسمين: البلدة القديمة التي تقع في الوسط وبنيت بيوتها قبل 150-100 سنة. أما باقي المناطق فبعضها بني من 50-70 سنة وأخرى حديثة بنيت خلال العشرين سنة الأخيرة، يوجد فيها جزء من الطريق المؤدية إلى طولكرم ومن أولها إلى آخرها يبلغ طول الطريق 3 كم.. وتتكون كلمة عنبتا من مقطعين ” عنب” ” تا ” وهي كلمة رومانية قديمة تعني قرية العنب ويدل على ذلك كثرة معاصر العنب المحفورة في الصخور والمتواجدة لغاية الآن في التلال والجبال المحيطة ب عنبتا حيث كانت عنبتا قديماً تشتهر بزراعة العنب. والمشمش، والحمضيات والزيتون.
وتقع عنبتا على بعد 9.5 إلى الشرق من طولكرم على طريق نابلس – طولكرم الرئيسة المعبدة. وتربطها فوق فرعية معبدة بعض القرى المجاورة، مثل كفر اللبد وكفر رمان وبلعة وبزارية وشويكة ودير الغصون. نشأت عنبتا فوق رقعة منبسطة في أقصى الطرف الشرقي من أرض السهل الساحلي الأوسط، ويتراوح ارتفاعها بين 160 و200 فوق سطح البحر. وتمتد إلى الشرق منها الأقدام الغربية لجبال نابلس*. وهي على الضفة الشمالية لوادي الشعير، الذي ينحدر من مرتفعات نابلس شرقاً في طريقه إلى الغرب عبر السهل الساحلي. وتسير طريق نابلس – طولكرم ومجراه ويعرف باسم وادي نابلس ضد مروره بشمال طولكرم.
ويعود تاريخ عنبتا إلى الهجرات والموجات السامِّية القديمة قبل وبعد الإسلام وقد غزاها الرومان واستقروا بها ويوجد فيها أماكن أثرية قديمة يعود معظمها إلى العهد الروماني، وفي العهد الإسلامي اتخذها الظاهر بيبرس مركزاً لتموين الجيوش الإسلامية لموقعها الحصين بين تلال وجبال كثيرة. ويقع غربها جبل المنطار الذي انطلقت منه ثورة 1936، والذي كان لبلدة عنبتا أثر واضح فيها فقد تسلح أبناؤها وهاجموا القوافل العسكرية البريطانية على الطريق العام بين نابلس وطولكرم، فوقعت بها عدة معارك كانت خالدة في تاريخ الشعب الفلسطيني.
وتتألف عنبتا من بيوت مبنية من الحجر والاسمنت واللبن. ويتخذ مخططها التنظيمي شكلاً طولياً من الشرق إلى الغرب، وتبدو البيوت مجموعات سكنية شمالية وجنوبية، تفصل بينها طريق نابلس – طولكرم، وشرقية غربية يفصل بينها الشارع الرئيس في البلدة، ويشكل كل حي في البلدة أحد هذه التجمعات السكنية. يدير المجلس البلدي شؤون عنبتا التنظيمية، ويشرف على فتح الشوارع وتعبيدها، وتنظيم المحلات التجارية في السوق التجارية، وتزويد البيوت بالمياه والكهرباء. وفي عنبتا مسجد كبير في الجهة الشمالية الغربية. كما توجد في البلدة مدرستان كبيرتان للبنين والبنات، تشتملان على صفوف المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية جميعها. وفي عنبتا عيادة صحية ومخفر للشرطة. تشرب البلدة من مياه بئر يزيد عمقها على 150م، وقد وزعت مياهها بالأنابيب على البيوت. وتحتوي عنبتا على قبور قديمة وصهاريج منقورة في الصخر وخزان، كما تحيط بها بعض الخرب الأثرية. وقد ازدادت مساحة عنبتا بفعل نموها العمراني من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي من 84 دونماً في عام 1945 إلى أكثر من 400 دونم في عام 1980…وبلغ عدد سكان عنبتا في عام 1922 بنحو 1.606 نسمات، وازداد عددهم في عام 1931، وفيهم سكان أكتابا ونور شمس المجاورتين، إلى 2.498 نسمة يقيمون في خمسمئة ومسكنين. وقدر عدد سكان عنبتا واكتابا في عام 1945 نحو 3.120 نسمة. وفي عام 1961 بلغ عدد سكان عنبتا وحدها 4.018 نسمة، يقيمون في 709 بيوت. وبلغ عدد سكان عنبتا سنة 1997 نحو 5.453 نسمة. وحاليا يبلغ عدد سكانها أكثر من 8،600 نسمة. ويعود أكثر هؤلاء السكان بأصولهم إلى الخليل وبعض قرى قضاء نابلس.
*المعالم الاثرية في القرية: –
– نيربا: وهي هضبة مرتفعة يحيط بها سهل ضيق من الشمال والجنوب وسهل واسع من الشرق ومن الغرب سهل ضيق يمتد حتى غرب طولكرم، تحتوي على ” بقايا محلة يحدق بها سور على تل ومغر وصهاريج ومدافن “. كان الحصن الذي أقامه بلدين الأول ملك مملكة بيت المقدس الفرنجية 1100 _1118م” كان يقوم على موقع ” خربة نيربة “.
– خربة أبي خميش: تقع للغرب من عنبتا بها ” أكوام حجارة وقبور منقورة في الصخر “.
– خربة الزهران: تقع للغرب من أبي خميش تحتوي على ” جدران مهدمة في حظيرة مبنية بحجارة خشنة النحت وصهاريج تحت الصخور ومدافن منقورة في الصخر على الجهة الأخرى من الوادي”.
– مركة: هي تلة إلى الجنوب الغربي من عنبتا محاذية للشارع الواصل إلى كفر اللبد.
– رؤوس الملك: هي تلة مرتفعة في الشمال الشرقي من البلدة.
– التل: ويحتوي على ” مدافن منقورة في الصخر ومغر “.
– المزار: وهو مقام قديم لولي من الأولياء الصالحين والذي جاء من المغرب وتزوج امرأة من عنبتا.
وقامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة مساحات كبيرة من التلال المرتفعة التابعة لأهالي عنبتا ورامين وبيت ليد وكفر اللبد وأقامت عليها مستوطنة “عناب” شرقي عنبتا، وكذلك تم إقامة مستوطنة “افني حيفتس” جنوب غرب عنبتا على أراضي جبلية تمت مصادرتها من أهالي بلدة كفر اللبد، وتعاني منطقة واد الشعير حاليا من وجود هاتين المستوطنتين الواقعتين على مرتفعات استراتيجية تطل على المنطقة من جميع الجهات حيث تسيطران على جميع مداخل المنطقة من جهتي الجنوب والشرق. ووضعت سلطات الاحتلال حاجز رئيسي دائم شرق البلدة سمي بـ حاجز عناب الذي أصبح بمثابة البوابة الرئيسية لمنطقة شمال الضفة الغربية.حيث يقوم الجنود الإسرائيليون أحياناً بمنع المواطنين من اجتيازه.