د. ميساء الخواجا تتحدّث عن خطاب الهامش في رواية “سجين الزرقة” بصالون فاطمة العلياني

سلطنة عمان | خاص

استمرارًا للجهود الثقافية لصالون فاطمة العلياني الأدبي، ودعمًا للأدب النسوي العماني، أقام الصالون أمسية ثقافية استضاف فيها الناقدة السعودية  دكتورة ميساء الخواجا، وأدارت  الجلسة الدكتورة فوزية الفهدي، قدمت  الدكتورة ميساء خلال الجلسة قراءة بعنوان خطاب الهامش في رواية “سجين الزرقة” لشريفة التوبي، تحدثت فيها عن الخطاب في الرواية وذكرت في ملخص القراءة ما يلي: يشتغل الفضاء الاجتماعي في العادة، وكما يرى الباحثون في علم الاجتماع، على إرادة التمييز بين الأفراد والجماعات، بمعنى امتلاك هوية اجتماعية خاصة تسمح بوجودنا الاجتماعي ، ويتعلق الأمر قبل كل شيء باعتراف الآخرين بنا وبذلك نكتسب أهمية مرئية ، ويكون لنا “معنى” على حد تعبير بيير بورديو. وغالبا ما تقوم  الهوية الاجتماعية على اللقب العائلي وعلى الانتساب إلى عائلة، أو الانتماء إلى أصل وعلى الجنسية والمهنة والدين والطبقة الاجتماعية، وهي انتماءات تعطي للأفراد علامات أن يكونوا موجودين اجتماعيا.

وفي كل ثقافة تهيمن مجموعة من المنظومات المعلنة أو المضمرة التي تحكم سير أفراد تلك الجماعة وتحدد انتماءاتها وأنظمتها، وغالبا ما تنتج الفئة المهيمنة أنساقها الخاصة التي تبرر سلطتها وقيمها، والتي تتحول إلى ثقافة شرعية مسيطرة وقسرية وذات طبيعة اجتماعية، وقد لا تكون مستخلصة من أي مبدأ كوني أو طبيعي أو بيولوجي، أو أي مبرر منطقي يبرر هيمنتها. وقد تعارف عدد من الباحثين على وصف الثقافة المهيمنة بثقافة المركز التي تنتج خطابها الخاص في مقابل ما يسمى بثقافة الهامش التي تسعى بدورها إلى صياغة خطابها الخاص بها أو إلى الانضواء تحت خطاب المركز والتماهي معه .
إن فكرة التهميش قديمة قدم البشرية، وهي إحدى الثيمات التي تناولها الأدب على مر العصور سواء كان المهمش حاكيا أو محكيا عنه.  والتهميش في الأدب، وفي احد تعريفاته ، هو أن يصير المهمشون موضوعا للسرد يسعى الأدباء إلى أن يلتفتوا فيه إلى المسكوت عنه ، وإلى اللامقبول في المجتمع ، ويجعلونه موضوعا لهم، لتصير الكتابة وسيلة مقاومة للدونية والإبعاد والإقصاء. فيشتغل السرد على رؤية متصلة بالواقع المعيش وبالسياقات التي أنتجت كتابة ترتكز على فضح آليات الإقصاء ومظاهره وتشتغل على المضمرات النصية والمناطق المسكوت عنها.

وكما يرى ميشيل فوكو فإن إنتاج الخطاب في أي مجتمع هو إنتاج مراقب ومنظم ويعاد توزيعه من خلال عدد من الإجراءات التي يكون دورها هو الحد من سلطته ومخاطره ، ويرجع ذلك إلى أن الخطاب ليس عنصرا شفافا أو محايدا ، فهو المنطقة التي تُمارس فيها السلطة والرغبة.

وهو ليس فقط ما يترجم الصراعات أو أنظمة السيطرة، لكنه ما نصارع من أجله وما نصارع به، وهو السلطة التي نحاول الاستيلاء عليها. وهو ما جعل الناس يعرفون أنه ليس من حقهم قول كل شيء، وأن هناك خصوصية تمنح للذات المتحدثة.

وذلك يعيد إلى الذهن ما طرحته النسويات حول أهمية الكتابة بالنسبة إلى المرأة حيث تعيد إنتاج ذاتها ولا تكتفي بأن تكون مجرد محكي عنه ، فامتلاك الخطاب هو امتلاك للسلطة في حقيقة الأمر.

والخطاب الروائي النسائي هو أحد أشكال الخطاب التي تحاور فيها المرأة الواقع وتبرز تناقضاته، ويمكن أن تعبر من خلاله عن موقعها وكينونتها، وقد تنشق فيه عن الخطاب السائد والمهيمن، وتدخل مناطق المسكوت عنه لتجادل أنماط الهيمنة، ومكامن سلطة الثقافة .
تسعى هذه الورقة إلى تناول خطاب المهمش في رواية “سجين الزرقة” للكاتبة العمانية شريفة التوبي التي تناولت فيها بعض المناطق المسكوت عنها في المجتمع.

ومن ثم تحاول الإجابة عن سؤال مركزي: كيف كتبت المرأة باعتبارها هامشا خطابها المضاد لثقافة المركز، وكيف بنت ذلك الخطاب على تمثيل المهمشين في المجتمع، تحديدا  المرأة ومجهولي النسب؟ ويتفرع منه تساؤلات ترتبط بالتمثيل الفني والثيمات المهيمنة ، فكيف تم تمثيل ذلك الخطاب في العمل الروائي عبر  آليات لغوية، واختيارات فنية ترتبط باختيار السارد ووجهات النظر ونماذج الشخصيات، وهل تبني تلك الآليات خطابها المضاد الذي يعمل على كشف آليات الإقصاء ويحاور الأنساق الثقافية المهيمنة التي يمارسها المجتمع ضد تلك الفئات المهمشة التي جعلتها صامتة أو عاجزة عن النطق ، وكيف تنقلها من الهامش إلى المركز وتضعها في واجهة السرد صوتا وموضوعا حين تسلمها زمام الحكي ، لتواجه من خلالها ومن خلال خطابها الفني أنظمة القوة وسلطة الثقافة وأليات القمع الصريحة والرمزية.

هل كانت هذه الرواية خطابا مضادا يعبر عن وعي فني وامتلاك لزمام الكتابة الروائية أم كانت مجرد صرخة تعبر عن صوت المهمشين لا أكثر؟ هي أسئلة تحاول الورقة الإجابة عنها ضمن مشروع يسعى إلى النظر في الكتابة الروائية النسائية وكيف تعيد المرأة فيها صياغة ذاتها ووعيها بكينونتها .
كما شارك دكتور محمد المهري بمداخلة لرؤيته عن الرواية، وتفاعل المتابعون من خلال مشاركتهم بطرح الأسئلة حول الرواية ومن بينهم: د. سعد التميمي، والشاعر عبد الرزاق الربيعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى