المرجعية وأهميتها والصراع حولها.. المسألة الدينية والمدنية (1)

د. أحمد حسين عثمان | دكتوراه في الفكر المقارن – مصر

لوحة بالصحراء للفنان دينيه إيتيان 

حينما يجرنا الحديث عن القوة الاجتماعية، فإنها تعني هذا الكيان المكون من نمط فكري يختلف داخل نطاق يجمعها، وإن مسألة الدينية أو المدنية التي أحدثت رجة فكرية بين الجيل الذي يتعلق بأحبال الثقافة ، ويريد أن يبحث عن ملاذ يفرغ فيه كل ما يتفجر عنده من طاقات- لا تتعلق بالسياسات، ولكنها تتعلق بما يعلو على السياسة ؛ لأنها تتعلق بالوضع الثقافي العام الجامع للقوى، والذي لابد أن يكون محافظا على تماسكه دون أن تمتد يد الخلاف إليه بشكل أو بآخر، ودون أيضا أن يحاول نمط فكري دخيل أن بفترض وجود ذاته بعيدا عن هذا الإطار .
إنه يستحيل فرض أي أمر على القوى الاجتماعية مخالفا لثقافتها على سبيل الدوام ، والدليل على أن ذاك الأمر هو المحرك لكل حدث أن عقب الثورات لم تكن المعركة ناشبة بين فصيل وآخر حول الشكل السياسي، ولكن تم الاستقطاب بين القوى السياسية على ما هو فوق السياسيات .(بين الرجل المدني والديني).
أي أن ساحة الصراع التي كان من المفترض أن تتم حول التنظيم الديمقراطي والبناء الاقتصادي ، نجح الإعلام بشكل أو بآخر أن يجعلها صراعا بين المسألة الدينية والمدنية باعتبارهما ضدان لا يجتمعان ، وأقنع -مستغلا الفقر الثقافي- بأن المسألة الدينية لا تقوم إلا عن طريق دهس المدنية وما حققته عبر تاريخها .
وأظن أن هذا الصراع من مصلحة الكثيرين أن يبقى لأمرين : الأول إزاحة النظر عن أن يقيم المجتمع الممارسات المدنية إلى المحافظة على وجودها مهما كانت سيئة ، والثاني : أن يجعلها فزاعة وثوبا أسود على جسد كل من يفكر في عملية البناء المجتمعي على أعمدة العدل .

(يتبع).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى