لتتوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأسيرات والأسرى
علي أبوهلال | محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي – فلسطين
تواصل قوات الاحتلال وسلطات إدارات السجون اعتداءاتها على الأسرى والأسيرات، في انتهاك صارخ لكرامتهم ولحقوقهم التي تكفلها لهم اتفاقية جنيف الثالثة بشأن الأسرى لعام 1944، ولمبادئ الشرعة الدولية لحقوق الانسان.
وفي هذا الإطار تواجه الأسيرات عمليات تنكيل يومية منظمة، ومنها عمليات النقل المتكررة عبر “البوسطة”، عدا عن الظروف القاسية التي تفرض عليهن، والتي تبدأ منذ لحظة الاعتقال الأولى. علمًا أن قوات “النحشون” تُعتبر من أكثر القوات عنفًا، حيث سُجلت العديد من الاعتداءات بحقّ الأسرى والأسيرات خلال عمليات نقلهم، تسببت في بعض الحالات بإصابات بالغة في صفوف الأسرى والأسيرات. وعمليات النقل للأسرى هي جزء من عمليات التنكيل المنهجية التي ترافق الأسير خلال عملية نقله عبر “البوسطة”، والتي يسميها الأسرى بـ”رحلة العذاب”. كما يواصل الاحتلال منع زيارة الأسيرات منذ أكثر من 3 شهور بحجة عملية نفق الحرية وإصلاح غرفة الزيارة.
واعتدت قوات القمع الإسرائيلية “النحشون”، مساء يوم الخميس الماضي 16/12/2021، على أسيرة مقدسية، أثناء نقلها عبر “البوسطة”، خلال توجهها للمحكمة، وعزلت الأسيرات مرح بكير وشروق دويات ومنى قعدان وسط حالة من التوتر سادت سجن الدامون، دون معرفة الأسباب.
فيما أكد مكتب إعلام الأسرى أن عناصر شرطة السجن قاموا بعزل الأسيرات في سابقة خطيرة حيث انهن ممثلات الأسيرات أمام إدارة السجن، وهذا لم يحدث سابقاً ان تعزل الإدارة من تمثل الأسيرات.
الأسيرة “شروق دويات” من صور باهر بالقدس المحتلة، كانت اعتقلت بتاريخ 7/10/2015، بعد إطلاق النار عليها وإصابتها بالرصاص إصابة خطرة، ووجه لها الاحتلال تهمة محاولة طعن لمستوطن، وبعد عام ونصف من اعتقالها أصدرت بحقها محكمة الاحتلال حكما قاسياً بالسجن لمدة 16 عاماً، حيث تعتبر أعلى الأسيرات حكماً.
بينما الأسيرة مرح جودت بكير كانت اعتقلت في أكتوبر 2015 بعد إطلاق النار عليها وأصيبت في يدها اليسرى بعشر طلقات أدت إلى عدة كسور، نقلت على إثرها إلى مستشفى هداسا عين كارم، ومكثت فيه 22 يوما لتلقي العلاج مقيدة الأيدي والأرجل في سريرها، وأصدرت بحقها محكمة الاحتلال حكماً بالسجن لمدة 8 سنوات ونصف بحجة تنفيذ عملية طعن. ويذكر أن عدد الأسيرات في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية تشرين الثاني الماضي 32 أسيرة، يقبعن في سجن “الدامون”.
وشهدت سجون الاحتلال حالة من الغضب والتوتر الشديد على خلفية هذه الهجمة المنظمة من القمع والتنكيل التي تشنها إدارة السجون ضد الأسيرات، وسط حالة من الاستنفار بين صفوف الأسرى وإغلاق للأقسام في السجون، في حين يمتنع الأسرى عن الخروج من الغرف للفحص الأمني وينذرون بإجراءات تصعيدية أخرى. وقد حمّلت هيئات الأسرى إدارة سجون الاحتلال مسؤولية ما يجري بحق الأسيرات والأسرى، لافتة إلى أنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي عمل ممكن أن يحدث داخل السجون.
وأفادت مصادر إعلامية خاصة بالأسرى بأن الأسرى في السجون سيتخذون خطوات تصعيدية أخرى سيعلن عنها لاحقا في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه. وأوضحت هذه المصادر أن الأسرى يرتدون زي السجن تعبيرا على استعدادهم لأي طارئ في سجون الاحتلال على خلفية الهجمة الممنهجة التي تشنها إدارة السجون على الأسيرات.
إن الاعتداءات وعمليات التنكيل التي تنتهجها قوات الاحتلال وسلطات السجون ضد الأسرى والأسيرات هذه الأيام تتزامن مع تصويت الكنيست الإسرائيلي على ثلاثة قوانين ضد الأسرى خلال الأسبوع الماضي، فقد صوت الكنيست الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 14/12/2021، على تمرير ثلاثة قوانين عنصرية تستهدف الأسرى الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال، وتمس حقوق الفلسطينيين، وتوسع من صلاحيات جيش وشرطة الاحتلال الاسرائيلي. وتم التصويت بالقراءة الأولى على قانون يتيح تعزيز قوات ما تسمى بمصلحة السجون بقوات من جيش الاحتلال، وذلك بهدف قمع الأسرى في السجون، وتضييق الخناق عليهم.
كما جرى التصويت على تشريع آخر يتيح لجيش الاحتلال، ارسال قوات تعزيزية خاصة لشرطة الاحتلال، وذلك تحت إطار ما أسماه القانون “خدمة أهداف قومية”. اما القانون الثالث، فيستهدف المجتمع الفلسطيني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، حيث يتيح اقتحام جيش وشرطة الاحتلال للمنازل وتفتيشها، دون الحصول على أمر من المحكمة.
كما نفّذت عمليات تنكيل متتالية بحقّ الأسيرات استمرت لأيام وما تزال، تمثلت بالاعتداء عليهن بالضرب المبرّح وسحلهن، وإصابة بعضهن بجروح طفيفة، علما أن الأسيرات واجهن عمليات التّنكيل بالطرق على الأبواب، وإرجاع وجبات الطعام، ورفض قوانين الّسجن. وأن عمليات قمع متكررة جرت بحقّ الأسيرات، وتم قطع الكهرباء عنهن، وخلال عمليات الاعتداء المتكررة تم نزع الحجاب عن رؤوس بعضهن، وإحدى الأسيرات فقدت الوعي خلال عمليات القمع، كما تواصل إدارة السّجن تهديدهن برش الغاز داخل الغرف. ويذكر أن عملية التّنكيل التي نفّذتها إدارة السّجن، جرت بعد أن رفضت الأسيرات إجراءات جديدة أعلنت عنها الإدارة بحقّهن، كما فُرضت عقوبات جماعية بحقّهن تمثلت بحرمانهن من “الكانتينا” والزيارات، وفرض غرامات مالية.
إن هذه الهجمة المسعورة التي تشنها قوات الاحتلال وسلطات السجون ضد الأسيرات والأسرى، والتي تنذر بمزيد من التوتر في أوساطهم، تقتضي تنظيم المزيد من الفعاليات والتحركات الشعبية المناصرة للأسيرات والأسرى للدفاع عن حقوقهم التي تكفلها لهم المواثيق والاتفاقيات الدولية وشرعة حقوق الانسان.