إسرائيل وحرب أوكرانيا: تهديدات وفرص
نهاد أبو غوش | فلسطين
شبّه الكاتب تسفي برئيل موقف إسرائيل من الحرب الروسية على أوكرانيا بأنه أشبه بالسير على خيط رفيع حادّ ومميت، يمتد بين القدس وموسكو، وقال في مقال له بصحيفة هآرتس بتاريخ 2/3/2022 بأن هذا الحبل بات يهدد بخنق إسرائيل التي هي من وضعته حول عنقها حين عقدت حلفا عسكريا مع روسيا، أو أبرمت معها تفاهمات، بشأن حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا. مصادر إعلامية وسياسية كثيرة اخرى انتقدت الموقف الإسرائيلي الصامت والمتلعثم، والمتردد الذي يُشبه محاولة فرد ما السير بين حبات المطر من دون أن يبتل، بينما اوساط أخرى إعلامية وعسكرية دعمت موقف الحياد. واللافت أن الانتقادات الجادة للموقف الرمادي صدرت عن أوساط مدنية وإعلامية مستقلة، وليس عن المعارضة السياسية بقيادة حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو، والتي اعتادت النفخ في كل خلاف مهما كان صغيرا أو كبيرا، وتوظيفه لإسقاط حكومة بينيت- لابيد، كما أن الحرج والتردد شملا مختلف أطراف الائتلاف الحكومي، ما يؤكد أن هذا الموقف أملته مصالح وحسابات سياسية معقدة، وليس مجرد اجتهادات في الرأي.
المصالح والأخلاق
ليس ثمة خلاف في عالم اليوم، على أن المصالح وحدها، وقبل اي اعتبار آخر، هي التي تحدد المواقف السياسية للدول والأحزاب وحتى الأفراد. ولذلك تتداخل حسابات إسرائيل وتتعارض مع بعضها البعض في ضوء الخشية من إغضاب أي من حلفائها الاستراتيجيين وحتى شركائها التجاريين الحاليين والمحتملين، فكل موقف يحمل معه ثمنا قد يكون باهظا في حال إغضاب حليف مهم، وقد ترافق هذه المواقف أخطار جديدة، لكن حدود هذا الارتباك يظل مرتبطا بأمد استمرار الحرب ونتائجها المباشرة والبعيدة سواء على التوازنات العسكرية والجيوسياسية، أو على القدرات الاقتصادية لمختلف الأطراف.
كثير من السياسيين والمحللين يفضلون مواصلة تجميل مواقفهم بعبارات منمقة عن المبادىء والمواقف الأخلاقية، هذه هي حال عدد من المحللين السياسيين في إسرائيل، فرئيس الاستخبارات العسكرية السابق والجنرال في الاحتياط عاموس يادلين يرى في مقال مشترك مع الباحث أودي افيتال نشره موقع N12 في الأول من آذار، أن مشكلة الموقف الإسرائيلي من الحرب على أوكرانيا تتخلص في التناقض بين المصالح التي تميل إلى جانب روسيا، وبين واجب إسرائيل “الأخلاقي” الذي يلزمها بالوقوف إلى جانب الغرب والولايات المتحدة لكونها ” دولة تتباهى بطابعها الديمقراطي، وبسيادة القانون، وحقوق الإنسان وحرية الصحافة”. ومع أن الكاتبين المرموقين يقرّان في السياق أن الموضوع ليس مجرد انحياز “أخلاقي”، ذلك أن “مصالح” إسرائيل تملي عليها كما يفهم من المقال الوقوف دائما إلى جانب حليفتها الأساسية، وأحيانا الوحيدة، أي الولايات المتحدة، يفسر الكاتبان سبب الارتباك بوجود مصالح سياسية وأمنية وعسكرية راهنة أبرزها الحاجة إلى ضمان الصمت الروسي عن “حرية العمل” الإسرائيلي في سوريا، وبشكل أكثر تحديدا حرية ضرب الأهداف الإيرانية ومحاولات الخصم الإيراني اللدود بناء قواعد له في سوريا ولبنان ومن ضمن ذلك استمرار تدفق الأسلحة والعتاد الإيراني لحزب الله.
من الواضح أن ثمة أسبابا موضوعية وواقعية جدية وراء الارتباك الإسرائيلي في تحديد موقف حاسم وسريع كما فعلت دول أوروبا الغربية جميعها في إدانتها لروسيا وانحيازها لأوكرانيا، فمع أن إسرائيل لا يمكنها أن تقايض ولا حتى أن تقارن علاقتها العضوية والاستثنائية بطبيعتها مع الولايات المتحدة، بأية علاقة أخرى مهما بدت هذه العلاقة الأخيرة متميزة أو حميمة، وقد نجحت إسرائيل خلال العقود الثلاثة الأخيرة ( أي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية وبدء مسيرة التسوية في الشرق الأوسط) في بناء علاقات جيدة ومرشحة للتحسن باطّراد مع دول ومجموعات كانت في وقت مضى مصنفة ضمن الخندق المعادي للغرب ولإسرائيل، وشمل هذا الانفتاح في العلاقات كلا من روسيا والصين ودولا عديدة في افريقيا وآسيا، لكن العلاقات مع روسيا بالتحديد اتسعت لتشمل التعاون في مختلف جوانب العلاقات السياسية والتجارية والسياحية والثقافية والعلمية، وليس أدلّ على تميّز هذه العلاقات من قيام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو بنحو عشر زيارات لروسيا لأسباب مختلفة متباهيا بصداقته الشخصية مع الرئيس فلايديمير بوتين. وإذا كانت “التفاهمات” الروسية الإسرائيلية بشأن حرية عمل الطيران الإسرائيلي في أجواء سوريا هي الأبرز في هذه العلاقات فإن الجوانب الأخرى التجارية والعلمية لا يمكن التقليل من شأنها مع ارتفاع حجم التبادل التجاري بين إسرائيل وروسيا من بضع عشرات ملايين الدولارات سنويا في مطلع التسعينات، إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا خلال السنوات الأخيرة. وهذا الاتجاه كان مرشحا للاتساع قبل استفحال أزمة أوكرانيا الأخيرة في ضوء تقديرات متزايدة لدى الساسة الإسرائيليين أن روسيا باتت تلعب دورا مركزيا وحاسما في الشرق الأوسط، ولا بد من استرضائها والتفاهم معها وبخاصة في ظل حالة الانكفاء الأميركية عن هذه المنطقة، وبعد تعقيدات التورط الأميركي في أفغانستان والعراق وسوريا، وانسحاباتها غير المنسقة مع حلفائها المحليين.
هامش مناورة وغموض محدود
لم يكن تطور العلاقات الإسرائيلية مع كل من روسيا والصين بمعزل عن الرقابة الأميركية اللصيقة والمشددة، ويمكن الافتراض أن واشنطن كانت تسمح بهامش من حرية العمل والتعاون الإسرائيلي مع هاتين القوتين العظميين شريطة عدم الإضرار بالمصالح الأميركية وتحديدا في مجالي الأمن ونقل التكنولوجيا، فحق النقض (الفيتو) الأميركي على أي اتجاه غير مرغوب لتطور هذه العلاقات هو أمر محسوم ومسلّم به من قبل إسرائيل، حيث سبق للولايات المتحدة أن اعترضت وعرقلت عدة صفقات مجزية بين إسرائيل والصين خشية اطلاع الأخيرة على أسرار التكنولوجيا الأميركية، وتحسين قدراتها العسكرية بشكل نوعي في مواجهة الولايات المتحدة، وكانت من ضمن هذه الصفقات التي أبطلتها واشنطن صفقة تزويد الصين بأنظمة إنذار مبكر، ومعدات ذكية تستخدم في جمع المعلومات، بالإضافة إلى عرقلة قيام إسرائيل بتسليم إدارة ميناء حيفا الإسرائيلي لشركة صينية.
من المعروف أن علاقات إسرائيل مع أوكرانيا التي ينحدر منها عدد من أبرز قادة الحركة الصهيونية ومؤسسي دولة إسرائيل، هي علاقات ممتازة كذلك لأسباب كثيرة من بينها طبيعة القيادة الأوكرانية الحالية وتعاطفها الصريح مع إسرائيل، ووجود نحو مئتي ألف إسرائيلي من أصل أوكراني، وانفتاح هذا البلد كغيره من بلدان اوروبا الشرقية أمام الاستثمارات ومختلف أشكال النفوذ والتأثير الإسرائيلي، وهذه العلاقات الجيدة مع الطرفين هي التي شجعت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على اقتراح توسط إسرائيل بين روسيا وأوكرانيا، ومع أن هذا الاقتراح جاء في الوقت الضائع ولا يتناسب قطعيا مع حجم المشكلة، إلا أن بعض المسؤولين في إسرائيل وجدوا فيه ما يعزز موقف الحذر والحياد والتردد.
سبق لإسرائيل أن ناورت وتملصت من اتخاذ موقف واضح حتى لا تغضب أحدا من أصدقائها في موقف مشابه، وبالتحديد عندما تغيبت عن حضور جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة اثناء مناقشة قضية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، أثار هذا الموقف غضب الولايات المتحدة واوروبا، لكن إسرائيل تذرعت في ذلك الحين بأن غيابها عن جلسة التصويت كان بسبب إضراب موظفي وزارة الخارجية. من الصعب تصور قدرة إسرائيل على مواصلة التهرب من اتخاذ موقف واضح في صراع قاس وطويل كهذه الحرب الجارية في أوكرانيا حاليا، مع أن ثمة أصواتا مؤثرة وتحديدا من قيادة الجيش، بحسب يديعوت أحرونوت في عددها ليوم الجمعة 4/3/2022 تواصل حض رئيس الوزراء نفتالي بينيت على اتباع سياسة حياد تجاه حرب أوكرانيا، وسط رهان بأن الولايات المتحدة سوف تتفهم هذا الموقف، لأن روسيا هي عمليا جارة لإسرائيل بسبب وجودها ونفوذها في سوريا.
دعوات الحذر والحياد هذه تأتي مع ارتفاع اصوات أخرى من داخل المجلس الوزاري المصغر تدعو لاتخاذ مواقف واضحة في تأييدها لأوكرانيا والغرب، إزاء ذلك تعمد إسرائيل إلى اتخاذ مواقف لا تكلفها كثيرا من قبيل التصويت إلى جانب مشروع القرار الغربي في الأمم المتحدة، ومواصلة الاتصالات مع القيادتين الروسية والأوكرانية، واقتراح تقديم مساعدات إنسانية، واستقبال “رمزي” لعدد من المهاجرين الأوكرانيين لا يتجاوز العشرات، لكن ما غطى على هذه اللفتة “الإنسانية”، هي المعاملة الفظة التي تعرض لها عشرات الأوكرانيين من غير اليهود الذين أعيدوا على أعقابهم بعد احتجازهم لساعات طويلة في مطار اللد.
وفيما يهتز العالم بأسره على وقع القذائف والصواريخ التي تتساقط على أوكرانيا، ويخشى كثيرون من تدحرج الأوضاع إلى تصعيد أوسع، قد تجر العالم إلى مواجهات لا يمكن توقع مداها، وحيث باتت كل دولة، بل وكل منشأة وعائلة تتفقد ما لديها من مخزون الأغذية وخاصة القمح الذي تنتجه كل من روسيا وأوكرانيا، تبين أن ثمة من بدأ في حساب قوائم الفرص والتهديدات التي يحملها هذا الوضع الجديد واحتمالات تطوره المستقبلية، مع الأخذ بالحسبان أن مدى تأثر أي دولة أو مجتمع يرتبط بمدى قوة اقتصادها وقدرتها على تأمين حاجاتها الأساسية من موارد محلية او خارجية.
من الطبيعي ان تواجه إسرائيل مثلما تواجه كل دول العالم اضطرابا في انتظام سلاسل التوريد وخاصة في مجال الأغذية والمواد الأولية، وهذه الحالة خبرها العالم قبل فترة وجيزة عند انتشار جائحة كورونا حيث غلبت الأولويات المحلية والوطنية لكل دولة على التزاماتها في التعامل مع الآخرين، ولكن يمكن القول أن هذا التأثير للحرب على أوكرانيا مؤقت ويمكن تجاوزه لطالما أنها لم تتعد حدودها الحالية سواء جغرافيا أو لجهة نوع الأسلحة.
دروس ثمينة وفرص أثمن
على المستوى العسكري يبدو أن الدرس الأهم الذي سارع العسكريون الإسرائيليون إلى استخلاصه هو أن إسرائيل يجب أن تعتمد على نفسها في المقام الأول، وقال الجنرال في الاحتياط اسحق بريك الذي شغل سابقا منصب قائد فرقة، ومسؤول الكلية العسكرية، في مقال نشره في جريدة هآرتس بتاريخ 2/3/2022 أنه قلق جدا مما يجري حيث أن إسرائيل تواجه مخاطر متزايدة، وهي تواجه تهديدا وجوديا هو الأكبر منذ العام 1948، وقال معلقا على حرب اوكرانيا “الغرب يقف جانبا ولا يمد يد العون لهذا البلد، في ساعة الاختبار سوف نكون لوحدنا، وسنواجه مصيرنا، لذلك نحن لسنا مستعدين”.
وانتقد بريك خطة تقليص عدد القوات البرية للجيش الإسرائيلي مقابل زيادة الاعتماد على التكنولوجيا، بينما تتعاظم قوة المحيطين بإسرائيل حيث عدد ما تفعله كل من إيران وسوريا وحزب الله وحماس في مجال تعزيز قدراتها العسكرية وزيادة عديد قواتها، وقال أن إسرائيل انشغلت طيلة الفترة الماضية بنسبة 90% بما أسماه “المعارك بين الحروب”، ولم تخصص وقتا ولا مواردَ لمواجهة حرب مقبلة متعددة الساحات.
من بين المستفيدين بشكل مباشر من اندلاع الحرب الدول المصدرة للنفط والغاز، ومنتجي الحبوب، لكن أكثر من يفرك يديه فرحا احتفالا بالحرب هي شركات إنتاج السلاح ومن بينها الشركات الإسرائيلية كما يوضح تقرير نشرته جريدة “ذي ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية في الثامن والعشرين من شباط/ فبراير الماضي، ويرصد معد التقرير يورام جبيزون ارتفاع أسهم شركات تصنيع السلاح العالمية ومن بينها الشركات الإسرائيلية الثلاث “رفائيل” و”الصناعات الجوية” و” البيت” التي ارتفعت اسهما بين 10-18 خلال اليام الثلاثة الأولى فقط من الحرب، ومن المتوقع أن تشهد هذه الصناعات وأسهمها مزيدا من الارتفاع . وعزا التقرير ما أسماه بالارتفاع الجنوني في الطلب على منتجات السلاح إلى قرار ألمانيا بمضاعفة ميزانية الدفاع لديها لتصل إلى مئة مليار دولار كما أوضح المستشار الألماني اولاف شولتس في خطابه الأخير امام البوندستاغ، ونقل الكاتب عن مصادر مقربة من صناعة السلاح الإسرائيلية أن الدول الأكثر إقبالا للتزود بالأسلحة هي تلك القريبة من ساحات الحرب وهي هنغاريا وبلغاريا وجمهورية التشيك ورومانيا وسلوفاكيا والسويد، وأضاف التقرير أن هذه الدول باتت معنية بالتزود بطائرات من دون طيار، وأنظمة حربية اليكترونية، وانظمة سيطرة ورقابة واتصالات وتسليح في أسرع وقت ممكن، لكن الأمر لا يقتصر على الدول المجاورة لروسيا والتي توصف بأنها في “الضواحي” بل تشمل الدول القوية في وسط وغرب القارة مثل ألمانيا التي سبق لها أن تزودت باجهزة ومعدات قتال ومنظومات اتصال وأجهزة رؤية ليلية وغيرها من منتتجات السلاح الإسرائيلية.
وتوقع التقرير عينه أن يمتد ارتفاع الطلب على الأسلحة والمعدات العسكرية ليشمل مختلف دول العالم وخاصة الدول التي تواجه تهديدات مباشرة أو محتملة مثل استراليا واليابان وكوريا الجنوبية التي تراقب ضغط الصين على تايوان، وتتحسب من تبعات ذلك عليها في المستقبل.
القضية الفلسطينية
وعلى صعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المباشر، يرى معظم المحللين الفلسطينيين أن نشوب أية أزمات دولية وإقليمية يصب في مصلحة إسرائيل التي تسعى دائما إلى تهميش القضية الفلسطينية واعتبارها مجرد شأن إسرائيلي، وقد ثبت ذلك مع نشوب الأزمات الداخلية في عدد من البلدان العربية بدءا من العراق ومرورا بالبلدان التي شهدت موجات الربيع العربي ثم غرقت في حروب أهلية مثل ليبيا وسوريا واليمن، فمع كل تلك الأزمات تراجعت مكانة القضية الفلسطينية، بل بدت الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين مجرد حوادث صغيرة قياسا بحمامات الدم في الدول العربية.
كما يحذر عدد من المحللين الفلسطينيين من إمكان قيام إسرائيل باستغلال حالة الانشغال العالمية بأوكرانيا لتنفيذ مخططات مقرّة ولكن تنفيذها مؤجّل خشية ردود الفعل الدولية، ومن بين هذه المشاريع مخطط اقتطاع جزء من المسجد الأقصى وتنفيذ التقسيم الزماني والمكاني، وضم المستوطنات القريبة من القدس وخاصة منطقة E1 لمنطقة نفوذ البلدية، وتنفيذ عدد من المشاريع الاستيطانية الكبرى، في المقابل ذكرت مصادر صحفية إسرائيلية أن الأمر لن يكون بمثل هذه السهولة حيث سبق للسفارة الأميركية أن حذرت مؤخرا من مخطط تهجير سكان حي الشيخ جراح، وتؤكد تلك المصادر أن الولايات المتحدة حريصة في هذا الوقت على حشد أكبر تأييد دولي لمواقفها من روسيا والعقوبات المفروضة عليها بسبب اجتياح اوكرانيا.
ومن الفوائد التي يمكن أن تجنيها إسرائيل من الحرب على أوكرانيا، تعزيز نزعتها العسكرية الأمنية، وادعائها بالحاجة إلى حدود آمنة ومعترف بها ويمكن الدفاع عنها وهي الذريعة التي تستخدمها لضم مناطق واسعة في الضفة والسيطرة على الجولان السوري المحتل، بالإضافة إلى تمسكها بمطلب التفوق النوعي على جميع أعدائها الواقعيين والمحتملين، وكذلك رفضها أي شكل من اشكال الإفصاح أو الرقابة على الأسلحة النووية ورفضها التوقيع على معاهدة حظر انتشار السلحة النووية، وهذه النزعة تعفيها في الوقت نفسه من أية التزامات يمليها استئناف عملية التسوية.
كما أن الحرب على أوكرانيا جددت جهود تهجير يهود أوكرانيا إلى إسرائيل التي تواصل تصوير نفسها على أنها المكان الوحيد الآمن ليهود العالم، مع أن جهودا كهذه لا تبذل لجلب اليهود من الدول التي يوجد لهم فيها تأثير مهم كما هي الحال في الولايات المتحدة، وكما كانت الأمور في أوكرانيا حتى الرابع والعشرين من شباط الماضي.