فلسفة للتبرير، وليست للتنوير والتغيير
توفيق أبو شومر | فلسطين
شخصية المقال، نموذجٌ على نوعٍ جديد من الفلسفة، وهي الفلسفة التوظيفية السياسية، هذه الفلسفة الحديثة، لا تُنيرُ الفكر، وفق المفهوم الفلسفي الأكاديمي، بل تقود السياسيين إلى تنفيذ مخططاتهم الديكتاتورية والقمعية، بغطاءٍ فلسفيٍ برَّاقٍ!
فلسفة التبرير السياسية، هي أحدث مبتكرات عهد العولمة، وهي تتولى صياغة عقول الجماهير، وفقَ مخططات السياسة، وليس وفق مقتضيات التنوير العقلي.
شخصية المقال نموذج على عصر الفلسفة الوظيفية، شخصيةُ المقال ولدتْ في مدينة بني صاف الجزائرية عام 1948 في أسرة يهودية تنتمي إلى المحتلين الفرنسيين، إنه فيلسوف الثورات والانتفاضات، فيلسوف نظرية (تضليل التغيير) إنه، برنارد هنري ليفي المليونير صاحب شركة بيكوب، ومُنظِّر عصر العولمة! وهو ضمن أكثر خمسين شخصية يهودية مؤثِّرة في العالم أجمع!
يسميه الكاتب، باسكال بونيفاس، في كتابه (المثقفون المُزيَّفون) زعيم المضللين!، يقول عنه:
” المكارثي، الذي أقام سيرته على الأكاذيب، فهو يدعي الحرية، وهو في الوقت نفسه رئيس مجلس مراقبة شبكة ARTE الإعلامية منذ عام 1993 ، وهو يملك مجموعة من الأسهم في مجلة ليبرالسيون، وهو كاتب دائم في لوموند، وهو ضمن لجنة مراقبيها أيضا.
يستخدم علاقاتِه وأفكارَه لاتهام مخالفيه بالعداء للسامية، يخون مبادئه لأجل إسرائيل، فانتقاد حكومة إسرائيل عنده يدخل في تهمة العداء للسامية، سَمَّى القتلَ الذي مارسته إسرائيل خلال عملية (الرصاص المصبوب) 2008 في قطاع غزة، بأنها كانت (معركة لتحرير فلسطين من حماس)!!”
انتهى الاقتباس، ولم ينتهِ الحديث عن فلسفة برنارد الذرائعية الوظيفية، فهو عرَّاب انفصال بنغلادش عن باكستان فقد زارها 1971، وهو عرَّاب الأزمة في البوسنة والهرسك 1990 ، وهو الصديق المقرب جدا من الرئيس الفرنسي السابق، ساركوزي، وهو الذي أقنعه بتفكيك ليبيا، وهو اليوم يقود حملة جديدة في الساحة السينمائية بإنتاج فيلم (فريق صغير في الملعب) يُعرض في مهرجان كان السينمائي، يُصوِّر مواجهة البيشمركة الكردية لداعش، وقد جرى تصوير الفيلم في أرض العراق. وبرنارد هنري ليفي يؤيد قيام دولة كردية، ليس لينال الأكرادُ حريتهم واستقلالَهم، وهذا مطلبٌ مشروعٌ، ولكنه يستخدم المبرر المشروع من أجل تدمير وتفكيك منظومة، العراق، وسوريا، وتركيا، وإيران.
أخيرا، إن أبشعَ أدوار عصر العولمة، هو قيامُها بتفكيك الثقافة والفكر، لإفراغها من محتواها التنويري، لتصبح الثقافةُ خادمةً في قصور تُجَّار العولمة!
فالثقافة بمفهومها التنويري التوعوي، تُعتبرُ من معوِّقات عصر العولمة، وهذا التغيير الدراماتيكي يقوم على أساس، كنس بقايا الفكر التنويري، ثم إحلال فكر العولمة الوظيفي، فيتحول الأفراد من مجموعة (عقول) مختلفة، تتلاقح بالاختلاف، وتثرى بالحوار؛ إلى مجموعة (عجول) تقتتل على المرعي، وتسمن لتُذبح في النهاية في مجزرة العولمة الرهيبة!!