غريب عسقلاني” إبراهيم الزَّنط؛ الحكَّاءُ العسقلانيُّ في ذمَّةِ اللهِ
عبد السلام العطاري
عندما كانتِ الكتابةُ ندرةً، والكُتَّابُ كذلك، كنَّا نلتقطُ ما تيسَّرَ منها بشغفِ المُحِبِّ، وبلهفةٍ ورجفةٍ ودقَّاتِ القلب. أسماءٌ كبيرةٌ حفظناها، وحفظنا ما ذَكَرَت وسَرَدَت وحَكَت، فكانَ السَّاردُ الحكَّاءُ “غريب عسقلاني” أحدَ الأعلامِ الثَّقافيَّةِ النَّادرةِ التي قرأتُ لها في وعيِ الصَّبيِّ المريدِ للكتابِ المعتَّقِ؛ الكتابِ الذي عبر بين يدي الكثيرة قبلَ أن يقبضَ على شغفِ الرَّغبةِ للاطِّلاعِ؛ الكتابِ الذي كنتُ أرى فيهِ وجوهًا كثيرةً مَرَقَ من أمامِها، ونظراتٍ بحجمِ الحروفِ عالقةً على الهامشِ وبينَ السُّطورِ.
كانَ الحكَّاءُ العسقلانيُّ يصقلُنا بقصصِه وبسردِه الكاملِ التَّامِّ، وبلغتِه العجائبيَّةِ البسيطةِ السَّلِسَةِ الجميلةِ. كبرتُ والتَقَينا بعدَ صيفٍ وشتاءٍ وحَوْلٍ وأحوالٍ، وتصادقنا وتعلَّقتِ المحبَّةُ بينَ الطَّالبِ والأستاذِ، وتصاهرَ الوعيُ والفكرُ والثَّقافةُ الواحدةُ كي نكونَ على الدَّوامِ معًا، ولو كانَ سورُ الغولِ يفرِّقُ بينَنا، إلَّا أنَّنا كنَّا نسجِّلُ بالصَّوتِ استقرارَ المحبَّةِ التي سوفَ أظلُّ أشعلُ منها شمعةً تشي بظلِّها هنا. الغريب كان هنا، العسقلانيُّ باقٍ هناك.
عليكَ رحمةُ اللهِ تعالى وسلامُه يا الحبيب الغريب.