كاتب التاريخ.. السمات الشخصية والمهارات البحثية

د. إسلام إسماعيل أبو زيد | عضو اتحاد المؤرخين العرب
تتعد الصفات التي لابد أن تتوفر في الباحث الجيد في علم التاريخ تبعا لوجهات نظر العلماء ولطبيعة البحث التاريخي نذكر منها بعض الصفات التي تم الاتفاق عليها بين كثير من العلماء وهي:
1- امتلاك الرغبة والدافعية:
وهي أن يكون الباحث محبا لعملة شغوفا ببحثه حيث يعتمد عمل الباحث على الرغبة النابعة من داخله وانشغاله بقضية معينة واهتمامه به، ويجب أن تتناسب قضية البحث المختارة من جانب الباحث مع ميول الباحث وتوجهاته،ويكون مؤمنا بأهمية ما يبحث ليتمكن من بذل أقصى طاقاته لإعداد بحث مميز لكيلا يشعر بالملل أو يتعجل في الانتهاء من بحثه. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
2- الجـلَـد والصبر والأنــاة:
يجـــب أن يكون الباحث في علم التاريخ متحليا بقدر كبير من الجلد والصبر والأناة,إذ كثيرا ما يواجه الباحثَ في التاريخ أمور غامضة ومبهــمة أو بعض المعضلات في بحثه لا سيما ما يتصل منها بإيجاد علاقة علمية بين مقدمــات حدث ما وبين نتائجه وفي هذه الحال يكون الباحث الجاد مضطرا من باب المسؤولية إلى العودة للإطلاع مجددا على عدة مصادر واستخدام مختلف مناهج النقد والتحليل للكشف عن تلك الأمور الغامضة والمبهمة. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ(
2- الأمانة العلمية والموضوعية:
قد يقــع الباحث في علم التاريخ أحيانا تحت ضغوط شديدة سياسية أو حزبية أو دينية أو مذهبية وخاصة الذي يتصدى للكتابة في التاريخين الحديث والمعاصر , لذلك لابد للباحث بالتحلي بالأمانة العلمية والروح العلمية سواء كان ذلك في جمع مصادر بحثه ام في تأليفها وتفسيرها والسعي وراء الجاه والانتفاع المادي في ارضاء السلطة او الناس او الخوف من الكشف عن مبادئ الماضي والجوانب السلبية في تاريخه القومي. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
3- روح النقد
ينبغي أن يتصف الباحث بروح النقد وخاصة في عملية جمع المادة التاريخية؛لأن الانتـــماء السياسي أو الاجتماعي أو القومي أو الديني أو المذهبي للمؤلف غالبا ما ينعكس على آرائه وتحليلاته ومنهــجيته,وبهذا العمل يستطيع الباحث – عند عودته لأي مصدر أو مرجع – أن يميز فيهما بين الآراء الموضوعية والآراء الذاتية لأصحابها,ويفيد روح النقد كذلك في عملية الكتابة التاريخية,ذلك أن تحليل أي حدث تاريخي تحليلا نقديا من خلال تفــهم الظروف المحيطة بذلك الحدث والقوى التي صنعته. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
4 – القدرة على التنظيم والخيال العلمي
ينبغي أن يكون الباحث صاحب عقل واع ومنظم وله قدرة على التخيل العلمي,وذلك أن الأحداث التاريخية _ في تراكم أمام الباحث_ قد تختلط وتتداخل إذا لم تكن له مثل هذه العقلية المنظمة ذات خيال علمي قادر على سد الثغرات التي قد تنشــأ بين حدث تاريخي آخر،قادر على الإحاطة والمعرفــة بالأحوال وبالظروف المشابهة للحدث في جهات أو في أزمــنة أخرى ممــاثلة فتستعمل تلك المقارنة في باب الخيال العلمي لترجيح هذا الاستنتاج أو ذاك.
5- الدقة والتحديد:
إن بعض الباحثين يعانون من صعوبة صياغة بحوثهم بصورة دقيقة وبشكل سليم،والبعض أحياناً يتجهون إلى الخوض في أساليب ومواضيع بحثية لا يملكون الفهم أو الأدوات الكافية للتطرق إليها،لذلك يجب على الباحث أن يتمكن من فهم قضية البحث وتحديدها بشكل جيد، ملما بكل محاور بحثه لكي يستطيع أن تركيز جهوده على العناوين الرئيسة محددة ويلتزم بها بطريقة تجنبه الوقوع في فخ الغموض والتشتت أثناء إعداد بحثه. (سعد الحلواني ، 2002م.)
6- الذكاء والفطنة:
يجب أن يتحلى الباحث الجيد بالذكاء وسرعة البديهة،اللتان تمكنه من إعداد بحثه بشكل جيد والاستفادة من كافة الموارد البشرية والعلمية المتاحة أمامه،فيعرف بشكلٍ جدي كيفية الاستفادة من الأشخاص المتمرسين في إجراء وتقييم البحوث العلمية،ويسهل عليه إيجاد المصادر والمراجع التي سيبني عليها بحثه.
7- معرفة مناهج البحث:
تتعدد مناهج وطرق البحث في علم التاريخ ولكل حسب الموضوعات والأهداف الخاصة بكل قضية بحثية ولكل منهج طرقه وأساليبه وأدواته ومميزاته وعيوبه لذلك يجب أن يتوفر لدى الباحث معرفة بالمناهج البحثية في علم التاريخ وقادر على اختيار المنهج المناسب لبحثه،وأن يكون قادراً على تحليل النتائج،ومعرفة الطريقة السليمة للتأكد من صحتها.
8- التواضع والعزوف عن الشهرة والزهد في المناصب:
وهي صفات ضرورية تحمي الباحث وتقيه من شرور اللهث وراء الأضواء والتكالب على المناصب والحرص على البروز،لما في ذلك من تبديد لوقته الثمين،من ناحية،ولما يمكن أن تفرضه عليه من تنازلات ومن سلوك يتصف بالمحاباة والتزلف والتصنع،من ناحية أخرى، فيخرج بذلك عن إطار العلم ويعجز عن خدمة التاريخ خدمة منزهة. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
لابد للباحث في علم التاريخ أن يتحلى ببعض المهارات التي تساعده في عملية البحث والوصول للمعلومات أو كيفية تصنيفها وتنظيمها أو تحليلها وتفسيرها أو إخراجها ومن هذه المهارات.
مهارة الملاحظة:
وهي حسن توظيف واستخدام الحواس من أجل اتقان البحث التاريخي فهو يدقق الرؤية ويركز السمع واللمس ويفعل الشعور والفكر والإدراك،وعليه أن يقارن ويحلل ويعلل ويفسر ويطرح فكرة وينبذ أخرى ويجد علاقة ويبحث عن سبب وذلك عن وعي وإدراك قوى.
مهارة التصنيف والترتيب:
وهي مهارة أساسية لبناء الإطار المرجعي المعرفي للباحث الجيد ويقصد بالتصنيف عملية تصنيف المعلومات وتنظيمها وتبويبها وتقويمها،يقصد بالترتيب وضع المفاهيم أو الأشياء أو الأحداث التي ترتبط فيما بينها بصورة أو بأخرى في سياق متتابع وفقا لمعيار معين. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
مهارة المقارنة:
تعني المقارنة بين الأشياء والأفكار والأحداث وفق أوجه الشبه والاختلاف،والبحث عن نقاط الاختلاف والاتفاق وتحديد الفروق الظاهرة والكامنة بين الأشخاص والأحداث والمجتمعات.
مهارة التفسير:
هي عملية عقلية عالية المستوى تتأتى بعد جهد وصبر ومثابرة. ويقصد بها محاولة الوصول للأسباب الحقيقية لحدوث ظاهرة أو حدث ما والربط بين سبب ما ونتيجة ما ومحاولة الوصول للعوامل التي أدت وساعدت على تكوين حدث معين.
مهارة التلخيص:
هي القدرة على التوصل إلى الأفكار العامة أو الرئيسة والتعبير عنها بإيجاز ووضوح،وهي عملية تنطوي على قراءة ما بين السطور وتجريد وتنقيح وربط النقاط البارزة. (عبد العزيز الدوري، 1420هـ.)
مهارة التطبيق:
وتعني استخدام المفاهيم والقوانين والحقائق والنظريات التي سبق تعلمها لحل مشكلة تعرض له في موقف جديد،والتطبيق يرقى به إلى مستوى توظيف المعلومة في التعامل مع مواقف ومشكلات جديدة.