التفكير الخرافي والتفكير المنطقي

د . منى قابل

كلنا نستخدم عبارة فكر خارج الصندوق
هل سألتم أنفسكم ما المقصود بهذه العبارة؟
وهل تعرفون ما الذي كان داخل الصندوق ؟ وما علاقة هذه الجملة بالتفكير الخرافي والتفكير المنطقي؟

عام ١٩٤٧ نشرت دراسة
في مجلة Experimental psychology
تحدثت الدراسة عن تجربة أجراها العالم (سكنر) لاستكمال تجربته (صندوق سكنر ) لدراسة سلوك الحيوان
التجربة الحديثة كانت على الحمام.
إذ وضع حمامًا جائعًا جدا في صندوق عدة دقائق كل يوم، ولكن؛ بدلًا من وضع عتلة كما كان يفعل مع الفئران في السابق، وضع وعاء الطعام على مؤقِّت ليعطي الحبوب في أوقات مُنظمة، وبذلك يأخذ الحمام طعامه حسب جدول محدد بغض النظر عن سلوكه -أي الحمام- و تصرفاته، ولكنَّ الحمام لا يعلم بهذا بالتأكيد.

وجد سكنر أن الحمام يتصرف بطريقة غريبة!

طارت حمامة عكس عقارب الساعة بين أوقات التغذية، وأخرى -وفقًا للدراسة- ضربت رأسها بإحدى الزوايا العالية للقفص، وأخرى وضعت رأسها تحت القضبان ثم أخذت ترفعه رفعًا متكررًا، وحمامة أخرى كانت تنفذ حركة التقاط الطعام بالمنقار التقاطًا غير مكتمل؛ إذ لم يكن منقارها يلمس الأرض.

إنَّ الحمامات -كما خمن (سكنر)- تظهر إيمانًا بالخرافة، وتنفذ أفعالًا مختلفة معتقدة أنَّها تسبب نتائج حقيقية مثل عملية فتح المظلة عند الباب ومشاهدة مزهرية تسقط على الأرض تمامًا، ربطت الحمامات حركاتها وتصرفاتها المستقلة مع الحصول على الطعام على الرغم من أنَّ هذا الأخير كان مستقلًا تمامًا عن أي فعل.

وإذا أظهرت الحمامات إيمانًا بالخرافات، ماذا يخبرنا هذا بشأن سلوك الإنسان؟

ربما لا يوجد هناك شيء سحري عن فكرة الحظ،
أسيئًا كان أم جيدًا؟ فإحساسنا بأنَّنا نستطيع التحكم في مصيرنا عن طريق سلوكيات مستقلة تمامًا عن النتائج هو بسبب عملية ربطنا للأمور بصورة خاطئة في أدمغتنا فحسب.

والسؤال هنا: في حياتك اليومية، هل يربط عقلك الأمور استنادًا إلى الدلائل العقلية والمنطقية أم أنَّه يربطها استنادًا إلى تزامن حدوثها وحسب؟
والسؤال الأهم هل تقبل أن تظل لعبة في يد سكنر، تصدق خرافة قدرته وحده على منحك الطعام، وتنسى الأجنحة، تنسى الحرية؟تبقى حبيس جدران الصندوق وتترك له القرار، يمنع عنك الطعام ويتركك حتى يكاد الجوع يقتلك، ثم يمنحك الفتات، ويعود ثانية لغلق الصندوق.
يحركك ويتحكم بك كما يشاء، أم تعلن رفضك، وتفكر جديا خارج الصندوق؟والأحرى أن عليك أن تفكر في الخروج من الصندوق نفسه وهنا يبدأ التفكير المنطقي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى