مقال

أسد ابن ليث آل ضرغام

بقلم: سليمان التمياط | السعودية

‏في إحدى جلساتي العشوائية مع صبا ابنتي و نواف – ابني – هاجموني بسؤال مباغت عن حيواني المفضل ؟.
سؤال رغم عاديّته الظاهرة كان صادماً لي من حيث لايعلمون هم ولا أعلم أنا . فتح نافذةً كبيرةً للتفكير عن علاقتنا كبشر بما وبمن حولنا ومن ضمن ذلك الحيوانات وتحديداً غير الأليف منها ؛ لم أعرف حينها إن كنت قادراً على استقبال هواء هذه النافذة بشكل لائق أم لا .
مضت مدة بعد هذا السؤال إلى أن قرأت خبر الأسد الذي افترس صاحبة أو مدربه . أول ما خطر لي مباشرةً العبارة الشهيرة ” أخاف من الكلب يطلع لي أسد ” المتبوعة بضحكة عادل إمام الخاصة به الشهيرة في مسرحية {شاهد ماشافش حاجه} الشهيرة هي أيضاً . هذه الحادثة أيقظت تصوراً يتملكني منذ المبكر من مراحل عمري وهو أن مكان الحيوانات حول الإنسان وليس معه _بالذات – المتوحش منها. حتى هذه اللحظة لم أتعامل بشكل مباشر لمدة طويلة مستمرة مع أي نوع من أنواع الحيوانات صغير الحجم كانت أو كبيرة ، أليفًا أو عكس ذلك .
بتمعن رهين اللحظة؛ لم يتسيد ابن آدم الكون إلا بما خصه الله به من التبَصُّر كمهارة ذهنية متبوعة بمهارة عقلية أخرى وهي القدرة على إظهار هذا التبَصُّر _ عند الحاجة _ للآخر من بني جنسه بواسطة الكلام _ وليس بسبب مواصفات بيولوجية أو فيزيائية معينه . حين نجد أن كل المخلوقات الاخرى _ ولا يجيء في بالي غير الحيوانات _ تتفوق على الإنسان وبمراحل فارقة بكل شيء عدا تلك المهارتين . نحن لسنا بالسرعة فهوداً ولا بالضخامة فِيِلةً أو دِببة ولا بالقوة أسوداً ولا بالسطوة نموراً؛ وبالتالي انطواء الإنسان على “حيوانية” بداخله (بالمناسبة هي ليست مسبةً أو شيئاً لايمكن ذكره هنا) بحسب المقولة المتداولة “الإنسان حيوان ناطق” ليست مسوغاً لأن يُقرِّب باقي الحيوانات بتلك القدرات المتفوقة بشكل دائم ومستمر إلى عالمه المعيشي لدرجة الهلاك؛ لانستطيع حين نعمل على تقريب الأسد لنا مثلاً أن نكلمه (نحاوره) ليتبصَّر ويتوقف عن مهاجمتنا ومن ثم نتحول إلي أصدقاء من بعد العداوة؛ العنف الغريزي لديه سيطغى على العنف الدفاعي الاستثنائي المضاد لدى الإنسان ومن ثَمَّ لانستطيع الاعتماد على تلك الحالات التي يتحول بها السبع إلى كائن أليف في الأقفاص وماشابهها فمن يضمن لنا أنه لايعود فجأةً _ مثلما حصل مع مدرب الأسد بالحادثة تلك _ إلى عنفه الفطري بينما لا ننجح نحن البشر بالخروج نحو عنفنا الاستثنائي والتعامل معه وفق ذلك. حتى لو استطعنا الانقلاب للعنف لن تسعفنا مقوماتنا البيولوجية والفيزيائية بالتغلب عليه. وبما أن الاحتمال الأكبر بعدم نجاح استثناءنا في التغلب على تكوين “السبع “وأساسه الأولي المرتهن للشراسة والبطش؛ إذن المنطق يشير علينا “ذهنياً ” التعامل مع الحل الاستباقي المناسب ، المتوقع والمطروح وهو الاجتناب منذ البداية ما استطعنا لذلك سبيلاً جاعلين الأسد ومجموعته حسب تصنيف مملكة الحيوان يبقون حولنا فقط في قصائد “المديح العربية” التي تليق بمقامهم بعيداً عنا وعن تسليتنا الخطيرة وعواقبها غير الممدوحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى