مقال

محمد عبدالرضا شياع وترحاله المُرّ المُثمِر

جلسة حافلة بالمفاجآت في منصة بغداد مدينة الإبداع الأدبي اليونسكو

بقلم: علي جبار عطية

     أيقظ الناقد الأكاديمي الدكتور محمد عبد الرضا شياع التساؤلات بشأن أحقية الشاعر أو الأديب في (الإغارة)أو (الاقتباس)أو (التناص) مع نصوص الآخرين، ومدى مشروعية ذلك.جاء ذلك خلال ندوةٍ أقيمت الخميس ٢٠٢٣/١٠/٢٦ في بغداد منصة الإبداع الأدبي اليونسكو في جلسةٍ حافلةٍ بالمفاجآت استمرت أكثر من ساعتين، أدارها سادن الثقافة العراقية الدكتور سعد التميمي وحضرها جمهورٌ نوعيٌّ مدهشٌ بعضهم زامل الناقد وجايله، وبعضهم عاصره، أوتعرف عليه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بين الحاضرين أستاذ اللغة الفرنسية الدكتور عباس الخالدي الذي يروي المحتفى به أنَّ أحد الفرنسيين المثقفين سمع الخالدي يوماً فقال عنه:إنَّ ثمانين بالمئة من الشعب الفرنسي لايجيد التحدث بالفرنسية مثلما يتحدث بها عباس الخالدي!وكذلك الدكتور سحاب الأسدي،والدكتور كريم الوائلي، وأستاذة الأدب الأندلسي الدكتورة أناهيد الركابي التي فاجأت الحضور بتوقيعها  كتاباً صادراً عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر والتوزيع يتناول تجربة المحتفى به النقدية عنوانه: (مرافىء النص وضفاف النقد/قراءة في منجز محمد عبد الرضا شياع النقدي والفكري).
تعددت رحلات الناقد العلمية والأدبية في العراق والمغرب وليبيا وتونس ثمَّ الاستقرار في الولايات المتحدة الأمريكية.


لم يتخل في كل رحلاته عن وطنه فهو يسري منه مسرى الدم في العروق، مع هذا فهو يعترف بفضل المر البلدان التي آوته فهي عنده مغرب الروح، وليبيا القلب، وتونس الممر الآمن.
وكان الرحيل ثيمة حاضرة عنده أينما حل حتى وهو يقرأ في جزيرة مجنون العراقية خماسية (مدن الملح) للروائي عبد الرحمن منيف، وكذلك وهو يخوض حروب الاسترداد، ومتلازمة ما بعد الصدمة بعد حرب الخليج الثانية.
دراسته للغة الإسبانية وإتقانه لها مكنته من الوصول إلى اكتشافات مقلقة للمتلقي كما تصفها الدكتورة أناهيد الركابي التي توصلت في كتابها (مرافىء النص وضفاف النقد) إلى أنَّ محمد عبد الرضا شياع لجأ إلى تأصيل خطاب نقدي مغاير من خلال الكشف عن المفاهيم والرؤى والمصطلحات النقدية التي سوق لها في مقاربته النقدية وابتعاده عن الاجترار فرفض المنجز والجاهز، إيماناً منه بالمغاير وسعيه للتجديد والتغيير.
من بين الاكتشافات التي ذكرها الناقد أنَّ الشاعر بدر شاكر السياب في قصيدته (أنشودة المطر) كان متأثراً بقصيدة (عيون إلزا) للويس أراغون باستثناء أنَّ عيون حبيبة السياب ليليلة، وعيون إلزا نهارية ! وكذلك متأثر بقصيدة (ما قاله الرعد) لإيليوت.
يقول أراغون في قصيدته:عيناك من شدة عمقهما رأيت فيهما وأنا أنحني لأشرب/كل الشموس تنعكس/ كل اليائسين يلقون فيها بأنفسهم حتى الموت/عيناك من شدة عمقهما..أني أضعت فيهما ذاكرتي/..وعندما تحدقين بعينيك لاأدري إذا كنت تكذبين/كأن المطر الغزير قد فتح أزهاراً برية/أتخفيان بروقاً في هذا العشب العطري حيث/تضرم حشرات حبها العنيف/لقد سقطت في شباك النجوم الطائرة..)
رحلته المريرة السعيدة مكنته من مجاورة الناقد المغربي سعيد يقطين لثماني سنوات وغيره، وكشف أيضاً عن مشروع رواية تمثل حياته من دون تكلف، وسرد رواها له أحد المسافرين، ويمكن أن تسمى حكاية الحمّار الذي مثل دور الحمّار !
ملخصها أن الفنان سامي عبد الحميد كان يبحث عمن يجسد دور حمّار في مسرحية وقد أعيته السبل حتى جاء شخص يسوس حماراً حقيقياً في الحياة فمثل دوره على المسرح، وكانت التجربة مدهشة فقد صفق له سامي عبد الحميد كثيراً !
لم ينس المحتفى به أن يحتفي برفيقة دربه الراحلة (زينب) التي سمى منصة ثقافية باسمها (زينب كحل الفردوس).وسئل: لماذا لم نقرأ لك ترجمة عن الإسبانية؟فأجاب: ترجمت عن الإسبانية نص (السائر في نومه)، لكنَّ الترجمة صعبة، فالمترجم صالح علماني ترجم مئةكتاب عن الإسبانية اللاتينية،وحين شرعت بترجمة أحد الكتب الإسبانية، وقارنتها مع إحدى ترجمات صالح علماني وجدت ستة أخطاء فمزقت الأوراق، وعزفت عن الترجمة !
هذا هو محمد عبد الرضا شياع شاعر في هيأة ناقد أو ناقد في هيأة شاعر، لكنَّه يبقى كما وُصف بحق شيخ النقد المقارن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى