سياسة

لماذا يقصفون المستشفيات؟!

إسرائيل تنفذ نظرية فرانسيس ليبر :من الأخلاقي استخدام وسائل وحشية لإنهاء حرب عادلة).

بقلم: حنان بدران
على الرغم من أن هذه الحرب الطويلة كانت مسرحا للامعقول في عصر الصوت والصورة والخبر الذي ينتشر بثوان حول الكرة الأرضية، إلا أن عدونا يصر بشدة على التعتيم على الصورة، وكتم الصوت، ووأد حقيقة الخبر في أرضه، حتى يبقى يرسم للعالم صورة العالم المتحضر في وسط العرب الهمج الذين يصرون على اقتلاعه من أرضهم ورميه في البحر.
وأمام انتهاك عدونا كل أنواع الموبقات السبع والتي تجاوزت ذلك العدد بمراحل ظل سؤال يلازم الجميع لماذا استهداف المنظومة الصحية الأولية الأولى له في هذه الحرب المحتومة علينا…
كوننا في بؤرة الصراع الأول في المنطقة وكوننا في حربنا هذه تآكلت القيم الإنسانية فيها أولا وأخيرا فيها، والسؤال الأخطر فيها هل يقدم إلى العدالة مرتكبيها؟!
أم أن حق نقض الفيتو بات واجبا قانونيا لحماية الدول الخمسة الذين من حقهم ارتكاب كل موبقات العالم اللانسانية واللاخلاقية في الحروب الضارية حتى يوفروا من خلاله الحماية للجناة؟!
وذات قراءة في كتاب \”الطب الخطير\” أشار إلى (فرانسيس ليبر) باعتباره أحد الذين رسخوا فكرة إلحاق الأذى والضرر بالمدنيين من أجل إنهاء الحرب بسرعة، وتنظيرات \”ليبر\” الشاذة للعقل والمنطق الإنساني تقوم على فكرة إنه… (من الأخلاقي استخدام وسائل وحشية لإنهاء حرب عادلة).
وكما أعلن أنه:(لا يجب الالتزام بحماية المستشفيات إلا بالقدر الذي تسمح به طوارئ القتال).
وواضح أن أكبر معتنقي هذا المنطق هو عدونا نعم سادتي فقد أعلن أن هذا المنطق ما زال حاضرا في تفكير الكثير من القادة الجيوش، وإن منطقا \”ليبر\” المتمثل في عواقب وخيمة على الرعاية الصحية، خاصة حين تتوفر تقنيات حربية حديثة مثل القوة الجوية.
لكن الأمر المثير يبقى أن وزارة الحرب الأمريكية (تم ضمها لوزارة الدفاع في نهاية الاربعينيات) وقامت الأخيرة بتعيين (ليبر عام ١٨٦٣عضو في مجلس إدارة الحرب) ورغم إنه المدني الوحيد في مجلس إدارة الحرب، إلا أنه صاغ أغلب مدونة تنظيم سلوك جنود الاتحاد في الحرب الأهلية، ومنذ ذلك التاريخ اشتهر القانون باسم (قانون ليبر) واعتماده في الجيش الأمريكي كقاعدة له في الحروب البرية، ولا تخجل أمة الحضارة الوحشية أنها تشيد بقانون \”ليبر\” واصفة إياه بأنه: \”وثيقة الحرب الأساسية للولايات المتحدة الأمريكية\”.
وبهذا الكتاب الخطير لم ينس أن يشير إلى معاناة النظام الصحي في الأراضي المحتلة بداية من التعنت الضار على نقاط التفتيش العسكرية للكيان، والإشارة إلى التأخير المتعمد من قبل جيش الاحتلال لعربات الاسعاف التي تحمل المرضى مما يؤدي إلى زيادة عدد الوفيات أو تفاقم الإصابة في أحيان كثيرة.
ولم ينس الكتاب توثيق كثير من الأسماء الأطباء الذين قضوا نحبهم في مدن وقطاع غزة بفلسطين. لكن الفكرة الأخطر على الإطلاق كانت ملاحظة ذكية اوردها الكتاب وتصلح أن تطبق على الشأن الفلسطيني. \”حين ينظر إلى مجتمعات بأكملها باعتبارها أعداء جراء التعصب واختلاف عقائدي على سبيل المثال، الأمر الذي يؤدي إلى استهداف المدنيين ونظام رعايته الصحية بدم بارد، بل تجرد من صفتة الإنسانية أو حتى فاق الحيوانية… ومثل هذه الأمثلة عليها باتت صارخة في واقعة م. المعمداني، م. الشفاء، م. العدوان،… إلخ.
ومن الضرورات التي يجب أن أنوه إليها آثار تلك الاشتباكات إذ تغذين انعدام الحس الأخلاقي وفقدان الثقة في المحيط وترسخ الغضب، كذلك تهدد قيم أخلاقية مثل حياد مقدمي الرعاية الصحية، وهي التي تحفظ حق الفرد في العلاج بغض النظر عن انتمائه أو عرقه، وأكبر مثالا عليها ما حدث البارحة من مع (الصحفي وائل الدحدوح، والمصور سامر ابو دقة) حيث منعت سيارات الإسعاف من الوصول إليه وبعد مناشدات دولية وعالمية من القناة لاجلاء سامر ومن تم استهدافهم في محيط المدرسة، إلا أن بعد خمس ساعات ويزيد قامت سيارة أسعاف بالمغامرة لاجلاء المصابين إلا أن النتيجة كانت مفزعة حيث تم استهداف السيارة ومن فيها ومات المسعفون والصحفي وكل من كان يحتاج إلى عناية في المدرسة… ومثل هذه الاستهدافات المروعة لم تكن الأولى أو الثانية في هذا الصراع بالذات، وكل الهدف من هذه الهجمات هو تقويض الجهد المبذول على مدار عقود للقضاء على مرض مثل مرض شلل الأطفال مثلا.
والأكثر وحشية في مثل هذه الاستهدافات التي تعتبر الأبشع على الإطلاق في العرف الإنساني والحضاري أن يكون هناك قوانين دولية تحمي مثل هذه الانتهاكات الخطيرة في المحاكم الدولية وذلك بوضع قانون مراوغ بعض الشيء حيال استهداف المنشآت الصحية أثناء الحروب، ومن أجل ذلك وضع ضمن جرائم الحرب إذ يتوجب على المدعي أن يثبت أن الهجوم تم عن عمد، أما إذا كان هناك أهداف عسكرية بالقرب من المنشآت الصحية فإن إثبات جريمة الحرب يعد أمرا صعبا، وهذا أمرا محتوما للكيان أنه قام بعمل عدة أفلام مفبركة حرفي مثل اكتشاف أنفاق ومقار للحركة الجهادية وذلك لتجريدها أمام القانون الدولي الذي تنص اتفاقيات جنيف الأولى والرابعة منه على أن الاستثاء الوحيد يكون عند استخدام المنشآت الصحية خارج نطاق واجبها الإنساني، لارتكاب أعمال عسكرية مثل حقها في المجازر التي رأيناها في الأطفال الخدج، وافراغ مرضى الكلى، ودفع الطاقم الطبي كاملا للخروج خارج المشفى وأمام إصرار الطاقم بعدم الخروج إلا مع مرضاه وترك جزء يسير من الطاقم لرعاية من هم بالعناية الحثيثة التي كانت ترعاهم تحت ظروف قاسية من قطع الكهرباء والماء والغذاء والدواء، والوقود، وتعدى الأمر جليا بالاعتداء على الأطباء بشكل شخصي حتى مات المريض والمصاب والمسعف والممرض والطبيب فيها على مرآى العالم كله من بابه لمحرابه لتعلن أمريكا بكل هدوء نحن لا نرى أي انتهاكات صارخة في ردة فعل الكيان…!؟!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى