إشراف صحفي: أسامة الألفي
تحقيق صحفي: مصطفى علي عمار
مصطفى الجابري: الحج لا يجوز على جار غني وجاره فقير ولو سابع جار
أحمد ماهر: علاج مريض أو سداد دين معسر أولى من إهراق الدم وإهدار اللحم
أسامة ربيع: النبي صلى الله عليه وسلم حج والمدينة بها فقراء ومساكين
د. آمال عبد الغني: هذا عمل ممنهج لنقض ثوابت الدين وشعائر الإسلام
د. ياسر حسن: هذا الطرح ينبع من فكرة تعظيم حق الإنسان فوق حق الرحمن
د. عادل القليعي: واقعة عبد الله بن المبارك واقعة فردية لا يمكن أن نقيس عليها
د.عصمت رضوان: فريضة الحج من أكثر العبادات أجرًا وثوابًا، وإكمالًا لأركان الدين
مختار عيسى: قضية الأضاحي تكشف محنة العقل، والتباسات فهم الدين
زيد الطهراوي: الفرحة بالعيد قد تكون أكبر عند الصغار، لقلة مسؤولياتهم وانشغالاتهم
أيمن دراوشة: ضغوط الحياة المتزايدة قللت من قدرة الناس على الاحتفال بالعيد والتزاور
يحتفل المسلمون هذه الأيام بمناسبتين مرتبطتين هما الحج وعيد الأضحى، ومع حلولهما كل عام ترتفع أصوات منددة بذبح الأضاحي، وأخرى داعية لترك الفريضة والتبرع بتكاليفها للفقراء والمرضى، والأمر المثير للدهشة أن أصحاب الدعوات المشبوهة التي تروج لترك الفريضة والأضحية والترفيه في العيد، والتبرع بقيمتها للفقراء والمحتاجين، لا ينادون بترك المصائف أو ترك التدخين وإقامة حفلات الزواج والتبرع بقيمة مصاريفها للفقراء؟
وهؤلاء يستندون إلى قصة غير مؤكد صحتها عن لقاء عبدالله بن المبارك وهو ذاهب إلى الحج، بامرأة تأخذ الدجاج النافق وتعجبه من صنيعها، ويقول لها يا أمة الله ألا تعلمين أن الله حرم علينا أكل الميتة، وترد عليه إلا من اضطر، لي أبناء يموتون من الجوع ولا أجد لهم طعامًا فأخذت هذا الدجاج لأطعمهم، فأعطاها كل ماله ولم يحج فوكل الله ملكًا في شكله وهيئته وحج بدلًا منه، فالكريم لا يرد كريم.
“سماء عربية” طرحت المشكلة على بعض المشائخ والأكاديميين والمثفقين، عارضة الرأي والرأي الآخر، كما طرحت قضية اختفاء مظاهر الفرحة والبهجة والتزاور بالأعياد، من زينة ومراجيح وغيرهما.. وإليكم ردودهم.
★★ استهلنا تحقيقنا بلقاء مع الكاتب الأزهري التعليم مصطفى هاشم الجابري وعضو إتحاد كتاب مصر والذي ينادي بتوزيع تكلفة الحج على الفقراء بدلا من أدائها
برغم إقرار الكاتب الأزهري التعليم مصطفى هاشم الجابري: بأن أهم فرائض الايمان عند الله ولها أهمية خاصة لكونه تجمع بين جهاد الجسد والنفس وجهاد المال، إلا أنه يراها لا تجوز على جار غني وجاره فقير، ولو كان الجار السابع فقيرا فما بالك بحالنا اليوم، مستدلا على رأيه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من أن يبات بيت فقير بغير عشاء، مطالبا بتعطيل فريضة الحج حتى يغتنى الفقراء والمساكين في بلادنا العربية وغير العربية، ويتوجه للأغنياء بقوله حجوا إلى الفقراء فهم عيال الله، قبل أن تحجوا إلى الله بذنوبكم وقد أزداد ميلها بترك من خلفكم فقراء، انفقوا ما وهبتموه للحج على الفقراء، تكتب لكل منكم حجة أعظم من حجتكم لبيت الله.
فقال: إني أرى أن فريضة الحج هي أهم فرائض الإيمان عند الله ولها أهمية خاصة تكمن في علتها، فما هي علة الحج؟ علة الحج تكمن في الاستطاعة من استطاع ، والاستطاعة هنا لا تعني القدرة البدنية أو المالية بل هي أعظم من ذلك فحقيقة الأمر التي أخفاها رجال الدين عمدا أو بغير عمد هي أن فريضة الحج لا تجوز على جار غني وجاره فقير، ولو كان الجار السابع فقيرا فما بالك بحالنا اليوم ولكن ما هو الدليل علي صدق ما أقول… والأدلة على ذلك كثيرة، واختار منها حديث النبي عن هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من أن يبات بيت فقير بغير عشاء أي كعبة بعد بيوت الفقراء.. حجوا إلى الفقراء فهم عيال الله قبل أن تحجوا إلى الله بذنوبكم التي إزداد ميلها بترك من خلفكم فقراء وأنفقوا ما وهبتموه للحج على الفقراء تكتب لكل منكم حجة أعظم من حجتكم لبيت الله –أطالب بتعطيل فريضة الحج حتى يغتنى الفقراء والمساكين في بلادنا العربية وغير العربية؛ فلا حج مبرور ولا ذنب مغفور وفي بلادكم جوعا ومساكين وفقراء أعطوا ما لديكم للفقراء يكون كنز لكم في السماء.. والله لا يؤمن والله لا يؤمن من لا يحب لأخيه الإنسان ما يحب لنفسه.
★★وفي رأي مشابه يدعو المستشار أحمد عبده ماهر محام بالنقض وباحث إسلامي- يدعو إلى ترك الأضحية واعتبارها سنة مؤكدة وليست واجبة، مستشهدا بحديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا” رواه مسلم، ووجه الدلالة: قوله هو كلمة (أراد) الواردة بالحديث.. فتعليق الأضحية على الإرادة دليل على عدم الوجوب، كما صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما لم يضحيا مخافة أن يعتقد الناس وجوب الأضحية، وعندي أن الأضحية سُنّة ويجزئ أن يقوم بها المرء ولو مرة واحدة بالعمر فيكون قد أصاب السُنّة، وإذا كان الأمر يستهدف التقرب لله فيمكن التقرب بما هو أولى من إهراق الدم وإهدار اللحم، كعلاج مريض أو سداد دين معسر.. فهذا أفضل من إهراق الدم وإهدار اللحم.
★★حملنا الرأيين السابقين للواعظ الأزهري الشيخ أسامة ربيع، فقال إن فريضة الحج ركن من أركان الإسلام قال تعالى (ولله على الناس حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين)، وقال تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله…) فهذه النصوص القرآنية تدل على أن الحج فريضة على كل مسلم مستطيع قادر لأن العلة من أداء فريضة الحج هي تقوى الله سبحانه وتعالى قال تعالى (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقوني يا أولى الألباب) أما عن الفقراء والمساكين افضل من الحج فهذا كلام غير صحيح وتعطيل لركن من أركان الإسلام لأن النبي صلى الله عليه وسلم حج وكان من المعلوم انه كان يوجد فقراء ومساكين في المدينة فلا يخلوا بلد ولا يخلوا زمان من وجود الفقراء لأنها ارادة الله سبحانه وتعالى قال تعالى (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) فهذه كلها دعاوي باطله والاسلام لم يترك الفقراء والمساكين بل جعل لهم حق في مال الاغنياء عن طريق الزكاة و الصدقة و الكفارات و والنذور فنظام الإسلام متكامل في كل جوانب الحياة عبادة ومعاملة وأخلاق.. وعن رده على دعوى أن الأضحية من السنن الغير واجبة قال: فإن الأضحية شعيرة من شعائر الله ولقد أختلف الفقهاء في حكمها فجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة قالوا بأنها سنة مؤكدة للموسر وقال البعض بأنها واجبة على المقتدر ويأثم بتركها مع القدرة عليها وهذا مذهب الإمام ابو حنيفة وبعض الفقهاء والراجح انها سنة مؤكدة.. اما عن القول بأن سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر أنهما لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس انها واجبه فلقد روي البيهقي ان ابا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان السنه والسنتين كراهة ان يعتقد الناس انها واجبة فهذا دل على أنهما كانا يضحيان ويتركان.. أما عن القول أنها تجزء مرة في العمر هذا الكلام فيه نظر لأن هذه شعيرة كالأذان وغيره من شعائر الله قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقال تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم ولتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين).. أما عن أن علاج المريض وسداد الديون أفضل من إرهاق الدم فهذا الكلام فيه نظر أيضا لأن الإسلام قد رغب في الصدقات وأمر بإخراج زكاة المال وأمر بإخراج هذه الأموال للمستحقين لها من الفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم من المستحقين للزكاة وهذا يدل على أن الإسلام قد راعى جميع الجوانب التي تضمن التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.. إن عيد الأضحى المبارك من الأعياد التي شرعها الله سبحانه وتعالى للمسلمين و هو يوم العاشر من شهر ذي الحجة ويسمى بيوم النحر لأنه تنحر فيه الأضاحي شكرا لله واقتداء بسيدنا ابراهيم عليه السلام واتباع لهدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والاضحية شعيرة من شعائر الله قال تعالى (والبدن جعلها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فاذا وجبت جنوبها فكلوا منها واطعموا القانع والمعتر كذلك سخرنها لكم لعلكم تشكرون) الحج ٣٦؛ فيوم عيد الأضحى يوم للتكافل والتراحم بين الناس جميعا يكون فيه صلة الأرحام واطعام الطعام وسد لحاجة الفقراء والمساكين وتوسعة على الأهل والأولاد وذكر لله سبحانه وتعالى، اما الأضحية فهي شعيرة من شعائر الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيسن للمقتدر أن يذبح من بهيمة الأنعام ويطعم أهله ويهدي أصحابه وجيرانه ويتصدق على الفقراء والمساكين.. أما عن قول البعض بأن ذبح الأضاحي ليس من باب الرحمة بالحيوان فهذا ادعاء باطل لان الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان وسخر له ما في الكون من حيوان ونبات وجماد ليأكل منه قال تعالى (والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون) النحل ٥.. والإسلام قد أمرنا بالإحسان والرحمة لكل شيء حتى بالحيوان وفي ذلك يبين لنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث (أن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فاحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فاحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته) رواه مسلم.. أما عن دعوات البعض بترك الحج وترك الأضحية والتبرع بقيمتها للفقراء هذه دعوة لهدم الدين لأن الحج ركن من أركان الإسلام والاضحية شعيرة من شعائر الإسلام وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا من العبادات التي شرعها الله سبحانه وتعالى للمسلمين فلا مجال للاجتهاد فيها لأنها توقيفية يتوقف المسلم عندها ولا يجتهد فيها لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بها قال تعالى (فاستقم كما أمرت) فالواجب علينا السمع والطاعة لأمر الله وتعظيم شعائر الله قال تعالى (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) فمثل هذه الدعوة لا يراد منها شئ إلا هدم ثوابت الدين والانسلاخ من شعائره لان الإسلام قد راعي مصالح الفقراء والمساكين في كل حال ففرض الزكاة ورغب في الصدقة وفرض الكفارات كل ذلك لمصلحة الفقراء والمساكين فمثل هذه الدعاوي لا يسمع لها منيبا.
★★ثم عرضنا الموضوع على الملقبة بـ(فقيهة الصعيد ا.د.آمال محمد عبد الغني) رئيس قسم الدراسات الإسلامية كلية الآداب جامعة المنيا عضو المجلس القومي للمرأة فرع المنيا ووحدة مناهضة المنيا وعضو مجلس الإفتاء بالأوقاف.قالت: شعائر الله من الثوابت الدينية بل معيار من معايير التقو.. في كل عام تتردد الأقوال بل وتتعاظم بالحديث عن الرحمة وذبح ما أحل الله لعباده من بهيمة الأنعام ولأضاحي وإراقة الدماء وغاب عن أصحاب هذه الأقوال مفهوم الرحمة بالإنسان الذي يتم إهلاكه والتعدي على حرماته وقتله بدم بارد، أيهما أولى الحيوان أم الإنسان ،أيضا غاب عن دعاة الرحمة بالحيوان الرفق بالإنسان الذي سخر الله له كل المخلوقات بل غاب عنهم أنها من الطاعات ومن باب التسليم والانقياد لله لأنها من الثوابت التي نتقرب بها إلى الله، وغاب عنهم أنها من شريعة إبراهيم عليه السلام وفديناه بذبح عظيم وأنها من تعظيم ما عظم الله تعالى القائل: (﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ فمن الثوابت الملازمة للإيمان بل ومن دلائل التقوى والخوف من الله تعالى تعظيم شعائر الله في كل زمان ومكان المقترنة بأعمال مخصوصة كالأضحية والحج والآذان في معالم الدين التي جعلها الله ظاهرة لعباده كما ذكر ذلك الإمام الطبري، وقال السعدي عنها هي الأعلام الدينية الظاهرة التي تعبد الله بها عباده بل كل ما جعله الله من أعلام الطاعة ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما:هي مناسك الحج من الهدي ورمي للجمرات ومن طواف وسعي ووقوف بعرفة، ولها مظاهر تعبدية تقترن بالعبادات ،واجتناب المحرمات،وتقوى الله في السر والعلن.. وهي أيضا من باب الحرمات التي قال الله فيها: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ﴾ وعلامة العبادة الحقة هي تعظيم ما عظم الله واجتناب ما نهى عنه قال صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقِ المَحارمَ تَكُن أعبَدَ النَّاسِ) ولهذه الشعائر أزمنة كالأشهر الحرم، وشهر رمضان ،والعشر من ذي الحجة، وغيرها ولها أماكن كالمناسك في الحج، لها علامات ودلالا ت كالأضحية والهدي وغيرها؛ ولذا تعد الأضاحي باب من أبواب تعظيم الشعائر المتفق عليها، ودلالة على التقوى ومخافة الله تعالى فالبدن من الشعائر قال تعالى: (﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ)، وعندما يتم تلبيس الحق بالباطل ودس السم في العسل بترك فريضة الحج و ركن من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا قال تعالى: (وأتموا الحج والعمرة لله) فمن فقه الأولويات الغائب أن الحج أوجبه الله في العمر مرة واحدة ولذا ندعو من حج أن يوجه نفقات الحج إلى الفقراء وذوي الحاجات وغير من أعمال الخير.. لكن لا تصح الدعوى بترك فريضة معلومة من الدين بالضرورة ،وكذلك الدعوى بتر ك الأضحية في عيد الأضحى التي هي علامة على إظهار شعائر االله تعالى- وفيها قربات لله من إطعام الطعام والتهادي وتقوية صلة الأرحام وجبر لخاطر الأرحام والفقراء والمساكين، فهي من أعمال البر والتكافل الاجتماعي ومن تعظيم شعائر الله -تعالى- وبذل قيمتها من المال للفقراء، ونسى هؤلاء أن الأصل فيها أنها للتقرب لله وإطعام الطعام وأن لها شعائر وآداب في ذبحها فعن أنس بن مالك قال: ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين، ذبَحهما بيده وسمى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحهما.. إن الأصل في مشروعية الأضحية الكتاب والسنة والإجماع؛ قال الله عز وجل: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ قيل المراد الأضحية بعد صلاة العيد. وروى الترمذي أن رجلًا سأل ابن عمر عن الأضحية، فقال: “ضحى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون بعده”، وقال البخاري: وقال ابن عمر: هي سنة ومعروف، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: “ما أنفقت الورقَ في شيء أفضل من نظرة في يوم عيد”؛ رواه الدار قطني. ولذا قال الإمام أحمد: يُكره تركها مع القدرة, وقال يحيى بن سعيد سمعت أبا أسامة بن سهل قال: كنا نُسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون، وكل هذه الدعاوى قياس مع الفارق فلماذا العمل الممنهج على نقض ثوابت الدين، وشعائر الإسلام ما لضرر الذي يقع على أصحاب هذه الدعاوى في كل موسم من مواسم الحج والأضاحي؟ لماذا لا يدعوننا نؤدي الشعائر التي أمرنا الله بها بحرية كما يزعمون أنهم دعاة للحرية وخاصة حرية العبادة؟ لماذا لا تكون الدعوى موجهة لحملات الإسراف والبذخ في حفلات الزواج والمهرجانات والأموال الطائلة التي يتم إنفاقها على المسلسلات في رمضان بغية الترفيه ومن باب الترف؟ بل الإنفاق على المواقع التي تنشر الفساد ؟لماذا لا يتم توجيه تلك الحملات إلى أصحاب الثراء والمصايف والكسب السريع وأصحاب الاحتكار والغش لتطهير أموالهم وتوجيه ذلك للفقراء بدلا من السرف ببذخ فيما لا يرضي الله تعالى؟ الإجابة إنه الدين فالقصد خلله كل معتقد ديني راسخ يسير على نور من الله مخافة الله لتحقيق التقوى التي هي الزاد إلى الله تعالى قال تعالى : (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب).
★★ويتعجب الأكاديمي والباحث الإسلامي أ.د. ياسر حسن أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب المنيا من الدعوات لترك الأضحية وتوزيع ثمنها على الفقراء، يقول: حدد الإسلام شعائر للاحتفال بعيد الأضحى، في مقدمتها التكبير، حيث يشرع الناس فيه من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق (اليوم الـ13 من ذي الحجة)، وذلك مصداقا لقوله تعالى: “واذكروا الله في أيام معدودات” [سورة البقرة: 203]. وثانيا، صلاة العيد؛ يصلي الإمام بالناس ركعتين ثم يخطب فيهم خطبتين، ومن السنّة التبكير بالصلاة قبل ارتفاع الشمس، وهي سنة مؤكدة عند أغلب المذاهب وحضور خطبتها مستحب ليس بواجب. وكما هو معلوم فصلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة، وإنما يصليها الإمام بالناس جهرا، يكبر في الركعة الأولى 7 تكبيرات، وفي الثانية 5 تكبيرات. وثالثا، ذبح الأضحية، وهي سنة مؤكدة، يشترط فيها أن تكون من الأنعام؛ وهي الإبل، والبقر، والغنم من الضأن والماعز، وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين أملحين، أقرنين. كما يجوز في الأضحية من الشياه ما أتمّ 6 أشهر، ومن البقر ما أكمل سنتين، ومن الإبل ما أكمل 5 سنوات، ويجب أن تكون الأضحية خالية من العيوب، مثل العوراء البيّن عورها، والمريضة البيّن مرضها، والعرجاء البيّن ضلعها، والكسيرة التي لا تنقي. وتذبح الأضاحي مباشرة بعد صلاة العيد مصداقا للحديث الشريف: “من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى، ومن لم يذبح فليذبح” وأما الحجاج في منى فيذبحون مباشرة بعد ارتفاع الشمس لأنه ليس عليهم صلاة العيد. ويبدأ وقت ذبح الأضحية من يوم النحر (العاشر من ذي الحجة) وينتهي عند غروب شمس ثالث أيام التشريق (13 ذي الحجة) عملا بالحديث النبوي: “كل أيام التشريق ذبح”. ورابعا، من السنة إظهار الفرح والسرور في أيام العيد والترويح عن النفس والتوسعة على الأهل بالترفيه المباح، مع الحرص على زيارة الأقارب وصلة الرحم وتبادل التهاني، مثل أن يقول المرء لأخيه المسلم: “تقبل الله منا ومنك”، وللشعوب العربية والإسلامية في هذا الجانب تعبيرات متعددة مثل “مبروك العواشر” في المغرب و” يا هلا بالعيد” في الخليج، يجب أن ندرك أن عيد الأضحى فرصة ثمينة للتقرب إلى الله عز وجل وشكره على نعمه، من خلال تعظيم شعائر الله؛ بذبح الأضاحي وارتداء الثياب الجديدة وتبادل التهاني والتبريكات. –أما عن الدعوات بالتبرع للفقراء وترك الفريضة أقول:طوفوا بالكعبة، وطوفوا ببيوت الفقراء، وادخلوا في السلام كافة، ولا تؤمنوا ببعض الكتاب وتكفروا ببعض.(اتركوا الطواف حول الكعبة وطوفوا ببيوت الفقراء فستجدون الله هناك) مجرد رؤية هذه العبارات السفيهة يورث الخوف على الناشر والكاتب والمقتنع بهذا الكلام، لذلك وجب التذكير ببعض الأمور ردا على مثل هذا:أولا: الآمر بالصدقة المستحبة والزكاة الواجبة وعون الفقراء خاصة والمسلمين عامة؛ هو نفسه تبارك وتعالى الآمر بالحج والعمرة وجوبا مرة واستحبابا بلا حد معين، فهناك حد أدنى من الاحترام والوجل وتعظيم شعائر الله يجب أن يتواجد أثناء طرح أي وجهة نظر، وبالطبع ستكون وجهة النظر هذه حول المستحبات فقط لأنه لا مجال لها في القدر الواجب أصلا. ثانيا: أسوأ ما في هذا الطرح أنه ينبع عادة من فكرة تعظيم حق الإنسان فوق حق الرحمن، لذلك فهو لا يقتصر فقط على التهوين من شأن الحج والعمرة استحبابا بل نجده يطال أي عبادة يقصد بها العبد التقرب إلى الله دون وجود عائد على البشر، فإذا كانوا يتكلمون عن الحج والعمرة لأن فيها إنفاق مال فيقولون الفقراء أولى به، فلماذا نراهم يقولون نفس العبارة في رمضان مثلا مع تغيير الطواف بصلاة التراويح أو ختمات القرآن وما إلى ذلك من عبادات إذا تركها المسلم لن يجد في جيبه مليما زائدا يعطيه للفقير، ببساطة أن كل هذه العبادات ذات الطابع الفردي لا تعود – في وجهة نظرهم – إلا على آخرة المتعبد! وهم لا يعنيهم إلا دنيا الناس، فكل ما لم ينفع الإنسان (مركز الكون في نظرهم) فلا طائل منه ثالثا: هل يظن هؤلاء أن حج نحو أربعة ملايين سنويا أكثرهم فقراء أساسا ويحج للمرة الأولى، ومن يكرر فيهم يكون بعد سنوات طويلة من الحج الأول، هل يظنون أن تكلفة حجهم هي التي ستحل ولو نسبة بسيطة من مشكلات مئات الملايين من الفقراء! ولماذا لا تقام نفس هذه الحملات لحث مانعي الزكاة الكثيرين جدا على إخراج زكاتهم الواجبة وجوب الحج الأول! ولكنها واجبة كل عام وليس عام واحد في العمر، لماذا لا يقال اتركوا كنز الذهب والفضة والعمارات والشاليهات والمصايف واخرجوا حق الفقراء الواجب من أموالكم! بدلا من أن تحارب عبادة بعبادة، حارب معصية بعبادة، حارب الغفلة بعبادة، حارب التوسع في المباح واللهو بعبادة! هذا بعيدا عن السرقة والنهب والفساد، لماذا لا توجه الحملات – التي يفترض أنها صادقة مشفقة – إلى الدعوة لمحاربة الفساد وترك كل صوره التي يمارسها الصغير والمتوسط والحوت الكبير! إن الزكوات المحبوسة مع الأموال المنهوبة في بطون الخزائن لمسح الفقر عن كل الفقراء بل وإرسالهم جميعا للحج أيضا، لكنهم يتركون كل هذا ويحصرون أسباب سوء حال الفقراء في حرص من هم أحسن حالا على بعض العبادات! فهل تحبون الفقراء أم تكرهون العبادات! رابعا: أن قيام مسلم بالموازنة بين عبادتين مستحبتين لا يستطيع الجمع بينهما أمر عادي في حياة أي مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، والقرار فيها قراره حسب ما يترجح له، لم يجبره صاحب الشرع على أحدهما وإنما أعطاه إشارات فأنى لك أنت أن تجبره وتجزم له، قرار يختلف من مسلم لمسلم حسب احتياجه ورؤيته، فيترجح لديه مرة أن يقوم بالخير المتعدي للغير، ويترجح لديه مرة أن يقوم بالخير المغذي للقلب المتعب كي يتمكن من الاستمرار، فكل أدرى بحاله، وينصح المحتار حال احتاج النصيحة للترجيح، وينبه المسلمون بشكل عام أن عليهم الانتباه إلى سعة مفهوم العبادة في الإسلام كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم (و حديث الموازنة بين الاعتكاف في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبين السعي في مصلحة المسلم مثالا)، لكن أن تكون الدعوة هكذا عامة مطلقة لترجيح عبادة على أخرى دائما فهذا تعد وتجاوز وتجاهل لحكمة الحكيم تبارك وتعالى في تشريعه للعبادة التي يأمرون بتركها مطلقا، لا سيما أنه كثيرا ما يصدر ممن لا يعظم لله شعائر أصلا، وأهدافه بالطرح معروفة وأحيانا صريحة، ثم تنتشر الفكرة عبر لعنة النسخ واللصق بلا تريث ولا تدبر.
★★وإلى رأي مشابه يذهب الأكاديمي والباحث أ. د. عادل القليعي أستاذ الفلسفة الإسلامية بآداب حلوان، يقول: لا أتفق مع مَنْ يذهب إلى هذا القول بأن الفقراء أولى بالنفقة من الحج، وأقول لهم اتقوا الله وكفاكم عبثا بشعائرنا: اتقوا الله وكفاكم مراء وتضليلا للناس،، اليوم نوفر أموال الحج والاضحية للفقراء وغدا نسقط حد السرقة لما أصاب القوم من فاقه ، وبعد غد نغلق المساجد ونصلي في بيوتنا نظرا لارتفاع الطوابق التي نقطنها، وبعد بعد غد وهلم جرا، نبيح المعاشرة والجماع فى نهار رمضان. ما هذا الذي يحدث، لماذا كل هذه الفريات والشبهات ولماذا كل هذه المؤامرات التي تدبر بليل لهذا الدين. يقول تعالى، ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، هذه شعيرة من شعائر الله تعالى إذا ما اتيناها فهذا من تقوى القلوب، هذه واحدة.. الحج هل هو فرض عين أم فرض كفاية، فرض عين على كل مسلم عاقل بالغ راشد ذكر أو أنثى مستطيع ، سواء استطاع مادية أو معنوية ، فكيف لا نؤدها وقد جعلها الله ركنا ركينا من أركان الإسلام. وهذه الثانية، أما الثالثة فالأضاحي والهدايا التي تذبح هناك في الحج أين يذهب ريعها لفقراء الأمة. أما الرابعة فقول النبي صل الله عليه وسلم من حج ولم يرفث أو يفسق فقد رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وقوله، الحج عرفه، وقول الله تعالى ليشهدوا منافع لهم ، ليشهدوا ، ركزوا فى قول ليشهدوا د، كيف تكون المشاهدة، المشاهدة مشاهدتان، مشاهده حسية ومشاهد معنوية ولن يتحققا إلا بالذهاب إلى هناك ومشاهدة الكعبة المشرفة والوقوف بعرفات الله، والسعي بين الصفا والمروة..يقول تعالى أن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم. ويضيف: أما واقعة عيد الله بن المبارك فهي واقعة فردية لا يمكن بحال من الأحوال البناء عليها وإنما هي حالة استثنائية دليلي على ذلك أنه نوى الحج ولبس لباس الإحرام واتجه إلى بيت الله الحرام فلا يمكن أن نقيس عليها.. أيها المسفسطون كفاكم عبثا بثوابتنا وعودوا إلى رشدكم.. فلنسأل سؤال: لماذا وضع الله هذه السيدة فى طريق عبد الله بن المبارك
الإجابة: لعدة أمور أولها توضيح أهمية الصدقات فى سبيل الله تعالى وأن القاعدة الفقهية تقول درء الفاسد مقدم على جلب المنافع وأكل الميتة مفسدة يمكن تداركها ببدائل منها ما فعله عبد الله بن المبارك من إعطاء السيدة ماله لإطعام أطفالها وهذا إيثار لقوله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصه وهذا بعد أخلاقي.. في حال الاضطرار بمعنى لو أطفالك سيموتون جوعا هل تتركهم وتذهب للحج أم ستعطيهم ليأكلوا وهذا ما المحنا إليه في فقه الاستطاعة لكن إذا كنت ميسورا ماديا وصحيا هل تتصدق ولا تحج هذا إسقاط لحد من حدود الله.
★★ويستنكر الأكاديمي بجامعة الأزهر أ.د.عصمت رضوان ما أورده بعضهم من شبهات حول الأضحية، وزعمهم أنها مظهر من مظاهر العنف ضد الحيوان.. الأضحية نسك إسلامي يذبحه المسلمون تقربا الى الله عز وجل، وابتغاء لمرضاته، وقد أجمع أهل العلم على مشروعيتها لقوله تعالى: ﴿فصل لربك وانحر﴾ ، ولما أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال: “ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر” .وهي مظهر من مظاهر الامتثال لأمر الله تعالى، وفيها لون من ألوان التكافل والتراحم بين المسلمين، حيث يذبح القادر ذبيحتها ليعطي منها غير القادر.وليس صحيحا ما أورده بعضهم من شبهات حول الأضحية وأنها مظهر من مظاهر العنف ضد الحيوان ، فالإسلام دين الرحمة بكل المخلوقات ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها ، وأن رجلا غفر الله له في كلب سقاه. فالمسلم إنما يذبح ذبيحته بأمر الله وعلى اسم الله ، كما في حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويقول: باسم الله والله أكبر) رواه مسلم.. والمسلم يراعي آداب الذبح التي بينها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم في حديث الإمام مسلم عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته ). وفي صحيح مسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (يا عائشة هلمي المُدْية “السكين”، ثم قال: اشحذيها بحجر)، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: (باسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد)، ثم ضحى به.فالأضحية ليست مظهر عنف، وإنما هي مظهر بر وتراحم ، وامتثال لأمر الله عزوجل، فالمسلم يذبح باسم الله ، ولأمر الله ، وابتغاء مرضاة الله ،وصدق الله العظيم إذ يقول: { قُلۡ إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحۡیَایَ وَ مَمَاتِی لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ}. – أما عن قصة عبد الله بن المبارك: في طريقه للحج وأعطى ما معه من نقود لامرأة فقيرة تأكل الجيف من الجوع وعاد ولم يحج. قال: هذه القصة ليس مقطوعا بصحتها، بل ذكرتها بعض الكتب دون إسناد كالبداية والنهاية وتاريخ بغداد. حتى الكتب التي روت القصة لم تذكر موضوع أن الله وكل ملكا يحج عنه ، بل هو من زيادات القصاص.– أما عن منافع الحج فحدثنا قائلا: فريضة الحج إتمام شعيرة ومنافع كثيرة: وفريضة الحج من أكثر العبادات أجرا وثوابا، فهي أحب الأعمال إلى الله كما ثبت في الصحيح عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-: (سُئِلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟، قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ، قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ، قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ)، ومنافع الحج عظيمة وكثيرة منها منافع أخروية ومنافع دنيوية، أهمها إكمال أركان الدين ودعائمه التي بني عليها، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً»، ومن منافع أيضا الحج استحقاق الحجيج للرحمات، وتعرضهم للنفحات، وعتقهم من النار واللفحات، ومغفرة الذنوب والسيئات، وعودتهم كيوم ولدتهم الأمهات ، ثم يوم القيامة خلودهم في روضات الجنات، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه).. ومن منافعه شهود يوم عرفة في مكة ، وتحصيل ثوابه العظيم، وقد صح عنه ﷺ أنه قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته فيقول: ما أراد هؤلاء؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم) رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها.ومن منافع الحج تعظيم شعائر الله بأداء مناسك الحج وأعماله كالتلبية، والذِّكْر، والطواف، والوقوف بعرفة، والسَّعي بين الصفا والمروة، وغير ذلك من المَناسك.ومن منافعه التقرب إلى الله تعالى بأحب الأعمال إليه كما ثبت في الصحيح عن الصحابيّ أبي هريرة -رضي الله عنه-: (سُئِلَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أيُّ الأعْمَالِ أفْضَلُ؟، قالَ: إيمَانٌ باللَّهِ ورَسولِهِ، قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: جِهَادٌ في سَبيلِ اللَّهِ، قيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ).ومنها التخلص من الفقر والذنوب، ففي حديث الترمذي والنسائي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (تَابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ، وَالذَّهَبِ، وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةُ). ومنها كذلك التذكير باليوم الآخر، ومشهد الحشر، حيث يجتمع الحجيج في صعيد واحد، مرتدين ملابس الإحرام البيضاء التي تشبه الأكفان، متجردين من زيناتهم وأموالهم ومتعلقاتهم، في مشهد مهيب يذكر بيوم القيامة، يوم يقوم الناس لرب العالمين، وفي هذا تزهيد في الدنيا ، وترغيب في الآخرة، وحث على الاستعداد للقاء الله عزوجل.
★★وردا على العلمانيين الذين يتهمون المسلمين بعدم الرحمة بالحيوان والقسوة فيما يسمونه مذبحة سنوية للحيوان قال الشاعر المصري والأديب الكبير مختار عيسى محنة جديدة للعقل ؟! “… ذلك ما يمكن أن تقوله وأنت تشاهد فيلما اعتادت قنوات الفكر العربي إعادة إنتاجه وعرضه على شاشات الوعي؛ كونه الأقدر ـ من وجهة نظر منتجيهـ على اجتذاب المشاهد، ودفعه إلى إنجاح خطة المستثمر ، وملء جيوب المنتج، وليس يهم ما يجري من معارك تتسفل أدواتها، وتختلط دماؤها، داخل صالات العرض، أومقاهي المشاهدة، أو حتى داخل البيوت، وجلها محترم ،فيما نحسن الظن، بوصفنا من المؤمنين المأمورين بهذا، ولا سبيل لنا للحديث عما وراء جدرانها؛ فلا يدركه إلا علام الغيوب! .. قضية” الذين ينادون منع القسوة وذبح الأضاحي التي كشفت محنة العقل حين يقف في الحد الفاصل بين قدرته الذاتية على مناقشةٍ تُوائم أبعاده ، وبين المدى المفتوح على ملايين العقول التي لا ترى أساسا قيمة للجوء إلى العقل؛ إيمانا راسخا بعجزه عن ارتياد المحظور والشائك من مساحات التفكير. يرون “قسوة في ما تصوروه أو وصفوه بـ (مذبحة سنوية)، في شعيرة الأضحية، وهنا وقع العقل ـ عقل الرائي ـ في شباك افتتانه الذاتي، فلم ير (المحدود) إلا ما تتصوره قدراته، ولم يستطع ـ بالقطع ـ تجاوز الإدراك الخاص إلى ما وراءه من حكمة (اللا محدود)، ولعل ما أوقعهم في هذه المحنةـ دون تحرز لازم ـ هو ما كانت تعيشه أمة الإسلام، والمسلمون، والعالم أجمع، من التباسات فهم الدين، وتصدير جماعات الشيطنة الدعوية لأعظم الديانات السماوية والأرضية، على أنه دين السفاحين والسفاكين وقاطعي الرؤوس، “الداعشيين” “عقل المحنة” مسألة أخرى، ترتبط حتما بـ “محنة العقل” وإن كانت الأولى عالية الصوت، للجماعية التي تعتمدها، وثقافة القطيع ” التي ترتكز إليها؛ فما إن يصدر رأي عن عقل في محنته، وإغلاقه، حتى يتحرك رجال وشيوخ ونساء وأحيانا أطفال “عقل المحنة” في جيوش، لا تدري من قائدها ولا يتوقف قصف مدافعها، لقتل الفرد الممتحن بعقله المحدود، وتدمير بنيته الإنسانية، بل وتعليقه على مشنقة مجدولة من حبال سدنة وكهنة،قد لا يكونون ـ أصلا ـ ذوي علاقة بموضوع الامتحان العقلي هذا..لا يتصور “عاقل” انتهاء هذا الصراع التقليدي بين الأنا الفردية والانا الجمعية، بين الإنساني والمقدس، خصوصا وكما أشرت في البداية إلى أولئك المنتجين للمشهد المتكرر، لأنه أعظم سبل التربح، وليس الربح بالضرورة ماديا، ومن ثم فإن الدعوة إلى تأمل الموضوع برمته، بعيدا عن التراشق بين طرف وحيد أو جماعة قليلة العدد والعدة، وجيوش تمرّست على هذه المعارك، تصبح هذه الدعوة ـ في نظري ـ أملا لإعادة طرح وجودنا الإسلامي مرة أخرى على عالم متحفز ـ منذ قرون عدة ـ للانقضاض على الدين الخاتم ورسالته السمحة..”هؤلاء” أخطأوا، لاشك، ومن ثم فإن الوعي بمحدوديتنا ـعقلياـ أمام الحكمة الإلهية في التشريع ، أمام الماوراء غير المدرك بآليات تفكيرنا القاصرة بحكم عدم التناظر بين المخلوق وخالقه ، أو بينه وبين رسله المخلوقين أيضا ، أعظم المراكب إن فكرنا في خوض بحر المقدس ، صونا للعقل ، واتقاء للمحنة!
★★ الشاعر زيد الطهراوي الأردن- إمام وخطيب مسجد قبل أن نتحدث عن أسباب نقص الفرحة بالعيد أو اختفائها لا بد أن نذكر أن العيد هو من شعائر الإسلام و لا بد لشعائر الإسلام أن تظهر بما فيها من صلاة و تكبير و تعظيم لله و إظهار للفرح.أما الفرحة بالعيد فقد تكون عند الصغار أكبر و ذلك لقلة مسؤولياتهم و انشغالاتهم فيأتي العيد على الكبير المنهك بأعباء العمل والعائلة فيمر عليهم و قد تقلصت فرحتهم و لكنها لا تختفي وذلك لامتلاء قلب المسلم بمحبة شعائر الله وتعظيمها ومن الأسباب كذلك تدهور الحالة المادية عند الكثيرين مما يؤدي إلى التوتر الذي ينقص البهجة خاصة وأن الوالدين ينشغلان بتوفير الملابس للأبناء و إعطائهم مبلغا و لو يسيرا وهو ما يُعرف بالعيدية ليشتري الأطفال ما يحبون و يلعبوا بالألعاب التي تنتشر في العيد كالأراجيح وغيرها، ولا ننسى سبباً مهماً و هو ما يتعرض له المسلمون من آلام و تعذيب و فقر في غزة وفلسطين والسودان و أراكان وغيرها من البلدان التي يعاني فيها المسلمون معاناة شديدة واضطهاداً عنصرياً على أيدي اليهود والبوذيين والشيوعيين.. فهل يجوز لنا أن نفرح و هل نسمح لفرحتنا أن تكتمل و المسلمون يعانون؟ والجواب على هذا هو أن المسلم يفرح بالعيد دون أن يبذل جهداً لاستدرار الفرحة فكأن الفرحة بالعيد مغروسة في قلب المؤمن فلا يكاد يسمع بالعيد حتى يبادر بتهنئة من حوله وقد يحصل هذا مع المعذبين من المسلمين في البلاد التي ذكرنا فيفرحون على الرغم من المآسي التي ينامون ويستيقظون عليها، ولكنَّ هذه الفرحة ليست كاملة إنها فرحة مغموسة بالألم فلا خير في مسلم لايتأثر بمصاب المسلمين و أحزانهم.
★★ويرجع الناقد د. أيمن دراوشة ناقد وكاتب مقيم بقطر ودارس شريعة إسلامية و فقه مقارن أسباب اختفاء مظاهر الفرحة والبهجة، وتزاور الأقرباء والأصدقاء في العيد، إلى ضغوط الحياة:ـ ضغوط الحياة المتزايدة وصعوبة الظروف الاقتصادية قد تجعل الناس أقل قدرة على الاحتفال والتزاور. والاعتماد المتزايد على التواصل الإلكتروني قد يقلل من التفاعل الشخصي والزيارات الفعلية. وزيادة الانشغالات اليومية والعمل قد يجعل الوقت المخصص للاحتفال والتزاور أقل. ـ تغير الأجيال ونمط الحياة قد يؤثر على كيفية احتفال الناس بالعيد وتبادل الزيارات. ـ الهجرة والانتقال إلى أماكن بعيدة عن الأهل والأصدقاء لأسباب العمل أو الدراسة. ـ هذه العوامل وغيرها قد تؤدي إلى تراجع مظاهر الفرح والتزاور التقليدية في العيد.وعن دعاوى القسوة في ذبح الأضاحي قال: الأضحية ليست مذبحة بلا رحمة، بل هي شعيرة دينية لها أبعاد روحية واجتماعية. تتم عملية الذبح وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية التي تضمن أقل قدر من الألم للحيوان. كما أن اللحوم الناتجة عن الأضحية توزع على الفقراء والمحتاجين، مما يعزز من قيم التكافل والعدالة الاجتماعية. –وعن لماذا لا تنادي هذه الدعوات المشبوهة بترك المصايف والتبرع بقيمة المصيف للفقراء أو ترك التدخين وإقامة حفلات الزواج والتبرع بقيمتها للفقراء؟أقول أن السؤال يستند إلى مقارنة بين سلوكيات تعدها الدعوات المشبوهة غير ضرورية مثل السفر للمصايف أو إقامة حفلات الزواج الباهظة، وبين السلوكيات التي يمكن أن تكون مفيدة اجتماعيًا مثل التبرع للفقراء. ويمكن تفسير هذا الأمر من عدة جوانب: قد تكون هذه الدعوات تركز على سلوكيات معينة لأسباب معينة، مثل السعي للترويج بأن المسلمين يذبحون ألوف الخراف في عيد الأضحى وبالتالي فهم يضطهدون الحيوانات، وهي دعوات مشبوهة الغرض منها النيل من ديننا الإسلامي الحنيف، بينما لا يعتبرون أنَّ التبرع بقيمة المصيف أو حفلات الزواج ضروري فهذه أسباب في مصلحة المسلمين، والمشكلة أنَّ هؤلاء دعاة الرفق بالحيوان هم أصلا مجردون من الإنسانية فكم قتلوا من العرب المسلمين في حروبهم المفتعلة؟! وقد تكون بعض هذه الدعوات مدفوعة بمصالح شخصية أو تجارية أو عدائية وكراهية، حيث تستهدف تغيير سلوك معين؛ لتحقيق أجندات معينة. علمًا أنَّ التبرع للفقراء هو سلوك اجتماعي يتطلب وعيًا وإرادة فردية قوية.. كما أنَّ بعض السلوكيات تكون أكثر وضوحًا وسهولة في الحصول على تغطية إعلامية، ممَّا يجعلها أهدافًا أسهل للحملات المشبوهة.