قراءة في حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تثبيت أجرة الأماكن الخاضعة لقانون الإيجارات القديمة
الدور الذي لعبته المحكمة في تأخير إنصاف اصحاب تلك الأماكن
محمد خلف | القاهرة
قضت المحكمة الدستورية العليا منذ شهر تقريبا، حكماً بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى ، و ان هذة النصوص تخالف أحكام الدستور، و اوجبت تدخل المشرع لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية.و يجب ان نوضح ببساطة مفهوم هذا الحكم و ما يترتب على صدوره بالنسبه للاماكن الايجار القديم .
بادئ ذى بدء يجب ان نوضح اولا ان الحكم بعد دستورية هذة النصوص فى قانون الايجار القديم معناه ان تلك النصوص تم الغائها من المحكمة الدستورية و لا يجوز العمل بها ، مع مراعاة ان موعد الغاء هذة النصوص كما حددته المحكمة الدستورية بمقتضى المادة (49) من قانونها قد حددته المحكمة باليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب 2024 ، تاريخًا لإعمال أثر حكمها؛ وذلك لحاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981.
اما عن الاسباب التى شيدت المحكمة قضاءها بعدم دستورية تثبت الاجرة للايجارات القديمة ، على سند من أن القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن السكنية تنطوي على خصيصتين: أولاهما الامتداد القانوني لعقود إيجارها، والأخرى التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وكلاهما ليس عصيًا على التنظيم التشريعي، فإذا كان الامتداد القانوني قد حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه، دون سواهم و هم الزوج او الزوجة و الاولاد و الابوين و لطبقة واحدة فقط ، فإن تحديد الأجرة يتعين دومًا أن يستند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، مما يوجب تدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، فلا يمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال – قيمة الأرض والمباني – بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا.
و النصين المقضى بعدم الدستورية بشأنهما قد حظرا زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7٪ من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وهو ما مؤداه ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، ولا تؤثر فيه زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، واضمحلال عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم، وهو ما يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية.
و بأستقراء حكم المحكمة الدستورية يتلاحظ لنا ان الحكم قد تأخر كثيرا بلا مبرر فالدعوى امام المحكمة الدستورية رفعت منذ 26 سنة ، رغم انه كان من الممكن ان يصدر الحكم خلال سنة على الاكثر و هذا – فى راينا – يبرز الدور السياسى و الاقتصادى الذى تلعبه المحكمة الدستورية التى قد تتأخرعن اصدار احكام معينة مراعاة لظروف معينة او او بالتشاور مع جهة معينة ، و نحن نرى ان هذا الامر فيه ظلم شديد اذ ان من المفترض ان تلغى النصوص التى تحظر زيادة الاجرة البخسة للعقارات القديمة منذ 26 سنة على الاقل و لا شك ان ذلك كان فيه ظلم شديد لاصحاب العقارات الخاضعة لقوانين الايجار القديمة ، فبعض الشقق منها مازالت قيمة الايجار الشهرى خمسة جنيهات او عشرة جنيهات !! فأى عبث ذلك
و على العموم ان تأتى متأخرا خيرا من الا تأتى …
و ننتظر التعديلات التشريعية التى يلتزم مجلس النواب بأجرائها قبل نهاية الفصل التشريعى الحالى لزيادة الاجرة زيادة عادلة ترفع الجور و الظلم عن اصحاب العقارات القديمة ، على الرغم من توقعى ان تكون تلك الزيادات غير مجدية بالشكل الذى يرفع الظلم و العدوان عن ملكية العقارات الخاضعة لقوانين الايجار القديمة