فكر

تمزيق الحقائق بالتعصب

ظهير طريف فالح|العراق

   مع وجود حدود لإدراكنا، أصبح الميل للجانب العقلي أمر مبهم. ومن خلال مشاهدة الجدالات والمناقشات التي تحدث بين النخب المثقفة في مجتمعنا، نجد أن أحد الطرفين في الجدال يدعي أنه يستعمل العقل والمنطق في تقديم البراهين التي تثبت صحة فكرته سرعان ما يقوم الطرف الآخر بتقديم دليل يدحضها، وكأن توظيف العواطف في تقديم البراهين جريمة حتى لو كان منطقهم خالٍ من الحكمة! فيستمر الجدال هكذا لغاية انتهاء الوقت المحدد للنقاش. ما أود أن أطرحه/ كم جدال نشب بين المثقفين ولم نحصد منه سوى الشك والحيرة اتجاة الحقيقة؟ فنشعر وكأنما الطرفين على خطأ.

     أنا لا أنكر بأن التعصب للآراء هو الذي ينمى معتقداتنا ويغذيها، ودوما يضيء ما كان مظلماً من خزائن اعتقاداتنا، لذا فإن عقولنا راضية في كل تسعمائة وتسع وتسعين حالة من ألف حالة من الحالات التي تتعلق بنا ما دمنا نجد بعض البراهين المقنعة التي نبرزها فى وجه كل من ينتقد اعتقادنا.

    أشار الفيلسوف وليام جميس في كتابه “العقل والدين” إلى فرضية فلسفية تستحق الاهتمام و هي (عندما نكون قادرين على الاستمرار في التفكير من غير انقطاع فإن موضوع التفكير يبدو معقولا و مشبعا للميل العقلي)

    ما نستنتجه هو أننا نواجهه دائما بما فى هذا الكون من حقائق واقعية، فنحس باختلافها وبتعددها، ولكنا نحاول من ناحية نظرية أن ندركها بشكل يرجع هذا التعدد والاختلاف إلى نقطة لا تعدد فيها ولا اختلاف. لذا فإذا كان الشخص يؤمن بنفس الحقائق الواقعية التي تؤمن بها فليس من الضروري أن يؤمن بالبراهين النظرية التي قدمتها له .

     إن تصويب الأعين على الاختلاف بين البراهين النظرية وإجبار المقابل أن يؤمن بها هو ما عقَّد دائرة النقاش بين البشر؛ فكل فرد يرى الحقيقة بمنظوره الخاص ما يهمنا هو أنه يرى الحقيقة ذاتها فقط، و ليس كيف يراها.

    إن وصولنا إلى نقطة لا يوجد فيها اختلاف هو ما يهمنا؛ فما الذي نجنيه من تعدد الآراء والبراهين النظرية إذا كانت الحقيقة موجودة بشكل مطلق لدى الطرفين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى