الإبداع إفلاس كتابة وشهوانية جسد أم هو السعي المادي؟
عمارة إبراهيم | شاعر وناقد مصري
عندما تزايدت أعداد الكتاب الذين يسعون إلى الشهرة والحصول علي مساحات واسعة من ذاكرة الثقافة والعلم ويتخايلون بما حققوا من منجز في الإبداع الذي توغل في بيئة الأمة، وحرض علي النيل من كل المسكوت عنه بسبب العقائد الدينية أو بسبب تقاليد الحياة في البيئة العربية التي تمجد الفضيلة، وتستحسن الأخلاق والأصالة والعراقة المتأصلة في الجذور العربية.
أقول عندما يتزايد الكتاب في سعيهم إلى ما يفرد ذواتهم، فعلى البعض أن يبحث عن المسكوت عنه خاصة أن الفعل البشري الجمعي تتزايد انفتاحات تأثره بثقافات أخرى تعادي ثقافتنا التي ذكرتها هنا، وثقافتنا تشيطن ثقافتهم وتنعت صانعيها بالدونية والبهائمية في غريزة الشهوة الجسدية التي لا ضابط ولا رابط لها عندهم، علي خلاف ثقافتنا.
ليجد المبدع الموهوب وغير الموهوب ضالته بالخروج نحو هذه الثقافة المستوردة، بل وقد أوجد صانعوها أبواب الانفتاح عليها مجانيةلكشف الثقافة التي تعادي ثقافتهم، وفضحها وتعرية أفعالها حتي تنتصر ثقافتهم لبيئتهم ويكون لهم السبق في الأثر والتأثير.
وللسبب الأهم فضح عقائدهم الدينية التي تنبذ وتحرم شهوانية الجسد في علانيتها، مما دفعهم إلي الإعلان عن جوائز عالمية تمنح للإبداع الذي يرتقي لإنتاج بيئة مغايرة للبيئة العربية التي تتباهي بفضائل الأخلاق والتمسك بالعقيدة خاصة وهي تحافظ على قيمة وجمال الجسد وعدم فضح شهوانيته التي وضع الله لها ميثاقا غليظا.
كانت هذه مقدمة نتذكر بها واقعنا وثقافتنا التي انفتحت أبوابها علي مصراعيها لتلقف مادة تعرية الجسد في الإبداع أو الأفلام الإباحية التي ترفضها ثقافتنا وسلوكنا وعقيدتنا، ليجد منها بعض الكتاب وسيلة شهرة، أو تكسب مادي، وخاصة أن الأجيال الجديدة التي انفتحت علي الثقافات الغربية تحتاج إليها بشدة لأسباب اجتماعية في صعوبة الزواج لأسباب مادية بالدرجة الأولي.
أعود إلي ما قرأته مؤخرا علي صفحات التواصل الاجتماعي عن منشور كتبه الروائي الخمايسي وأنا لم أقرأ منشوره.
لكن دأب البعض من الكتاب في الألفية الجديدة، علي أن يدخلوا حارات الجسد والمسكوت عنه في مجتمعاتنا التي تمارس تجلياته وممنوعاته سرا والقذف بطوب الأرض لمن يقترب ويجاهر بها.
الأمر ببساطة هو مرض البحث عن الشيطان في تفاصيل المسكوت عنه لكسر التابوهات غير المقبولة في مجتمعاتنا وهذا في ظني انحراف لمسالك يقبلها المجتمع في صومعة مغلقة ويرفضها في فضاءات واسعة وبالطبع هذا لا يمثل قيمة وجمال الجسد في تعريته وفضحه في سره وعلانيته.
الحقيقة الكتابة الجسدية انفتح عليها الغرب من مئات السنين، وكان يتحرش بها بعض الكتاب العرب منذ عشرات السنوات لكن زادت فجاجتها في السنوات الأخيرة وهو ما يؤكد أن البيئة العربية وثقافتها تقترض ما رفضته من قبل وتسعى بعد أن انفتحت الثقافات الكونية على بعضها، لأهداف سياسية واجتماعية في الدرجة الأولى أن يبرز بعض كتابها – كتاب بيئتنا العربية – مفاتن جسد المرأة العربية وشهوانيتها وتلقف الرجل العربي بدافعه الشهواني أيضا، وربما ليكون بديلا عن مواثيق العقائد الدينية التي يحترمها ويقدسها العربي.
إن مفهوم العربي داخل منطقة شهوانية الجسد يلتف حول سلوك وأخلاق أقرتها البيئة العربية قبل التشريع المسيحي والإسلامي وتربينا عليها، مما يدفع البعض إلي الدخول في محاريمه لتربح مادي وشهرة.
ولربما كان الدافع يتلخص في انحيازه من تأثره، وأن القادم سيقنن بوضع اليد وأن البيئة العربية التي أقرت شريعتها الكتب السماوية تؤكد:
_ إذا بليتم فاستتروا_ ، باتت في أحضان علانية شهوة الكتابة الجنسية وما فعله الخمايسي، ربما كان “جس نبض” للقادم الذي يخصه في منطقة هذه الكتابة التي يقرأها الغالبية من الناس يعشقونها لكنهم يرفضونها.
والقضية هنا تتلخص هل تقبل بيئتنا العربية هذه الكتابة التي تمنح الشهرة وتمنح الجحيم الدنيوي وجحيم الآخرة، أم تتمسك بثوابت أخلاقها وتنحاز إلى عقيدتها التي ترجم من يقترب منها في العلانية، أو يدخل في مضمارها؟.