كيف نربي أبناءنا في عصر الدمج بين ما هو بيولوجي وما هو تكنولوجي ؟

د. محمد ناجح أبو شوشة| كلية التربية بجامعة سوهاج -مصر

العميد الأسبق لكلية التربية بالجامعة الخليجية بمملكة البحرين وعميد القبول والتسجيل

أصبحت تربية الأبناء في العصر الحالي مهمة صعبة، نظراً لطبيعة هذا العصر من جهة، وتعدد الجهات التي تشارك في تربية الأبناء-بطريقة مباشرة أو غير مباشرة-من جهة أخرى، فالعصر الحالي هو عصر العولمةوالسماوات المفتوحة، وتلاقح الثقافات،وحوار-أو قل صراع – الحضارات، عصر الفضائيات والإنترنت والرقمنة والبيانات الضخمةواقتصاد المعرفة، عصر السرعة والفيمتو ثانية،عصر الدمج بين ما هو بيولوجي وما هو تكنولوجي، عصر الهندسة الوراثية والبحوث الجينية، عصر الفضاء والطاقة النووية، عصر تتراجع فيه كثير من القيم، وتندثر فيه كثير من الموروثات، وتهتز فيه كثير من الثوابت، فكيف تكون تربية أبنائنا في هذا العصر؟

من المعلوم لدينا جميعًا تعدد الجهات المشاركة في عملية التربية، فالجميع يشارك في تربية أبنائنا، ففضلاً عن الأسرة والمدرسة، فإن وسائل الإعلام، ودور العبادة،والنوادي، وجماعة الرفاق،والشارع، وغيرها تعد أطرافاً فاعلة في تربية النشء، بل قد يفوق تأثيرها تأثير كل من الأسرة والمدرسة في بعض الأحيان، نظراً لما تتميز به هذه المؤسسات من تشويق وإمتاع، وما تُتِيحه لهذا النشء من فرص المشاركة والتعبير وتحقيقالذات، إلى غير ذلك من الأمور التي قد لا تتوفر في الأسرة أو المدرسة.

 كل هذه العوامل مجتمعة جعلت تربية الأبناء على النحو المرغوب فيه أمراً لا تطيقه الأسر وحدها، ولا المدرسة مستقلةً، وإنما يجب أن تتضافر جميع الجهود لتحقيقه، وأن تتعاون شتى الجهات والمؤسسات المعنية، بما يضمن التنسيق بينها، وعدم تعارضها وتصارعها، فلا ينبغي أن تتجاذب هذه المؤسسات جيل الناشئين فتقطع أوصاله، وتقضي على تربيته، ويتحول دورها بالتالي من دور البناء إلى دور الهدم.

وبطبيعة الحال فإن عصر ما بعد كورونا (Covid-19)وما يتميز به من تفعيلٍ لأنظمة التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، فإن مؤسسات التعليم قد تنجح فيما يتعلق بالجانب التعليمي من العملية التربوية، لكن علامات استفهام كثيرة سوف توضع على دور هذه المؤسسات في بناء الشخصية المتكاملة، والتي تُسهم في تكوينها ملاعب المؤسسات التعليمية ومسارحها، والتفاعل المباشر بين المعلم والمتعلم في قاعة الدراسة، والأنشطة الدينية والثقافية والاجتماعية والترفيهية، فضلًا عن التنسيق بين المؤسسات التعليمية كمؤسسات للتربية الرسمية، ومؤسسات التربية الأخرى متمثلة في الأسرة ودور العبادة ووسائل الإعلام والنوادي والمكتبات والإعلام.

وفي هذه السلسلة من المقالات نناقش عدداً من القضايا التربوية التي نستطيع من خلالها التعرف أكثر على كيفية تربية أبنائنا بما يضمن سواء شخصياتهم، وسلامة عقولهم، وتنشئتهم على نحو يحقق آمالنا فيهم، ويعطي الأمل في المستقبل.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى