كان ينبغي

عبدالوهاب لاتينوس | السودان
إلى/ صديقي العزيز دوماً ياسر مرةً أخرى
ونحن نحصد معاً صقيع المنفى .

كان ينبغي لي أن أسقط
صرخةً تنزلق مِن ثغرِ الليل .

أن أذوب في وعاء وقت
يتسع فقط للحزن .
أن أمزق جسدي وأتلاشى خفيفاً
في وحلِ الفراغ .

كان ينبغي لي أن لا أنام أبداً
طوال الليل .

فأظل أحدق ملياً في ظلي
كأنه مِن زمن آخر
لا يعرفني ولا أعرفه ،
فقط أصطدم بي صدفةً
في منعطف ضيق يغص بالعبث .

كان ينبغي لي أن أمضي وحيداً
نحو الضفة الأخرى
حيث الصمت وحده يصرخ
في وجهي
دون أن أقوى على كبحه .

كان ينبغي لي أن أتلاشى سريعاً
في برهةٍ ، دفعةً واحدة ،
كضوء يفيض مِن عينيْ الشمس
لحظة الغروب .

لم تمرُّ لحظة دون أن أفكر في موت ،
في خلاص أو حتى خراب يضع حداً لكل شيء .
في خضمِ هذا العبث الذي يغمر الكون ،
ليس بوسع رجل مجنون مثلي ، أن يفكر ، أو يحلم
بنجاة الكون عبر أمل يهبط مِن سماء بعيد ،
آن تدحرجه ، كحجر مصقول ، يدي الرب .
الخراب فقط ما أنتظره بصبر كاد أن ينفد ،
وبيأس فاتر لا يثمل مراهقاً .

كان ينبغي لي أن لا أحصد
غير خيبةٍ تتمدد
مرةً إثر أخرى .

كان ينبغي لي أن لا أحصد
غير يأس طازج
يندفق مِن جثةِ الحياة .
/       /       /
15/4/2020

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى