ليسَ بالشّكوى شِفاءُ
شعر: صالح أحمد (كناعنة) فلسطين
///
شكَوتُ وليسَ بالشَّكوى شِفاءُ
ولا بالصّبرِ إن عَمَّ البَلاءُ
.
وضاقت بالكريمِ الحُرِّ دُنيا
تناوَبَها البُغاةُ فلا صَفاءُ
.
فما عادَ الحَليمُ يَرومُ رُشدًا
وقَد أضحى لِذي السّفَهِ اجتِراءُ
.
يُصادِرُ رايَةَ الأحرارِ ظُلمًا
ويَتبَعُ مَن مَناهِجُهُ العِداءُ
.
وحامت بالرّبوعِ غِرابُ خَلقٍ
وأبدى النّذلُ للعادي الولاءُ
.
وبُدِّلَ مَنهَجُ الأخيارِ جَهلا
بمنهَجِ مَن مَعيشَتُهُم خَواءُ
.
وضُيِّعَ إرثُ قومٍ كم تَساموا
ليُتبَعَ زائِفُ الرّأيِ الهَواءُ
.
ألا يا طارِقَ الأحزانِ زِدني
يقينًا أنَّ دُنيانا ابتِلاءُ
.
وقَد أضحى المُعَزّي والمُعَزّى
بأرضِ العُربِ يا لَهَفي سَواءُ
.
فُجِعنا كُلُّنا مِن جُرحِ شامي
وفي الزّوراءِ ينتَصِبُ الشَّقاءُ
.
وفي مصري أقَضَّ دمُ العَذارى
عيونَ الفَجرِ واعتَلَّ الضِّياءُ
.
ورُوِّعَ شيخُ قومي في حِماهُم
فليسَ بها لشَيبَتهِ وَفاءُ
.
وفي قُدسي يُسامُ الحُرُّ أسرًا
يثورُ… سلاحُهُ ملحٌ وماءُ
.
سعى بيقينِهِ وشموخِ نَفسٍ
ولم يخنَع… ورايَتُهُ الإباءُ
.
وإذ عزَّ النّصيرُ لجُرحِ قُدسي
وقادةُ يغرُبٍ عَنها تَناؤوا
.
فِداءً ناشئَ الفِتيانِ هُبّوا
فكانوا دِرعَها وَهُمُ الكِفاءُ
.
إذا الدّنيا رمتكِ بكلِّ سَهمٍ
لجرحِكِ قدسَنا نحنُ الدّواءُ
***
بني الإسلامِ أُنسيتُم أَعِدّوا
فزُلزِلتُم وقد عزَّ اللّواءُ
.
وصرتُم للأعادي شَرَّ ظِلٍّ
أفي ظِلِّ الغريبِ لنا وِقاءُ؟!
.
وهل في صُحبَةِ الإفرنجِ خيرٌ؟
ألا خابَ المُرَجّى والرّجاءُ
.
كلابُ الغربِ تنهَشُكُم وتعوي
غَدَت غولًا وقَد صِرتُم شِياءُ
.
يمَنّيكُم لقيطُ الغربِ زورًا
وَيَشريكُم… بكُم هانَ الشِّراءُ
.
ورُحتُم للمَناظرِ في استباقٍ
وليسَ لجَوهَرٍ فيكُم بَقاءُ
.
رفعتُم شامِخَ البنيانِ فخرًا
وهُنتُم في الوَغى.. أنتم غُثاءُ
.
على ذلِّ المُمالَأة التَقَيتُم
بلا رأيٍ وعُدَّتُكُم رياءُ
.
وما فيكم بموقفهِ أصيلٌ
ولا والله ما شئتم… وشاؤوا…
.
علوجُ الرّوسِ والأمريكِ فيكم
تُحَكِّمُ أمرها ولهُ مَضاءُ
.
خرائِطُهُم تحاكُ بلَيلِ ظُلمٍ
وتُفشى لم يعُد أمرٌ خَفاءُ
.
تطاوُلُهُم على بعضٍ مِراءٌ
على جرحي لهم طابَ اللّقاءُ
.
مصالِحُهُم هي القانونُ فينا
بِناكبِ شَعبِنا اعترَفوا وراؤوا
.
فّثُب للرّشدِ يا شعبي وأبصِر
فليسَ لخاسِرِ الهيجا عَزاءُ
.
فلو صدقوا مودّتهم لصانوا
عهودًا .. إنّ نُصرَتَهُم هُراءُ
.
فكم سُروا إذ الإسلامُ أضحَوا
شراذِمَ ليسَ يجمَعُهُم إخاءُ
.
هو الهدفُ الذي كم عاشَ يسعى
إليه الأجنبي كلٌّ سَواءُ
.
وسارَت خَلفَهُ الأقزامُ عُميًا
وصُمًا سعيُهُم شرٌّ وَباءُ
.
فكم يُبدون من لينٍ نفاقًا
وهم من مكرهم يُغضي البَغاءُ
.
كلامٌ ليس أكثرَ مِن زَفيرٍ
وعودٌ ليسَ يَدنوها الأداءُ
.
ألا يا سائِلي عن مَجدِ قومٍ
رثاهُم حينَ خانَهُمُ الرِّثاءُ
.
فما للقومِ من مَجدٍ يُنادى
إذا عن فِعلِهِم غابَ النّقاءُ
.
كنوزُ بلادِهم للغيرِ تُدنى
وتلكَ شعوبُهُم جَوعى ظِماءُ
.
ولا واللهِ ما للحَقِّ قاموا
ولا للرشدِ والايمانِ فاؤوا
.
يسامُ الطِّفلُ في قُدسي هوانًا
ويُحرَقُ… إنّما الفعلُ ازدراءُ
.
لكلِّ قيادةِ الأعرابِ طُرّا
فهم في أعيُنِ الأَعدا إماءُ
***
شكَوتُ وكنتُ بالشّكوى جَديرًا
وفوقَ رُبوعِنا رانَ الفَناءُ
.
نُقاتلُ بعضَنا والكلُّ صِرنا
دماءً تشتَفي منها الدّماءُ
.
وفاغرُ جرحِنا كم صاحَ فينا
كَلَونِ الفعلِ يأتيكَ الجَزاءُ
.
فمن سيرُدُّ كفَّ الغدرِ عنّا
وكلُّ شعوبِنا بالقهر ناؤوا
.
وأبهجَ قلبَ أعدانا صراعٌ
يُمزّقُنا .. ألا تَبَّ الغَباءُ
.
فمن للحرَّةِ الثّكلى تُنادي
ويُخرَسُ جمعُنا؟ إنّا هَباءُ
.
ومن للطفلِ يصلى في أتونٍ
مِنَ الأحقادِ إذ عزَّ الفِداءُ؟
.
ومن للأرضِ إذ يحتَلُّ باغٍ
لمقدِسنا .. وموقِفُنا انحِناءُ؟!
***
شكوتُ وشكوتي عارٌ وذلُّ
وما أعددتُ للخَطبِ استِياءُ
.
أحاوِرُ وحدتي ويطولُ شكّي
إذا لم يبقَ لي نَعَمٌ؛ فلاءُ!