نحن ننقرض

د. رافع يحيى | فلسطين

نحن ننقرض لأسباب كثيرة سيذكر المقال بعضها، المقال هو محاولة لقراءة واقع نعيشه، لا بدّ من تغييره، من أجل أن نكون حضارة تسعى للتقدّم والانتاج، بدلًا من الوقوع والسّقوط المتكرّر في الجهل الّذي سيقودنا للانقراض.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، يستهلك ولا يُنتج.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، يمتلك عدّة التّلقّي ولا يكترث لعدّة السّؤال.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه عقل اتّصالي ولا يعنيه الابتكار.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه يتعامل مع العادات والتقاليد كمقدّسات.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه يتبنّى ثقافة حوار ترتكز على الشّخصنة، يحاور الشّخص ويتجاهل ما يطرح من أفكار.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ العزوف عن القراءة منهجه وعلّته في آن.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لا يهتم بالفلسفة ويتعامل معها بريبة وسخرية.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، تحرّكه العصبيّات- على اختلافها.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ ثقافة اللّوبي الّتي تسيطر عليه وتوجّهه هي عادةً من صنع يديه أو توجّهها، دون أن يدري أو يدري مجموعات تعمل وفق أجندة تحقّق من خلالها مكاسب خاصّة.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه يعاني من الأزدواجيّة في حكمه على كثير من القضايا. فهو منافق، زئبقي في المؤسّسة الّتي يعمل بها، ومنظّر كبير عندما يتاح له الحديث في مسائل فكريّة.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه بهمّش الفنون المختلفة في مناهجه التّعليميّة ولا يكترث بها.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ ثقافته في معظمها ثقافة سمعيّة.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ المثقّف لا يتعاون مع مثقّف آخر لتحقيق الانجازات، بل تحكمه عقدة الفحولة ولا يؤمن بثقافة الفربق.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ الأمّة تبنّت فكرة “زمّار البلد ما بطرب” وصارت دستورًا لقمع المبدعين. وقوافل العقول المهاجرة أكبر مثال على ذلك.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ من يحملون الشّهادات يتوقّفون عن القراءة والمطالعة في سنٍ مبكّرة جدًا. وبدلًا من الحصول على مثقف نخبوي، لدينا طوابير من مثقّفي النّميمة.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ التّعبير عن الرّأي معدومًا والكلمة صارت جُرمًا.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ المساحات الّتي يتحرّك فيها مازالت ديمقراطيّتها مجرّد شعارات زائفة، ليس أكثر. وهي ديموقراطيّة ميكروفونات أمّا على أرض الواقع فلا نلمس منها شيئًا، وليس لها أيّ أثر.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه ذكيّ ويمتلك طاقات جبّارة تقصفها مؤسّسات وإدارات وأنظمة بالكاد توفّر الحاجات الأساسيّة للانسان.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ قمع الانسان المبدع المختلف، أينما كان، ثقافة موروثة لم نتحرّر منها بعد.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّه يظنّ أنّ نجاحه بعتمد على تشويه الآخر.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، تحكمه أفكار نمطيّة مكرّرة يخشى الخروج منها أو مساءلتها.

– لن تتغيّر الأمّة ما دام العقل العربي مكبّلًا قاصرًا، لأنّ المتعلّمين لا تربطهم أيّ علاقة بالفكر لا بنتجونه ولا يتحرّكون في فلكه، فيغدون مجرد كائنات عاقلة لا تأثير لها في مجتمعاتنا، فلا يصنعون النّهضة. ممّا فتح الباب على مصراعيه للقيمة المادّيّة لتتقدّم على حساب القيمة الفكريّة فصارت حياتنا مسارح للتهربج بدلًا من أن تكون منصّات لنشر الفكر وصناعة النّهضة.

وأخيرًا، علينا أن نعيد قراءة أنفسنا بجرأة وشفافيّة، حتّى لا يتحقّق عنوان هذا المقال، نحن قادرون إن شئنا. لكن علينا أن نعترف أولًا بنقاط ضعفنا وأسباب تخلّفنا، ومن ثمّ شحن الإرادة لتحطيم الكثير من المعيقات الّتي باتت تتحكّم بعقولنا. وما دامت عدّة التّنظير تتفوّق على عدّة الممارسة سيظلّ عنوان المقال -للأسف- ساري المفعول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى