قراءة في رواية “حارس الفنار” للروائي الفلسطيني نافذ الرفاعي

هدى عثمان أبو غوش

    صدرت الرواية في2021، عن دار النشر (مكتبة كلّ شيء) في حيفا، وتقع الرّواية في 218 صفحة من الحجم المتوسط.


في رواية”حارس الفنار” يحمل الرّوائي نافذ الرّفاعي قلمه الجريح ويعرّي جسد الوطن، ويصور معاناته في ظلّ الاحتلال، أثر النكسة وما بعدها من أحداث وصولا لأوسلو وحتى حاضرنا اليوم، وفي هذه الرّواية المكتنزة بالحزن والسواد، نجد صرخة الفرح ليس لنا، وفي محاولة الهروب لإيجاده في الخمارة، تغتاله فساد الفلسفة الفارغة، كما يفسرها حارس المنارة، نحن إذن أمام رواية تكشف عن الحالة النفسية للفلسطيني من خلال بوح الشخصيات المختلفة بأسرارها عند الفنار أو المنارة، ذلك المكان المضيء الذي تشتعل أرواح الشخصيات بالتفريغ عن همومها الوطنية والنفسية والاجتماعية، فنرى الوجوه البائسة التي تبحث عن الحقيقة،والبراءة من رذيلة العمالة ظلما وبهتانا،كغادة الممرضة التي وقعت ضحية ظلم السياسة والمجتمع، ويمكن اعتبار غادة هي رمز لفلسطين الجميلة التي تبحث عن لم شمل عائلتها بين الأوطان المختلفة في المهجر والغربة.
وجه آخر بائس، منهار، يلفه التعب حتى النخاع، هو “حارس الفنار”الذي يسرد الحكايات ويستمع للعابرين والمقهورين من حكايات الواعد والرفيق وغادة حكايات عديدة مؤلمة “أنا متعب في البحث عن نهايتي المتعجلة”.

    والفنار أو المنارة هما المصباح القوي، أي الحقيقة بلا زيف فحارس الفنار هو حارس التاريخ والثورة والذاكرة الفلسطينية، ولذا نجده ثائرا يريد أن يحرق جمجمته بسبب ما آل إليه الوضع الفلسطيني المزري، فنجده يهتف عاش البوعزيزي عاش البوعزيزي، احتجاجا على الظلم الفاحش، وانهيار الاحلام.
هي رواية الوجوه البائسة أو لنقل الوطن البائس الذي يبحث عن الخلاص، ويبحث عن ذاته التي سرقها اللصوص والاحتلال، يبحث عن لذة الوعي في متاهة الوطن، هي صرخة الفلسطيني المعذب، حيث حولته الحياة القاسية في ظل الاحتلال لمواطن مشتت في ظل الأوضاع السياسية الصعبة التي لا تنام، وأثر السياسة على الفرد وفي تغيير القيم والمبادىء الوطنية، هي مرآة لما يحدث بالمجتمع الفلسطيني من اعتقالات وصور الجواسيس سواء داخل المعتقل أو خارجه، صور الاغتيالات، وصور لحياة الأسير بعد التحرير والصعوبات التي يواجهها، من إيجاد العمل والعيش بكرامة وتكوين أسرة، صور لآفة الوساطات، كما نلمس من خلال الحكايات مدى مرارة العيش حين يبني العامل الفلسطيني بيت العدو، بينما الآخر يهدم بيته.
اختار الرّوائي شخصياته بلا أسماء عدا اسم غادة أو اسم باجس، لتعبّر الحكايات عن كل فلسطيني، فنجد حارس الفنار الواعد، الرّفيق، وينتقل الرفاعي من الأسماء الخيالية الرمزية إلى الأسماء الواقعية المعروفة التي لها صدى في الوطن وذلك من أجل تمرير فكرة ما، (ياسر عرفات، البروفيسور جابر وغيرهم).
أما حكاية عائلة غادة، وتشتتهم ما بين الكويت ولبنان والسويد فهي رمز لحياة الفلسطيني الذي قلبت الحروب أحواله فأصبح لاجئا ومهجرا، وحيدا بعيدا عن وطنه.
جاء أسلوب الروائي باستخدامه الأسلوب الاسترجاعي والرجوع إلى الماضي، وتسارع الزمن المختلف، دمج بين الخيال والواقع،

     اللغة جميلة، فيها لغة المخاطبة بين الشخصيات، لذا استخدم كثيرا أسلوب النداء، والتساؤلات وقد كانت اللغة مزينة بالمحسنات البديعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى