قراءة نقدية اعتبارية في قصة المصرية هدى حجاجي

أ. حميد العنبر الخويلدي | العراق

اللوحة الفنان الياباني ايشيرو تسوروتا

أولا – النص القصصي (وأُغلق عليّ بّوابة الحلم)

القاصّة: هدى حجاجي أحمد|مصر

لقد سرقوا طفولتي دون علمي كنتُ أشبهُ بساقية الأزهار البلاستيكية ..

أين سعادتي المزعومة ؟

لقد سرقوا طفولتي دون علمي و رقصنا دون توقف فوق الزجاج المكسور أين ألعاب طفولتي لم تعد موجودة، ذهبت إدراج الرياح و قميصي الذي تمزق على أشجار الكرز .

لقد سرقوا طفولتي يا أمي، و بقيت تحت نوافذ اليتم..

طائرتي الورقية علقت في الحبال أين أحلامي الصغيرة التي تقاسمناها و كبرت عليها معك سقطت أحلامي علي مائدة الذئاب وحين بكيت لم تشاركني البكاء لقد سرقوا مني نافذتي بقيت بلا نافذة …الحلم مثل رائحة الخبز و رائحة الحب و رائحة الموت ايضا آه من حلمي.. يضحك على آمالي كنت أصطحِب أوجاعي معي أينما إرتحلت كأمتعة اليهود

و قدري يسخر من صمتي لقد سرقوا حلمي ولم أعد أري غير وجه أمي في المرآة تقول لي لا تحزني ،إني أخاف عليكِ ، فحزنكَ يعصر قلبي ، وأنتِ فيه ، ظننتُها لحظة عابرة

لكنها تركت بداخلي أثراً لا يُنسى

كان ياماكان حلما جميلا تقاسمته معك وكبرت عليه يالها من معضلة يا أمي ماذا عن شبابي وطفولتي ؟

لقد سرقوا طفولتي دون علمي لقد نسيت شيئا، نسيت أنني مكسورة مثل الضوء لا أحدق في كثير من الأحيان أموت مثل الأوراق،.مثل بئر عميق وأحلام الرقص تأخذني باتجاه الهاوية، من نسيان ألايام التي تتلقى الأشياء والأيام التي تخنقني وأحلامي في الارتفاع، من الانهيار مثل أسرار البحر الرائعة للولادة بدء سماء جديدة في نهاية السماء،ماذا لو كان الحلم خطوة، والأمنية مجرد شعور.

ثانيا – النص النقدي المقابل

القصة شتات ،،، حتى تدخل مصيرها الجامع

نؤكد ومن خلال فهمنا، أن فن الرواية والقصة الأساسيين هما واقع كتبه الوجود والإنسان بطبيعية عفوية، أو هو حاصل حركة الفرد وارتباطه بموضوعاته المتعددة منظمةً كانت أم عشوائيةً وهكذا هو حضور الشخوص في النتاجات، أي أنّ حضوراً كان لهم من قبلُ، فبدهي أنّ بهذه المادة المشار لها ، مايستحق الوقوف عنده ، باعتبارها خامة انموذج، خامة تصلح لان تكون امثولة تُحْيي وتُجَدّدُ غيرَها، وبحسب مايراه المبدع المؤلّف، أي الكاتب، أو الناقد ومايستنتج من معادلات للجمال المعرفي والمثالي، الذي نستبدل به المُستهلَك والرث من الكمي حولنا، بنوعيٍّ جمالي اخترناه وهذّبناه وشذّبناه من الغث ،بتكويرة من الصفاء والبناء والمعنى الدال، وهذا واجب الفنان ووظيفته

فالمُشَرّعُ له اخْذَةٌ وقبس من هذي الخامات، والمؤرخ كذلك له، والسياسي وأغلب المناضلين والمفكرين لم يفوّتوا فرص الاقتباس من آداب القصص والروايات الممتازة، وخاصة المعاصرين منهم، حتى ليكادوا اعطوا آراءًا فذّةً من الفكر والتنظير بالفن ومن خلاله بالفلسفة والمنهج، هذا الواقع القصصي نقول إنه نثار قبلَ تثبيته بصفحةِ خيال الكاتب. أو أوراق الكتاب الذي يحتويه ويعود له.

نعم غنه، واقع منثور مبعثر موزّع حسب تحرّك البطل يومها، وفي يوم ما كان به مرصودا ولا مُتابَعاً، إذن نقول إن مادة القصة وكل فن تعبيري  رواىئي كان واقعاً سلبياً في الطبيعة لحد ما جاء الفنان المُجيد ليحرره من رواسبه وشوائبه، ليختزله، فيجري عليه علمه الاحفوري، ليظهره ويصهره بحمّى سبق وإن درسناها وأطلقنا عليها مصطلح/ حمّى التصيّر/ وهو مصطلح منهجنا الاعتباري. للعلم، وهي الحمْى التي تصيب المبدع تتلبّسه لحظة إغارته على عمله في العدمي، فيُهدَمُ بها ومن خلالها، إذ أول ما يهدم جسدَه ليتحول الفنان إلى كائن خارج نسبية الكون ومدارها إلى نسبية الصفر وأقوى من حركة الكون، المبدع في لحظة الخَلْق أقوى من لحظته الكونية  التي أتى منها ويعيش فيها، فلعله هو المالك لقدرة الاستحواذ العبقرية والتي تتوافر عليها أرواح الفنانيين العظماء، الذين خدموا أممَهم  وقدَّموا ما يرفع شأن الحضارات على مرِّ التاريخ.

هذا تلميح فكري نمشي على هَدْيه، فكيف صنعت القاصّةُ (هدى حجاجي أحمد) بُناها التناصّيّة ياترى ،،،، ؟ بعدما كانت هذي البُنى موزّعةً في أبدان الكتل الوجودية يوم ذاك وحتى إتيان فرصة المبدعة لتنتشلها من السبات، إذ استعدّت لِلَمِّ هذا النثار العالق كلٌّ بمكانه وزمانه وحسب وظيفته، وإلا ماكانت أجزاء الإبداعات حيّةً ونقدر على استجلابها.

الميتُ والمتحجّرُ لا يُجْلَب، وإن كان لابد، فيُجلَب معناهُ ليدخل المحدث الجديد بنسبية معدود ٍ لها، (لقد سرقوا طفولتي دون علمي) هذا نثار يشكل مادةَ حدث مثير، إنه مأساة من الألم والفجيعة والشكوى، أيُّ سرقةٍ هذي؟ وايُّ جريمة؟  مؤكد تأخذك فيها دوائر الفكر الاحتمالي إلى مداخل عديدة وفرضيات عديدة ،

فلو سألتَ وضمن سياق منظورنا أعلاه، أين كانت هذي البطاقةُ عالقةً،،،؟  – نعني سرقوا طفولتي مني  -، باي ركن ،،،؟. بأي ذاكرة ،،،؟ بايّ ملفٍّ باي زاوية واي ّ جماعة ،،،،؟ وأيُّ الكيفيات أتت بها، فهل غير إمكانات طاقة هذا المبدع ،،،؟ المبدع إنسان اعتباري نعم ونحن نبحث اليوم عن الفرد الاعتباري  وخاصة منهم المتعالي بالعبقرية ،،

(ورقصنا دون توقّفٍ فوق الزجاج المكسور ،،،) وهذي بطاقة أخرى ألْحقَها البنّاءُ المنقّب بمنضدة الصور النصّيّة ليضايفها ، تذكّراً ام لَزْماً مادياً بيدٍ على سماط الكمال، وهكذا واحدةً فواحدةً ريثما تتمُّ الخِلْقة الفنية، التي يسوقها القاص، وتسمى بنية العمل، (وأغلق عليَّ بوابة الحلم) تلك كانت ونعني بها مادتنا المحققة والتي اجابت عن ركن هامٍّ  من قانون القص عند العرب اليوم، حسب اعتقادنا، ناهيك عن كيفية التقاط القاص لهذي المغامرة الموضوعية لو حددنا، ولماذا هذا النوع الذاتي المجتمعي  بالذات والذي يخص فرداً  انسانةً تتضوّر من حادثات دهر ما انصف معها ،،،،؟ وماكانت  المغامرة نمطيةً بوليسيةً، أو حدثاً سياسياً، أو تجارياً أو سرقة أو جريمة ،،

لماذا الكاتبة حصرت غرضها المنشود بهذه الأسلوبية من المضمون ،،،،؟

نقول إن المبدع بوابة الغيب على الوجود، والمبدع خزانة أخبار الواقع ليس المحيط القريب منه وبه، غنما حتى ذلك الواقع من الحياة خارج حدود دراياته ومعياناته، الفنان يدري حتى بالمجاهيل، الأنبياء والأولياء عليهم الجلالة، هم أبواب الماوراء على هذا الوجود المترامي، هم نوافذ القدري وشبابيكه، ويلحق بهم المبدعون حتما ً حسب نظر أصحابي ومنهجياتهم المكاشفاتية الاعتبارية، المبدعُ بابُ الله على ما كُلّفَ عليه، وماتمكّن من أداء رسالته، باعتبار أنّ الفن بهجة وبهاء الحياة  الفن تَعْرفة من باب آخر، هوية العالم والأمم والتواريخ ،

الفنون آثار أحفورية محققة ودليل على الحقيقة والتجليات، بل هي الحبال الواصلة ما بين مَن درس وأمسى غابرا وبين مَن سعى على ظهرها  وثَبُتَ،، هذا قصد فكري أشرنا له، ونشير إلى جانب أو وجه آخر من جمال القصة، أدبيتها شعريتها، حبكة الفني بها، توالدها التراكبي من المعاني، والتحشيد والتراصف ذي اللمسات التي ترفع المستوى للذروة ،،

(لقد سرقوا طفولتي مني، دون علمي لقد نسيت شيئاً، نسيت أنني مكسورة مثل الضوء، لا أحدق في كثير من الأحيان اموت مثل الأوراق، مثل بئر عميق ،واحلام الرقص تاخذني نحو الهاوية ،، )

يترائى لك أنّ شاعراً مجيداً آثر في أن ينشيء أسلوبياته وتصويره وما ينسجم مع روح الحدث الذي يطارده، الفنان يطارد الحدث ليصنع منه إيجاباً يخدم الغرض ،، يخدم الخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى