قراءة في نص: أنا .. للشاعر العراقي باسم عبد الكريم

جوليا علي | أديبة وناقدة – سوريا

أولا – النص:  [ { ( .. انا ؟؟ : انا …؛.. /

كان….. و…….. بان …

فقد امتلأت كأسُ الارتقاب

بنضوب الطوفان

… حين عادت

حمامةُ أحلامِ الغيران… بغصنِ الغمامةِ الأسلية

سكووووتاً .. فقد تباركَ الإنسلالِ

فوق جُنحِ الوهمِ المبـــاح ..

….. هل هناك خيار؟؟

… : لماااااذا يؤرقُّ أحلامَ الفجر

… تمرينَ بهدووووووووووووء …

بين أسرار الخمود

ولا .. ترسمينها

……… جمرةَ بسمة!!؟؟

ـ ما … منك لك ؟، هذه خرافة

ـ المرايا إعترافاتٌ غبية فهي… بلا عيون

ـ بل لأنها لاتنافق

ـ أوَتدري ..؟؟

ـ لأنني …

ـ فماذا وراءُ الأثر …!؟؟

…فلا …

أسئلةً .. لا ـسئلللللللللةً

أزفَ الغدُ ..

آن الأمس حان ؟..

…………….. سيّان ..

ـ صمتٌ لايندثر

ـ فما مزيَّتي ؟؟

– تذكاري أوجهِ متاهتِي ..

….: لأنني ..

,.. صخبُ المواسمِ

…..لا تراقص اصداء

صفرااااااااااءَ الأسماء …

ـ لا أملاً … فعذراً ..

ـ لا..عذراً ..، بل ..

…فأنّى …؟

و…

أنتَ …!!

… تعرفيني ..

ثانيا – القراءة :

حين أولي اهتماما خاصا بنصوص الشاعر باسم الفضلي؛ فمرد هذا إلى أنه رائد الأدب والنقد ما بعد الحداثوي؛ له نهجه المتفرد أدبا ونقدا، بسعي دؤوب جاد حد التفاني، لكسر قيود صدأت في معصمي الأدب والنقد؛ وبالتالي التجديد في شكل الأدب ومضمونه، وأظننا مللنا من عشق جميل وبثينة، ومن ج…….لنخلة، والجميلة بالوردة، و..و…و..

يكفي.. آن للأدب أن ينهض ويتجدد في شكله ومضمونه، بما يوائم هموم الإنسان وقضاياه، وهذا ما نجده في نصوص الأديب والشاعر الفضلي، التي تتطلب قراءتها الاشتغال الكلي، وتوظيف الحواس كلها، بغية تحليلها و فهمها.

– أبدأ بتفكيك العتبة/ العنونة:

[{( .. أنا؟؟: أنا…؛../ نص مفتوح

كما سبق وقلت في قراءاتي السابقة، أن لكل ذرة حبر قصدية ودلالة في نصوص الفضلي. سأورد ما جاء في العنونة من مفردات وعلامات ترقيم، ثم أقرأ قصديتها ودلالاتها بالتفصيل:

[{(

..

أنا

؟؟

:

أنا

؛

..

/ نص مفتوح

الأقواس بأشكالها [{( التي رسمها الشاعر لحصر بداية العنونة فقط (أي تقييدها)، لكنه تركها مفتوحة؛ فلم يغلقها في نهاية العنونة، و لاحتى في نهاية النص على هذا النحو: ]}) وإنما تركها مفتوحة؛ فهو نص “مفتوح” للتأويل.

-طالما أن مفردة “أنا” جاءت بعد النقطتين(..) تلتها إشارتي استفهام(؟؟) فالمقصود بالنقطتين هو (من):

أي: من أنا؟؟

– النقطتان(؟؟ بعد علامتي الاستفهام، هما لتعريف “أنا” بما يليهما من شرح لها(أي لتعريف من أكون “أنا”)؛ فالنقتطان تردان إما قبل القول والاقتباس، أو لشرح وتعريف ما بعدهما لما جاء قبلهما.

– لكن تعريف “أنا” الذي جاء بعد النقطتين هو أيضا “أنا” أي أن تعريف أنا هو أنا؛ لم يجد لنفسه تعريفا يحيط عمق معناه سوى أنه “هو” بدلالة أنه أيضا رسم نقاطا (…) بعد “أنا” فما من تعريف لل “أنا”، وللسبب نفسه رسم الفاصلة المنقوطة(؛) مسبوقة بنقاط(…) وتلتها نقاط أيضا(..) فالفاصلة المنقوطة تأتي لربط ما يأتي بعدها من شرح وتفسير لما هو قبلها.

– يأتي بعد ذلك القطع/ (/ نص مفتوح)

سيبقى تعريف ال “أنا” مفتوحا للتأويل لهول وعمق ماتحمله من معنى يصله المتلقي،كل بحسب مستوى وعيه، وثقافته، وقدرته على سبر أعماق النص، والاجتهاد في تأويله.

– استهلال الشاعر ب:

( كان….و……..بان…)

قصدية الشاعر ب (و) هامة جدا هنا:

مضى زمن مشار إليه بالنقاط (….) على ما “كان” قد حدث سابقا، أتت بعده ال(و) ثم النقاط (…….) أي أن حقيقة ما كان قد حدث اتضحت لاحقا، مشار إلى ذلك بزمن أطول لأن عدد النقط أكثر(……..) والنقاط بعد بان (…) هي المدة القصيرة منذ أن بان ( أي اتضحت حقيقته) وحتى الآن.

-(فقد امتلأت كأس الارتقاب…بنضوب الطوفان):

نضوب الطوفان !!!!!!!

تراه كيف يكون نضوب الطوفان؟!!!!

هي براعة الفضلي في ابتكار التراكيب الإشاراتية الدلالية (امتلأت كأس الارتقاب – نضوب الطوفان):

لقد طال أمد الارتقاب والانتظار لتلك “الثورة”؛ وهي المقصودة:

نضوب الطوفان= لم تشتعل الثورة على ما “كان”.

-(… حين عادت

حمامة أحلام الغيران…بغصن الغمامة الأسلية……)

هنا: لم (تطر) الحمامة بغصن زيتون؛ وإنما (عادت) بغصن (الغمامة الأسلية)

النقاط(…) قبل “عادت” تدل على زمن غياب الحمامة قبل أن تعود، وقد عادت بغصن الغمامة؛ فهي عادت لتمطر(ثورة)، وهي حلم “الغيران”.

-(… :لماذااااااااااااااااااااذأ

يأ أرق أحلام الفجر

…تمرين

بهدوووووووووووووووء…

بين أسرار الخمود

ولا.. ترسمينها

……… جمرة بسمة..!!!؟؟)

طالما أن اسم الاستفهام (لماذا) سبق بنقطتين(؟؟ فهما تدلان على بدء الحوار، والنقاط (…) التي تسبق (؟؟ تدل على المتحدث، وهو ال “أنا” الواردة في “العنونة”، و قصدية الشاعر في مد حرف الألف في (لمااااااااااذأ ) هي التعبير عن الشعور بالاستنكار والضيق؛ على الرغم من رقة اللفظ الذي يليها(يأ أرق أحلام الفجر). والنقاط قبل (…تمرين)، وبعد( بهدووووووووء…)، وقبل(……… جمرة بسمة) التي تدل على اختناق وضيق؛ فالشاعر ممتعض من طول ارتقاب وانتظار تلك “الثورة”، وهي المشار إليها ب(الفجر+جمرة بسمة) والمقصود بهما هو الحرية والخلاص.

-رسم الهمزة في غير موضعها في كلمتي(لماذأ ) و (يأ) وقد تكون قصدية الشاعر هنا، هي تأكيد الشعور بالامتعاض بتشديد اللفظ المتتالي للهمزة:

لمااااااذأ يأ أرق

ذأ يأ أأ

الشاعر يشعل فتيل تلك الثورة التي طال ترقبها وانتظارها.

-(أزف الغد..

آن الأمس حان؟..)

أزف= دنا

دنا فجر الخلاص (الثورة)؛ وبدنوه (أي باقتراب موعد الثورة) تكون نهاية الظلام قد آن أوانها.

– مفتاح هذا النص؛ هو تفكيك عتبته؛ وهكذا.. بعد هذه المحاولة في تفكيكها، وإيضاح إشارات النص، ودلالاته، وقصدية استخدام علامات الترقيم فيه على هذا النحو؛ ستسهل قراءة النص كاملا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى