احذرْ من فِكرة احتياجِ اهتمامِ الآخرينَ

رحاب يوسف | أديبة فلسطينية

     ما الذي تَشعُرُ بِه من اهتِمامِ الآخرينَ بِكَ؟ هل ستَزدادُ عافِيَةً، ومالاً، وعِلماً، وفِكراً، وذَكاءً، وقُوَّةً؟ والحَقيقَةُ أنَّهُ لو اهتَمَّ العالَمُ كُلُّهُ بِكَ لا يزيدونَكَ شَيئاً، وكذلكَ لو أهمَلوكَ لا يَنقُصُ مِنكَ، ومِن رِزقِكَ شَيئاً، لكنَّنا نَشعُرُ بحاجَةٍ وافتِقارٍ إلى الاهتمام؛ لأنَّ ثِقَتَنا بأنفُسِنا ضعيفةٌ، ونَشعُر بأنَّ وجودَنا مُتَعَلِّقٌ بالآخر، كُلَّما انتَبَهَ الآخَرُ لنا شَعَرنا بذواتِنا، فنَظرَةُ الناسِ مُتَحَكِّمَةٌ فينا من حيثُ لا ندري، وهل الدافِعُ الذي يَدفَعُنا لاستجداءِ اهتمامِ الآخرين هُو من الشَّخصِيَّةِ المُزَيَّفَةِ؟ فالشخَصِيَّةُ الحَقِيقِيَّةُ المُتَمَثِّلَةُ بالفِطرَةِ غَيرُ مُفتَقِرَةٍ إلاّ إلى الله – عزَّ وَجَلَّ – بينما مَن يَفتَقِرُ إلى اهتمامِ الآخَرين ضَعيفٌ جِدّاً، وشَخِصيَّتُهُ هَشَّةٌ وإن بدا لَكَ قَوِيّاً، فالإنسانُ المُكتَمِلُ بداخِلِهِ لا يَشعُرُ بالعَوزِ والانكسارِ من أجلِ أنْ يَهتَمَّ بهِ الآخرون.

  الأولى أن توَجِّهَ افتقارك واحتياجك  إلى رَبِّكَ؛ لأنَّهُ مُهتَمٌّ بكَ، فليس هناكَ لَحظَةٌ من لَحَظاتِ وُجودِكَ إلا وَجدتَ مَدَدَهُ – سُبحانَهُ وتعالى – لَكَ.

     عندما يكونُ رَفيقُكَ هو اللهُ، مالِكُ المُلكِ، المُعطي، الواسِعُ، لا يُمكِنُ أنْ تَشعُرَ بقِلَّةِ الحيلَةِ والضَّعفِ، فكُلَّما ارتفَعَ مُستوى اليقين بالله زادَ شُعورُكَ بالطمأنينَةِ، والرِّضى، والسعادَةِ، والقُوَّةِ، حينَها لن تُواجِهَ الحياةَ بضَعفٍ؛ لأنَّكَ تَفرُشُ أمام الله كُلَّ ضَعفِكَ وانكسارِكَ، وسيُعطيكَ أكثَرَ مما تَتَصَوَّر، فلا تَنشَغِلْ بالأشياءِ التي تَفقِدُها، ولا تَتَعَلَّقْ باهتمام الآخرينَ بِكَ، أنتَ مُكتَفٍ باللهِ وذاتِكَ، وتعيشُ السعادَةَ لأنَّها تنبَعُ من داخلِكَ، ولأنَّ اللهَ يَسكُبُها في قَلبِكَ.

     احذرْ من فِكرة احتياجِ اهتمامِ الآخرينَ، وعَمِّرْ عَلاقَتَكَ بالله، وأكثِر من شُكرِ نِعَمِهِ عَليكَ، وتَلَذَّذْ بها، ورَكِّزْ عَليَها، ستَشعُرُ بالثِّقَةِ أكثَرَ، وستزدادُ نِعَمُ اللهِ عَليكَ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى