البدويُ الذي أفشلَ صفقةَ القرن !
توفيق أبو شومر | فلسطين
هو بطلٌ بدويٌ مصريٌ ينتمي إلى قبيلة (البياضية)، القحطانية، هو شيخ أحد فروع هذه القبيلة الكبيرة، تمتد هذه القبيلة من مصر إلى فلسطين والحجاز.
هذا البطل البدوي أفشل مؤامرة كبيرة، سعى الإسرائيليون لتنفيذها، بعد عدوان 1967م حينما أراد الإسرائيليون اقتطاع صحراء سيناء من مصر وبدأوا في نسج خيوط المؤامرة، بأن تغلغلوا داخل نسيج القبائل البدوية في سيناء، وظنوا وهم ينقلون الألبسة والطعام بالطائرات كهدايا لقبائل البدو أنهم نجحوا في شراء ولائهم!
اختارتْ المخابراتُ الإسرائيلية منهم شيخا، ظنوا أنه هو الرجل المناسب لتحقيق مؤامرتهم، كان هذا البدويُ شيخا بليغا، قويا، ذا شخصية مؤثرة!
اكتشفَ البدوي بحاسته الوطنية المؤامرةَ الصهيونية، اتصل بالمخابرات المصرية، أبلغها بالأمر، طلبتْ منه المخابراتُ المصريةُ أن يواصل تعاملَه معهم، ليكتشفوا المؤامرة، أرسلت له مصرُ مساعدين من المخابرات المصرية في زيِّ بدويٍ، وكأنهم من أفراد القبيلة، يوجهونه، ويساعدونه، طلبتُ منه أن يصنع وليمة كبيرة للقبائل، ليُثبت للإسرائيليين قدراتِه وكفاءَته!
حدَّد وزير ُالجيش الإسرائيلي، موشيه دايان، موعدا لتنفيذ بنود المؤامرة، مُستغلا صدمة العرب وإحباطهم بعد عدوان 1967 وانشغالهم بترميم خسائرهم فحشد المصورين والإعلاميين، من كل أنحاء العالم، ليشهدوا على تنفيذ المؤامرة، في مضارب البدو في سيناء، في منطقة، الحَسَنَة، في وسط سيناء، حيث يسكن البطل البدوي، الشيخ، سالم الهرش!! كانت المؤامرة تنصُّ على إعلان سيناء دولة مستقلة، تحت رعاية الأمم المتحدة، بإجماع القبائل البدوية من أهل سيناء، لغرض فصلها عن مصر، اختار، دايان يوم 31-10-1968م موعدا للإعلان عن ولادة هذا الكيان الجديد!
جلس موشيه دايان، وإلى جواره، الشيخ البطل البدوي سالم الهرش، وكان قد استعدَّ لهذا اليوم، صعد الشيخ سالم إلى المنصة، قال:
“هل تثقون وتوافقون على ما سأقوله لكم؟!” هزَّ موشيه دايان رأسه موافقا، ابتسم بسمة انتصار، ظهرت واضحة على الرغم من العصابة فوق عينه اليُسرى، نظر إلى الصحفيين والضيوف، يستحثهم على التصفيق والتقاط الصور، واصل الشيخ سالم الهرش الخطاب قائلا:
“نحن المصريين، سكان سيناء نُقرُّ ونعترف بأن سيناءَ أرضٌ مصرية، لا مكان فيها للاحتلال الإسرائيلي، أنتم محتلون، نرفض تدويل سيناء، إن قرار سيناء حصريٌ في يد المصريين، لن نفرط بها”!!
انفضَّ هذا المهرجان بسرعة البرق، بعد ان ابتلع الإسرائيليون ألسنتهم، أخفى المصورون كاميراتِهم، اعتقلوا يومها أكثر من 120 من البدو، بدأ المحتلون الإسرائيليون يُنفذون مسلسلا جديدا ضد بدو سيناء، كانت الضحية الأولى هي قبيلة البياضية، قبيلة الشيخ سالم، هدموا بيوتهم، شردوهم، قتلوا كثيرين، حاصروا القبائل!
لم يتخلَ المصريون عن هذا البطل، بقيادة أبطالٍ مصريين آخرين ظلوا يُلازمون الشيخ سالم الهرش ، على رأسهم العميد، محمد اليماني، مكنوه من الهرب، هو وأسرتُه إلى الأردن، ثم كرَّمه الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، ومنحهُ، وسام الشرف الأول للجمهورية العربية المتحدة.
توفي البطلُ عام 1980، ظلَّ الجيشُ المصريُ يحتفلُ بهذه الذكرى في كل عامٍ، يوم 31 أكتوبر.
أخيرا، ما سبب غياب البطولات العربية والفلسطينية عند كثير من باحثي التاريخ، وفي المناهج المدرسية، بخاصةٍ، فيما يتعلق بتاريخ مصر وفلسطين؟! هذا الغيابُ ليس عفويا، بل هو شبيهٌ بغياب البطل، مصطفى حافظ عن صفحات عدد كبير من الكتب التاريخية!!
سأظلُّ أردد: جرِّدوا الأمم من تاريخها، تسْهُل هزيمتُها!!