علوم

الحفاظ على البيئة من الحروب والبشر

بقلم: حواس محمود
البيئة هي كالطفل الذي يولد من جديد، بريئة محايدة، فطرية، طبيعية، لكن يد الانسان تمتد اليها بالتأثير السلبي، وتشن في محيطها الحروب والكوارث التي يخلقها البشر، لاالطبيعة، كما أن المصانع والمعامل أيضا هي بفعل بشري تؤدي الى تلوث البيئة وتعود بالضرر على النبات والحيوان والانسان نفسه الذي لجأ الى هذه الاعمال وهو مدرك او غير مدرك لآثار هذه الاعمال على صحته وسلامته وصحة وسلامة الحيوان والنبات.

في هذه المقالة لن نتطرق كثيراً الى تفاصيل التلوث البيئي وعوامله بقدر ما يكون المقال متركزا على سبل وطرق الحفاظ على البيئة من اليد البشرية ومن الحروب، التي ازدادت كما ونوعا، واستخدمت فيها أسلحة محرمة دوليا كالأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة، عدا عن التدمير الشامل بالأسلحة التقليدية لكل ما هو فطري وجميل في البيئات الخاضعة للحروب.

    بادئ ذي بدء يمكن الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت قرار رقم (56/4) تاريخ 5 نوفمبر 2001، هذا القرار قد دعا الى تحديد يوم 6 نوفمبر من كل عام بوصفه “اليوم العالمي لمنع استخدام البيئة في الحروب والصراعات العسكرية”.

لكن ومع صدور القرار ما يحصل في الواقع يناقض مضمون القرار، اذ ان الحروب التي تشن سواء الحروب بين دولة ودولة، أو ضمن الدولة الواحدة، أقول ان هذه الحروب لا تحترم مسألة الحفاظ على البيئة باعتبار أن الضرر الناجم عن البيئة بأثر الحروب ضرر يدوم مئات السنين ويشكل حالة خطرة على الانسان والحيوان والنبات، ومن الصعوبة بمكان إزالة الآثار الصحية الناجمة عنها، لذا فانه يتوجب مجموعة إجراءات وقائية وعلاجية اثناء وقوع الحروب بتشكيل لجان محلية ودولية متخصصة بدعم من الأمم المتحدة تكون بمثابة فرق طوارئ للحدّ من التلوث البيئي على سبيل المثال التواجد بشكل مباشر في مناطق الحروب والمنازعات ومحاولة منع تلوث المياه والتربة، كما وتقتضي الضرورة تواجد فرق صحية لفحص السكان في أماكن الحروب، ورفع تقارير مباشرة عن أماكن تلوث البيئة لإمكان إزالة الاثار في الحال، أو حين تتاح الفرصة اثناء الحرب أو بعد ان تضع اوزارها، كما يمكن استصدار قرارات محلية ودولية بمعاقبة المسيئين للبيئة سواء افرادا أو مؤسسات أوحكومات، تكون العقوبات غرامات مالية أوعقوبات معنوية كالسجن والتوقيف والإحالة إلى محاكم دولية تؤسس خصيصاً في محاسبة المسيئين للبيئة وإلغاء حصانات رؤساء الدول والوزراء والقيادات العسكرية لكل دول العالم في حال ثبت تورطهم في الاضرار بالبيئة نتيجة الحروب، ولا بد أيضا من نشر الوعي البيئي بين السكان الذين تنتشر في بلدهم الحروب من خلال الدورات والمحاضرات والندوات وعبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، وأيضا الزام الدول والقوى المتنازعة على توعية الجيوش والقوى المتنازعة بأهمية الالتزام بالحفاظ على البيئة واحترام القوانين الدولية في هذا المجال، وهذه الإجراءات ستكون فعالة لمنع التلوث وان لم تكن قاطعة ونهائية لأن اليد البشرية ويد الحروب أطول من هكذا إجراءات، لكن مع ذلك لا بد من وجود هذه الإجراءات الرادعة في زمن كثرت فيه الحروب واضحى الانسان يتعرض لمخاطر صحية كثيرة كالـتأثر بالألغام والدخان الناجم عن مولدات الكهرباء الناتج عن انقطاع الكهرباء تو نتيجة التكرير البدائي للنفط واستخدامه كوقود للاستعمال البشري وتلوث المياه والتربة والهواء بفعل الأسلحة الكيمائية وحرق الغابات والأشجار وتدمير السدود وقتل الحيوانات وإحراق المحاصيل وتلويث المياه، مياه الابار والانهار والبحار وتراكم نفايات الغذاء، وآثار أخرى عديدة من نتاج الحروب المدمرة للبشر والنبات والحيوان،ولا ننسى التأثير الضارللمعامل والمصانع على السكان، لذا يتوجب وضع خطط مدروسة بوضع هذه المعامل والمصانع بعيدا عن أماكن التجمعات البشرية الكبيرة كالمدن والقرى الكبيرة .

كما إن الضرورة الموضوعية تقتضي “إعادة تقييم الحرب باعتبارها مشكلة بيئية بصرف النظر عن مستوى الدمار واثاره فالحرب كما هي المشكلات البيئية كلتاهما تعني اختلال التوازن الطبيعي للاشياء “(1)

   إن مخلفات الحروب غير المتفجرة من الألغام والقنابل والقذائف والقنابل العنقودية الصغيرةتؤدي الى الاستمرار في قتل وتشويه الانسان والحيوان حتى بعد انتهاء النزاعات المسلحة وتسمى هذه المشكلة بـ ”التلوث الناجم عن السلاح”، هذا النوع من التلوث يحرّم مجموعات سكانية بأكملها من المياه والحطب واستثمار الأراضي الزراعية والرعاية الصحية والتعليم والمساعدات الإنسانية

   وإزاء ذلك تقوم اللجنة الدولية بوضع مسألة التلوث الناجم عن السلاح في اعتبارها وحسبانها اثناء التخطيط لجميع عملياتها في انحاء العالم كعمليات الإغاثة والامن الاقتصادي والمياه والصرف الصحي والصحة وحماية المدنيين … الخ(2)

   وتجدر الإشارة الى ان برنامج الأمم المتحدة للبيئةقد بين أن 40% من الصراعات الداخلية خلال ستين سنة الماضية كانت مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية، وأن فرص تأجيج النزاعات تتضاعف اذا كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية

     هذا وقد هدفت المبادئ الدولية المقترحة لحماية البيئة في سياق النزاعات المسلحة التي اقرتها لجنة القانون الدولي بالجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والستين بجنيف في أغسطس من عام 2015 الى تعزيز حماية البيئة في سياق النزاعات المسلحة(3)


المراجع والمصادر

1-الحروب والبيئة: حالة العراق والخليج العربي 31/5/2004

2-جهود اللجنة الدولية للحد من آثار ومخاطر التلوث بالأسلحة ابريل / 2017الرابط :

https://www.icrc.org/ar/document/overview-mine-action

3- عبد الله بن محمد العصيمي ” أهمية حماية البيئة في الحروب والمبادئ الدولية لحفظها في ظل الصراعات العسكرية ” – شبكة بيئة ابوظبي الرابط :

http://www.abudhabienv.ae/news-23570.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى