عالم الثقافة | المغرب
نحن جميعا لأول عشق عرفناه ونحن ندرك الوجود للتو، إنما هو حكايا الجدات التي كانت تحملنا خارج عالمنا الصغير المختزل في البيت وردهة الزقاق، تأخذنا إلى عوالم الإنس والجان ملوك وأميرات فرسان ورجال شجعان، أشرار وساحرات، وقائع وأخرى تدور في ممالك بعيدة أو في غابات قصية، وربما في عوالم غير دنيوية، لقد كانت هذه الحكايا كثيفة زاخرة بالقيم والرسائل الحميدة مع فيها من خيال بالغ، لكن الأسلوب الذي يصاغ فيه يستلب العقول ويحوز القلوب ويخطف الأسماع ويمتع البال، فيسرح الخيال محاولا تتبع خيوط الأحداث وتوقع مآلاتها… يزخر القرآن الكريم بقصص الأنبياء والصالحين، وبمآلات الجبابرة الطاغين، وفيه إشارة لطيفة للجانب الحكواتي في نفس الإنسان وما لهذا الفن من تأثير بالغ على الإقناع والتعليم، لذلك اعتمدت دور النشر منذ ظهورها على القصص لتمرير الرسائل المناسبة للطفل وتوجيهه توجيهاا مناسبا، وإلى ذلك يعزى النجاح الباهر لعدة قصص طفولية كأليس في بلاد العجائب والأميرة والأقزام السبعة وغيرها…. للتقرب أكثر من مفعول الحكاية على الطفل نحاور في هذا المقال الحكواتية المغربية أمل المزوري، وهي المشاركة في عدة فعاليات تخص الحكاية خاصة للأطفال.
– أولا ما مقومات الحكاية الموجهة للأطفال وماهي ضوابطها؟
مرحبا بك في عالمنا البهيج واهلا بك بين ثنايا الحكي والحكاية، تعتبر الحكايات الموجهة للأطفال من أهم وأنجع الأساليب التربوية، ذلك لانفرادها بخصائص متميّزة عن الأساليب والأشكال الثقافية الأخرى، ولمقدرتها الكبيرة على التأثير في منظومة أفكار الطفل ومشاعره. بحيث تقوم على مجموعة من المقومات أهمها:
– الحوادث المتسلسلة والمترابطة بعضها ببعض، والمستوحاة من الواقع المعاش أو الخيال الذي يطمح إليه الطفل أو كلاهما.
– البيئة الزمكانية التي تدور فيها الأحداث، وتفضي لنهاية يتوجَّب أن تكون خيِّرة بانتصار الخير على الشر.
وتستند إلى مجموعة من الضوابط الأساسية منها:
– الفكرة
– الحدث
– الأسلوب
– الشخصيات
– الحوار…وغيرها.
– ألا تخرج الحكاية بخيالاتها الطفل عن دائرة الواقع؟
فعلا هي تخرج به عن دائرة الواقع بل وتصل به إاى أبعد مدى بحيث تجعله يحقق في خياله ما لم يحققه على ارض الواقع مما يجعلهاوسيلة تربوية تعليمية محببَّة لديهم، تشبع بعض احتياجاتهم النفسية، وتسهم في توسيع مداركهم وإغناء معارفهم وإثارة خيالاتهم، بل تستجيب لميولهم في المغامرة والاستكشاف كما تهدف إلى غرس القيم و كل ما هو إيجابي في نفسيتهم.
– متى يمكن توجيه الحكاية للطفل؟
مادامت الحكاية تعبِّر عن مغزى ذي أساس تربوي، مستمد من علم نفس الطفل. فيمكن أن توجه له منذ فترة تكوينه (فترة الحمل) بالنسبة للأمهات. حتى يشغفوا بها، ويتوقوا لسماعها، ويندمجوا بأحداثها مستقبلا، ويتفاعلوا معكما دورٌ فعال في النمو الانفعالي للطفل، من خلال ضبط انفعالاته، وتخفيف التوتر عنه، والتنفيس عن رغباته المكبوتة، ومعالجة بعض المشكلات، والأمراض النفسية، وبعض العيوب اللفظية لديه كما تهدف إلى تحقيق أهداف ترويحية وترفيهية عدَّة، والاستجابة لميول الطفولة إلى اللعب والحركة، وتوفير قسط من المتعة والترفيه، وتبديد أجواء الروتين والرتابة يُلاحظ أن الأطفال شديدو التعلُّق بالقصص، وهم يستمعون إليها أو يقرؤونها بشغف، ويحلِّقون في أجوائها، ويتجاوبون مع أبطالها، ويتشبَّعون بما فيها من أخيلة، ويتخطّون من خلالها أجوائهم الاعتيادية.. خصوصاً وأنها تقودهم بلطف ورقة وسحر إلى الاتجاه الذي تحمله. أبطالها، ومن هنا اكتسبت الحكاية تأثيرها الساحر على الأطفال منذ الولادة، لذلك تفوَّقت الحكاية في المسار التربوي على غيرها من الفنون.. والأطفال يتمتَّعون بميزة تذوّق الجمال، إنّ في داخلهم نداءً عميقاً يجذبهم نحو الجميل، كذلك لديهم توقٌ للتسامي والبطولة، وإلى المعرفة والمغامرة والانطلاق.
– رسالة الى الآباء والأطفال؟
-عالم الحكاية عالم سحري الحكاية تجعل الأطفال قادرين على الاتصال بالفن، بفضل بساطة أسلوبها، وسحر أحداثها فهي تُثري خبراتهم، وتنمّي مداركهم لذلك لا محيد عنها فاحكوا لأبنائكم فهم سيحكون عنكم.
يبدو أن الحكاية ذات سلطان على الصغار كما الكبار، وإنما الإنسان حكواتي أصيل ولولا ذلك ما نجت شهرزاد بحكاياتها من شهريار قط.