أدب

قراءة في قصة “جدّي يعشق أرضه” للكاتب سهيل عيساوي

My grandfather loves his Land صدرت عن دار العيساوي للطّباعة والنّشر

تقديم: رفيقة عثمان أبوغوش

صدرت حديثًا قصّة “جدّي يعشق أرضه” للكاتب؛ سهيل عيساوي، وتزيّنت القصّة برسومات الفنّانة: فيتا تنئيل؛ واحتوت على ثلاثٍ وعشرين صفحة من القطع الكبير، والورق السّميك اللّامع، ويغلّف القصّة غلاف من الورق المُقوّى واللّامع. تغطّيها صورة لكف رجل مسن يغرس نبتة بالأرض، ويداه مجبلتان بالتّراب.
من اللاّفت للنّظر في الرّسومات، تبدو طابعًا غربيًّا، من حيث تصميم البيوت، والمناظر الطبيعيّة، والشّخصيّات؛ برأيي لو رسم الرّسومات فنّان عربي أو فلسطيني، لاختلف الأمر، لأصبغ على النّصوص الرّوح العربيّة، وبالذّات الفلسطينيّة خاصّةً في الرّموز والملامح.
يُقسم الكتاب إلى قسمين: النّصف الأوّل باللّغة العربيّة، بينما القسم الثّاني عبارة عن نصوص ترجمة القصّة نفسها للّغة الإنجليزيّة؛ قام بترجمتها المُترجمالمصري: حسن حجازي حسن.
تُلائم القصّة لأطفال صفوف السّادسةالابتدائيّة وما فوق، والأنسب لليافعين؛ نظرًا للمستوى اللّغوي العالي، واستخدام بعض المفردات الصّعبة. لكن من الممكن تجيير محتوى القصّة لأجيال دون ذلك، لأهميّة مغزاها.
تهدف القصّة إلى غرس قيمة أهميّة الأرض للإنسان عند الأطفال، وعدم التّفريط بها مهما كانت الإغراءات الماديّة عالية الثّمن للبيع. هذا الطّرح يُحسب للكاتب؛ نظرًا لِما يدور حولنا من الإغراءات المعروضة للفلسطينيين أصحاب الأراضي بالبيع، لأطرافٍ أجنبيّة أخرى؛ وذلك لتصديق الإدّعاءات بملكية الارض لهم.
من المهم الدّفاع عن الأرض من اغتصابها من قِبل المستوطنين، مها كلّف الأمرالأرض هي الهويّة التكوينيّة للإنسان الفلسطيني، ومصدر رزقه.
تحدّث الكاتب عن عدم التّفريط بالأرض في القصّة “جدّي يعشق أرضه”، بشكل عام بدون تحديد الزّمان والمكان، وبدون الإشارة للأرض الفلسطينيّة؛ سواء بالسّرد أو بالرّسومات.
سرد الكاتب قصّته برمزيّة، دون تحديد الرّجل الطامع في شراء الأرض، وذلك بقوله:
” اقتربت سيّارة سوداء فارهة من حقل جدّي، أطلّ من وراء الزّجاج الأسود، رجل أسمر، لم أشاهد عيونه من خلف نظّارته، طلب منّي استدعاء جدّي لأمر هام”.
نعت الكاتب الشّاري بالرّجل الغريب. ترى! هل هذا الرّجل الغريب هو سمسار أراضٍ ثري؟ أو غير عربي؟ في صفحة لاحقة صفحة 17 قال جدّي “أنا لا أبيع أرضي لأهل بلدي ولا لسماسرة”. ربّما قصد بقوله بأنّ الرّجل الغريب هو السّمسار. من الممكن أن يكون متعاونًا ووسيطًا؛ لتسريب الأراضي بعد شرائها للأعداء.
شخصيّة الجد لم يُحدّد اسمها الكاتب، كذلكالرسّومات لم توضح ملامح الشّخصيّة كاملة؛ بل ظهر كفّا الجد العريضتان تغرسان نبتة بالأرض، وصورة أخرى توضح جبين الجد العريضة وحواجبه الّتي يغزوها الشّيب؛ ولكن تصرّفاته تشير لكونه شخصيّة رجل مسن عربي أصيل، لا يُفرّط بأرضه مهما بلغت الإغراءات الماديّة قائلّا: “اعتاش، وسوف يعتاش الأبناء والأحفاد من بركة الأرض”، “أنا لا أبيع أرضي هي عرضي” أنا لا أبيع أرضي هي وطني”.صفحة 22. ” هذه الأرض ورثناها جيلًا بعد جيل منذ مئات السّنين، أنا لا أفرّط بهذه الأرض الدّرّة الثّمينة” صفحة 7. هنا مؤكّد بأنّ الأرض هي فلسطينيّة عربيّة.
استخدم الكاتب العيساوي بعض رموز التّراث العربي، مثل: القهوة المُرّة، عندما دعا الغريب لاحتسائها، فرفض الغريب شرب القهوة، كذلك الرّسمة اوضحت دلّة القهوة العربية مع فناجين السّادة المُزخرفة. بالإضافة لاستخدام بعض الثّمار المعروفة مثل: الصبر. حبّذا لو تمّ عرض ثمار الزّيتون، والنّخيل، والعنب، وغيرها من خيرات بلادنا المعروفة؛ والّتي تدل على ملكيّة الأرض لأصحابها الفلسطينيين.
العاطفة بالقصّة جيّاشة، في حب الأرض، والانتماء للوطن، “خذني إلى الأرض حالًا لأغسل عيوني بخضرتها، لتستحم روحي بعطرها الزّكي، لتختلط أنفاسي بأنفاسها، لأروي نبتة تتضرّع إلى الله بعرقي المُتصبّب عشقًا، لأنثر ترابها في عيون الشّامِتين”. صفحة 23.
قصّة “جدّي يعشق الأرض” قصّة ذات قيمة عالية، وجديرة باقتنائها في المدارس؛ لإكساب الأطفال قيمة تربويّة هامّة، في حب الأرض، بل عشقها، والحفاظ عليها من الضياع، وعدم الانصياع للإغراءات الماديّة مهام كانت باهظة الثّمن.
هذه القصّة ذكّرتني بوصيّة جدّي رحمه الله، عندما قال: ” ليست الأرض وحدها هي ملكم لنا، بل سبع طبقات أرضيّة تحتها، وسبع طبقات فضائيّة، هي ملك لنا؛ فاحرّصوا عليها من الضّياع”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى