قصائد تجيش بالعاطفة والقلق في بيت الشعر بالشارقة
الشارقة | عالم للثقافة
ضمن فعاليات منتدى الثلاء وورشة فن الشعر والعروض، نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 13 يونيو 2023، شارك فيها الشعراء محمد العمادي من الإمارات، وأكرم قنبس من سوريا، وشمش الدين بوكلوه من الجزائر، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر، وقدمتها الإعلامية مريم رضوان، التي أشادت بدور بيت الشعر بدائرة الثقافة في تنشيط الحركة الثقافية الذي استطاعت فعالياته أن تبرز الأصوات الشعرية المبدعة وتقدمها بشكل مشرف، ومن ثم تقدمت بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على دعمه للشعراء وفتح آفاق متعددة من خلال المبادرات الثقافية التي أضحت ضرورة في المشهد الإبداعي ككل.
اتسمت القصائد بشاعريتها المرهفة وخاطبت الذات والإنسان، وجاشت بالعاطفة بأسايب حية شعرية مرهفة تعتمد على مقاربة الخيال في نموذجها المشرق، واللافت أن الجمهور تفاعل معها، وأضفى حضوره الكثيف جمالاً آخر.
في بداية الأمسية قرأ محمد العمادي قصيدة “عقلٌ قلق” التي وظف فيها جمالياً رمزية الوحدة بتوصيف دلالي يفترض فيه وحدة حوارية تعتمد على مفاهيم التجاوب الوجداني، فهو يدور في عالمه المتخيل بهذه الأبيات:
قلقٌ يراقبُ وحدتي ويظلُّ
ينسلُّ في وهمِ الرؤى ويحلُّ
فيصوِّرُ الأشياءَ عكسَ تصوِّري
في شمسِ أفكاري أطلَّ الظلُّ
ويدورُ في فلكِ التخيُّلِ عالمٌ
يرمي خيالي في مداهُ أُهلُّ
ثم قرأ قصيدة “لهبُ الجنونِ” التي يتواصل فيها الشجن الإنساني بكل بواعثه معتمداً في سياق الأبيات على استدعاء أحزانه والوقوف عند مسلمات الواقع المأزوم الذي يدعوه للبحث عن مصير مخفي وكأنه يبحث من خلال الكلمات عن سر لغز غائب في الذات فيقول:
أشتاقُ لا أدري إلى هربي
ومصيريَ المخفيُّ يهزأُ بي
أبكي مرارةَ ما يؤرِّقُني
وأثورُ في الأسبابِ ما سببي
وحدي كلامُ الماءِ من أزلٍ
وحديثُ إبهامٍ هوى كذبي
أنا لم أعدْ عنوانَ أمسيةٍ
وقصائدًا تصفرُّ في الكتبِ
ثم قرأ الشاعر الدكتور أكرم قنبس قصيدة “فيحاء القلب” التي تجيش بالعاطفة الرقيقة، ويحاول الشاعر فيها أن يقتفي أثر المحبوبة وهويستدعي مفردات أصيلة في الشعرية العربية مثل الطلول والعويل والرحيل والظمأ ليتظل بها في بنائه الشعري العتيد فيقول:
إلى رِمشَيْكِ يَحدوني رَحيلُ
فَإنَّ دَمي بِعينَيْكِ قَتيلُ
أَرِقْتُ عَليكِ مِنْ ظَمأٍ فَهاجَتْ
رَواحِلُنا، وأبْكَتْني الطّلولُ
عَصافيرُ الفُؤادِ إليْكِ ظَمْأى
وأشْبَعَها على وَجَعٍ عَويلُ
ثم قرأ قنبس قصيدة أخرى حملت عنوان “نحن والبحر” التي غامر فيها بالمجاز مخاطباً الموج وهو مستغرق في تكثيف دلالاته عبر الزمان والمكان في تجانس تام مع الفكرة التي أراد أن يخاطب بها المتلقي فيقول:
أَنْتَ باقٍ، والنّاسُ حَوْلَكَ ماتوا
أَيُّها البَحْرُ: كَيْفَ كانَ الثَّباتُ؟
كَمْ طَوى المَوْجُ فيكَ آمالَ قَوْمٍ
كانَ ما بَيْنَكُمْ لِعَهْدٍ صِلاتُ
أَيْنَ عَهْدُ الأَهْلينَ فيكَ اتِّجاراً
وارتِحالاً بِهِ تُضيْءُ الجِهاتُ
وألقي الشاعر شمس الدين بوكلوه آخر شعراء الأمسية قصيدة بعنوان “أخفُّ امرأةٍ تعبرُ الصراط” التي يكشف فيها عن لوعة الحب ولواعج الأشواق مؤمناً بأن الشعر هو الخيط المتين الذي به يومض القلب وينبعث من خلاله الأمل فيقول:
كتمْتُ حبّكِ في قلبي فأعْلنهُ
وميضُ شعرٍ قريبٍ ثمَّ يبتعدُ
هاتي سعيركِ.. إنَّ القلبَ ملتهبٌ
بالشوقِ تشتعلُ الأوراقُ والجسدُ.
خيطٌ منَ الضوءِ فوقَ الحبِّ متَّصلٌ
أمشي صراطكِ، هلْ للحبِّ معتقدُ؟
ثم قرأ من قصيدة بوصلةُ النازحين التي ضمخها بمفردات تلائم الحالة النفسية التي عاشها مع كتابة هذا النص متناغنماً مع إيقاعات ممزوجة بالمرارة تبحث عن الخلاص بتكثيف رمزي يبرز الصورة الشعرية وما استندت إليه من خيال فيقول:
كلُّ القلوبِ أسيرةٌ، إلّا التي
ركبتْ عبابَ خلاصِها الأرواحُ
حلمُ الفتى أنْ يطلعَ الجبلُ البعي
ـــدُ منَ السرابِ، وأفْقه وضَّاحُ
رسموا على أجسداهمْ وشمَ العبو
رِ إلى بلادِ الآخرينَ وراحوا
وفي الختام كرم الشاعر محمد عبدالله البريكي شعراء الأمسية ومقدمها.