أدب

النَّملُ المظلوم 

تيسير حيدر| لبنان
هي القصة القصيرة التي شاركت بها في موسوعة القصة القصيرة (قصص عابرة للقارات) الصادرة عن ملتقى الشعراء العرب/مصر.. الشكر للشاعر ناصر رمضان والأديبة الراقية تغريد بومرعي وأسرة التحرير.. دوام الإبداع !

القصة:
أثمار التين تتعانق في الصحن بفرح،فجأة انفلتت نملة وأخذت تتنقل من ثمرة إلى ثمرة بحثًا عن قوتها .
منذ خمس ساعات فقط كانت هذه النملة تتسلق أغصان شجرة التين وتنتقل من ثمرة إلى ثمرة وهاهي الآن تضيع في أوعية غريبة عنها. ماذا سيحصل لها بعد حين وإلى أين ستلجأ وأين ستنام هذه الليلة بعيدة عن أسرتها؟
تناولت كوزًا عسليًا ناضجًا من هذا الصحن وتذوّقته بشهية، شعرت بنكهة أعرفها منذ طفولتي، إنها طعم النمل يعانق لساني وخلاياه .لفظت ما في فمي لأنني تأكدت أنّ إحدى النملات كانت قابعة في فتحة كوز التين وداستها أسناني بوحشية موصوفة.
وتذكّرتُ الحوادث التي جعلتني ذواقًا في معرفة طعم لحم النمل . كنا أثناء زراعة التبغ في الحقول البعيدة نحضر معنا إلى الغداء في ظلّ أشجار البطم الوارفة الحنان أوعية اللبن مع البرغل ويبدو أنّ النمل يعشق هذا الطعام الشهي ،فكانت مئات عاملات النمل تغادر جحرها وتتسلّق جدران أوعية الطعام وتغوص في اللبن .
ولكن الصدمة والكارثة كانت تقع عندما تجلس الورشة المتعبة لتناول غدائها لتجد أنّ صفحة الطعام الفوقية مدججة بالنمل كالمراكب في بحر هائج وعاصف بالغرق والموت .
تتم عملية إجلاء جثث الحشرات بالملاعق ولكن بعض النمل الجائع يغوص في قعر إناء اللبن ونتناوله بملاعقنا الشرهة الجوع .عشرات الحوادث المماثلة حصلت معي أثناء الكدح والعمل ومن هنا اكتسبت خبرة التعرف على طَعمِ لحم النمل المظلوم !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى