حوار الطرشان
سمير حماد | سورية
حوار الطرشان, أفضل وصف لما نشهده من لقاءات بين الأطراف المتنازعة في بلادنا، أو ما يطلق عليه،حوار بنصف لسان, وهو حوار أنتجته ثقافة عمياء, أحادية البعد والاتجاه, مما فاقم ظاهرة الإقصاء والنبذ, والتخوين والتجريم.
حتى الآن هناك من يجهل أن الحوار يحتاج إلى تأهيل وتدريب على الإصغاء, إضافة إلى تدجين الغرائز, والتخلّص من النرجسية. فلا معنى لأية صياغة, أو أقوال وآراء, بمعزل عن الطرف الآخر الذي من المفترض أن يسمع، ولهذا قالوا عنه حوار الطرشان, مع العلم أن العيون ولغة الجسد قد تفهم ما يدور, ولكن هذا لا يكفي.
وكان من الأفضل لوسميناه حوار الديكة كما ارتأى أحد الكتاب, المتابعين, فالديكة تنزف دماءها وتفقد ريشها, في حلبة المصارعة, دون أن ينتج اي تفاهم بينها, والكل ينتظر حواراً بينها, يوقف نزفها, أشبه بمن ينتظر أن تبيض, أو من ينتظر العسل من الذباب الذي يحطّ على السكر.
إن حرق المراحل في المجتمع المتخلف, للوصول غلى مرحل التفاهم عن طريق الحوار, يذكرنا بمن يظن أن مجرّد حذف نقطة (الخوار) الصادر عن البقر, تتحول العملية إلى (حوار) بين البشر، وكأن النقطة هي الأساس في الانتقال من الحالة الأولى إلى الثانية، دون أن يدري, أن تطور المجتمعات مرتبط بتطور نمط الإنتاج ونظام الحكم والثقافة الخاصة بهما.
من هنا, فنحن لن نكون قادرين على الحوار السليم غلا إذا حررنا لساننا كاملا لا نصفه. واستكملنا عناصر التمدن والحرية, وربطنا كل شيء بالحضارة والحداثة والوعي ومصلحة الوطن.