تعزيز الهُويَّة الثقافية لدي الشباب في المجتمعات العربية
أ.د/ محمد الأصمعي محروس
أستاذ التربية المتفرغ بجامعة سوهاج
تواجه المجتمعات العربية في هذا القرن الحادي والعشرين أزمات ثقافية خطيرة لدي شبابها والتي تتعلق بتكوين شعور ثقافي مشترك يًجسد الطموحات المستقبلية بينهم، ولصالح مجتمعاتهم العربية.
ومن هنا يتحتم الحديث عن مرتكزات لتعزيز الهُويَّة الثقافية العربية لدي شباب هذه الأمة كافة وبما يشمل تنمية قدراتهم الثقافية، مع توفير بيئة ثقافية جاذبة للجميع تُعزز هذه الهُويَّة الثقافية العربية لديهم.
ولمزيد من التوضيح يلزم أن تتميز هذه المرتكزات برؤية واضحة مشتركة لتشكيل سلوكيات شباب هذه الأمة، وتشجيعهم على تحسين وتطوير الأداء بشكل فعال لتحقيق أهداف وطموحات مجتمعاتهم العربية، وذلك من خلال التفافهم حول عناصر هذه الهُويَّة الثقافية العربية، وبحيث تصبح هذه العناصر مًلزمة لسلوك هؤلاء الشباب، ومرتبطة به، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على تحقيق الإنتاجية المرتفعة بينهم، بعد تحفيزهم وإثارة دوافعهم نحو العمل المنتج، نتيجة زيادة انتمائهم لثقافتهم العربية. ومن أهم المرتكزات لتعزيز الهُويَّة الثقافية العربية لدي الشباب في المجتمعات العربية:
– الممارسات الدينية وجوانب القيم الأخلاقية المنبثقة منها، لما لها من تأثيرات هامة في تعميق الهُويَّة الثقافية بين الشباب ، فالدين هو المرجع الرئيس لمنظومة القيم التي يؤمن بها المجتمع العربي ، وهو مكون رئيس من مكونات تشكيل الهُويَّة الثقافية لدي أفراده ، كما أن الدين يؤكد على تراث الأمة العربية ووحداتها الثقافية، وهو المنبع الأصيل لكنز القيم والفضائل الذي تمتلكه هذه الأمة ، وهذا كله له دور أساسي في توجيه شباب، وأفراد المجتمع العربي نحو شموليه جوانب الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من جوانب الحياة لدي أفراده .
– الممارسات اللُغوية والأدبية، فما يتم التعرف عليه حول الهُويَّة الثقافية العربية هو ما يُقال من خلال اللغة، ومن طريقة استخدامها، ومن أدبياتها، ومن خلال منتجاتها المعرفية، والتي يتم التعبير بها عبر مداخل التواصل اللُغوي بين أفراد هذا المجتمع العربي
– الاعتزاز بالتاريخ وبالجغرافيا، وبجوانب المواطنة، فالتاريخ يًعتبر مكون من مكونات الوعي ما بين الماضي والحاضر حول الهُويَّة الثقافية لهذا المجتمع العربي. أما الجغرافيا، فتُعبر عن الأرض، أو المساحة الجغرافية التي تمتلكها، وتستقر عليها المجتمعات العربية، والتي تُسهم بدورها في تشكيل الهُويَّة الثقافية العربية لدي شبابها. وتأتي جوانب المواطنة بوصفها كياناً منسجماً ومتجانساً؛ ومشكلاً لما يُعرف بالأمة ذات الأهداف والدوافع المشتركة والتي غالباً ما تُشكل التصور عن مفهوم المواطنة كرمز للعائلة القومية وللجسد الواحد والدم المشترك والوطن الجمعي الواحد ؛ والإحساس بوحدة الثقافة والعقيدة والانتماء للوطن الواحد – السياسات المجتمعية، وما يرتبط في مضامينها بمفاهيم الحقوق والواجبات، ونمط الحريات الثقافية الممنوحة لدي شباب هذه الأمة، إضافة إلي مدي توفير الوسائل اللازمة لحماية المجتمعات العربية من أية مخاطر ثقافية، وفي شتي أنواعها.
كما تتضمن هذه السياسات الجوانب الاقتصادية، ومدي ارتباطها بدعم الهُويَّة الثقافية العربية من حيث أنماط الإبداع والتجديد المسموح به في أي منتج ثقافي. إضافة إلي أن لكل مجتمع رؤيته الخاصة لجوانب ثقافته التنظيمية نحو مفاهيم الحقوق والواجبات الثقافية، والممنوحة لدي أفراده .
وختاماً: من أجل تعزيز الهُويَّة الثقافية لدي الشباب في المجتمعات العربية يلزم أن تهتم السياسات المجتمعية بتنمية الممارسات الدينية السوية، وجوانب القيم الأخلاقية المنبثقة منها، مع تدعيم الممارسات اللُغوية والأدبية بين شبابها، وفي أنشطتها الثقافية، إلي جانب الاعتزاز بتاريخ وجغرافيا الأمة العربية ، وبجوانب المواطنة السًوية بين أفرادها.