مقال

العلاج بالفن بين الحضارة المصرية والممارسات الفنية المعاصرة

الموسيقى طريقة لعلاج الأمراض النفسية في الحضارة المصرية القديمة

سارة نصار | القاهرة

كان مقدر لي عن طريق الصدفة التي تشبه المعجزة التجول في أرجاء المتحف المصري العريق اثناء إنعقاد فعاليات دورة علوم المتاحف المنظمة من خلال اتحاد الأثريين المصريين لعام ٢٠٢٢ في أغسطس الماضي، وقد لاحظت كباحث في مجال العلاج بالفن استخدام مفاهيم العلاج بالفن على الجدارية القائمة في قاعه الدولة القديمة، وهي عبارة عن جدارية تُعبر عن التفاف الأسرة في حفل جميل مليء بالعزف والموسيقي. وما استوقفني هنا إنه ليس من أجل احتفال أو مناسبة محددة بل هي طقوسٍ يوميةٍ للأسرة المصرية لإدخال السعادة والحب والراحة علي القلوب. وهنا، توجهت مباشرة إلي الأستاذ الدكتور العلامة في المصريات والمدرب المسؤول عن مجموعة المتدربين في دورة علوم المتاحف مجموعة رقم اثنان والتي كنت التحقت بها موجهة إليه سؤال عن ماهية العلاج بالفن في الحضارة المصرية القديمة، فما كان منه في المقابلة التالية إلا فتح باب كنوز الحضارة المصرية القديمة الزاخرة بالمفاجآت مؤكداً وموضحاً ذكر تفاصيل محاولات علاج الاكتئاب عند المصري القديم، بل وإعداد سرد لبعض نماذج تماثيل الآلهة وانتشارها بأشكالها الساخرة والهزلية المحببة في المنازل دفعاً للكآبة ونشراً للبهجة في الأرجاء.

وضع القدماء أولى مبادئ علم النفس، من خلال اهتمامهم بظاهرة الأحلام والرؤى، واعتبارهم أنها تعبر عن مشاعر ومحسوسات الشخص، كما يُمكن من خلالها تحليل الشخصية واكتشاف العطب النفسي الذي قد يكون شابها.
ويقول الدكتور / حسن كمال، في كتابه “الطب المصري القديم”، بالرغم من أنهم كانوا يتعاملون مع أعراض تغير المزاج أو الاضطراب السلوكي والعقلي كنوع من المس الشيطاني، والذي غالباً ما كان يُعالج بالسحر والتعاويذ والصلوات، إلا أنهم بجانب ذلك استخدموا أسلوب تفسير وتحليل الأحلام التي يراها الشخص في نومه، وكان هناك غرفة مخصصة في معبد فيّلة، كان يُعتقد أن لها تأثيراَ في تحرير العقل الباطن من قيود الجسد ليحلق في سماء الأحلام، معبراً عما يدور في نفس ذلك الشخص، فينام الرجل وإذا ما استيقظ سألوه عن حلمه، فيقومون بتفسيره وتحليله، وطبقاً لذلك يتم تشخيص حالة الشخص، إذ يلمح الدكتور / كمال إلى أنه وجدت بعض التعليقات في بعض البرديات الطبية تصف حالة شخص بأنه يعاني من الحزن أو الخوف
العلاج بالفن والموسيقى
العلاج بالفن هو أحد مداخل العلاج النفسي وتقوم فكرته بشكلٍ أساسيٍ على اتباع نمط الفن مثل الموسيقى أو الرسم أو النحت أو السيكو دراما. ذلك من أجل إخراج الطاقات السلبية الكامنة داخل المريض فيستطيع الإنسان تفريع ما بداخله من خوف أو ألم أو غضب ومن ثم تحسين حالته البدنية والعقلية والعاطفية والنفسية. بدأ العلاج بالفن كمهنة في منتصف القرن 20، والذي نشأ بشكلٍ مستقلٍ في الدول الناطقة بالإنجليزية والدول الأوروبية. واعترف معالجو الفن الأوائل بأن تأثير علم الجمال والطب النفسي والتحليل النفسي والتأهيل والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة والتربية الفنية يحدث بدرجات متفاوتة على ممارساتهم. كما أطلق الفنان البريطاني أدريان هيل مصطلح العلاج بالفن في عام 1942. واكتشف هيل الفوائد العلاجية للرسم والتلوين في فترة نقاهته عندما كان يتعافى من مرض السل في المصحة. واقترح العمل الفني لزملائه المرضى وبدأ عمله “العلاج بالفن”، والذي تم توثيقه في عام 1945 في كتابه “الفن ضد المرض”، كما استُخدِمت الموسيقى كعلاج منذ قرون فكان يُمارس في العصور القديمة لطرد الأرواح الشريرة .وقد أشار أسقليبيوس إلى استخدام الموسيقى في علاج أمراض العقل، والتي كانت قد استخدمت كعلاج في المعابد المصرية. أما أفلاطون فقد قال أن الموسيقى يُمكن أن تؤثر على العواطف وبالتالي يمكن أن تؤثر على طبيعة الفرد. بينما اعتقد أرسطو أن الموسيقى تؤثر على الروح ووصف الموسيقى كقوة تُطهر المشاعر. كما استخدم كورنيليوس صوت الصنج النحاسي والماء لعلاج الاضطرابات..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى