الإدراك .. قوَّةٌ أم ضَعفٌ؟ .. قوَّةٌ أم ضَعفٌ؟
بقلم: ظهير طريف فالح| العراق
حين كتب الشيخ الشعراوي في كتابه “السحر والحسد” عن الفجوة بين وجود الأشياء وإدراكنا لها، كان يفتح بابًا واسعًا للتفكير في حدود الوعي البشري، وفي عمق العمى الذي يعيشه الإنسان في كون يتجاوز حدود حواسنا وقدراتنا على الفهم… تطرق الشعراوي إلى مثال يبرز كيف يمكن أن يكون الإدراك البشري مقيدًا بمحدودية الحواس (أكانت الجراثيم والميكروبات قبل أن ندرك وجودها موجودة في الكون أم غير موجودة ؟ أكانت تؤدى مهمتها أم لم تكن تؤديها ؟)
الجواب / طبعا كانت موجودة ولكننا لم نكن ندرك وجودها، و لذلك كانوا يضربون المريض ، لأنهم كانوا يعتقدون أن في جسده أرواحا شريرة ، وأنهم يريدون طرد هذه الأرواح بالضرب بالعصا وغيرها .
فنستنتج ان النفس البشرية تميل إلى التمسك بما هو مألوف ومعروف، وهذا الميل يعوق أحيانًا القدرة على إدراك ما هو غير مرئي أو غير معروف ، الإدراك البشري يعتمد إلى حد كبير على الحواس والتجارب السابقة، مما يجعل الإنسان يميل إلى إنكار أو تجاهل ما لا يستطيع أن يراه أو يفهمه .لأجد تعريف عن الادراك يجب أن اطرح تساؤل يقودني إليه [هل الوعي البشري هو أداة كشف الحقيقة، أم أنه مجرد مرآة تعكس ما يسمح له بالملاحظة ؟]
الوعي البشري محدد بالقدرات الحسية والمعرفية للإنسان، هذه الحدود تضعنا في مواجهة مستمرة مع المجهول، وتجعل من كل اكتشاف جديد تحديًا لمفهومنا عن الواقع.
يمكنني القول أن الإدراك هو عملية تفاعل مستمر بين الوعي والمجهول و أن الإدراك ليس مجرد انعكاس للواقع الخارجي في وعينا، بل هو عملية تفسير وتأويل لهذا الواقع و هو ليس بالضرورة عاكسًا حقيقيًا لهذا الواقع.. ما ندركه قد لا يكون هو الحقيقة ، بل هو ما يسمح لنا وعينا بفهمه.. هنالك تساؤلات من الجانب النفسي/ هل نحن قادرون على إدراك كل ما هو موجود؟ وهل يمكن للإدراك البشري أن يتجاوز حدوده التقليدية ليصل إلى فهم أعمق للواقع؟
إن ارتقاء الحضارة البشرية يعتمد بشكل كبير على اكتشاف ما كان موجودًا دائمًا ولكن لم يُدرك سابقًا، نحن في الواقع نكتشف جزءًا من العالم الذي كان مختبئًا عن وعينا. فالإدراك البشري قد يكون قوة تدفعنا لاكتشاف المجهول ، لكنه أيضًا قد يكون ضعفًا إذا اعتمدنا فقط على حواسنا وتجاربنا السابقة .