من أين أتت القيم؟
ظهير طريف فالح| العراق
عندما يُطرح سؤال فلسفي مثل هكذا سؤال لا بد ان تصطدم وجهات النظر حوله، و كذلك لا يوجد شخص على الكرة الأرضية ملزم بأن يتمسك بوجهة نظري أو وجهة نظرك، فلندع الأفكار تنساب في مجراها و من يعتقد عكس ذلك فهو يحاول بطريقة أو بأخرى أن يسخر الحياة للتعصب والنزاع .
ذكر الدكتور سيد القمني في كتابه (انتكاسة المسلمين إلى الوثنية) بأن مصدر القيم هو التفاعل السلوكي للإنسان مع محيطهُ ذاكرًا مثال هو أن يخترع الإنسان السيارة ثم يضع لها قيمها كأرشادات المرور وذوق القيادة ثم يضع القوانين التي تحمي هذه القيم ما بين مسموح و محظور ضمانًا لسلامة الناس، و مع كل جديد تظهر قيم جديدة يوضع لها ما يناسبها من القوانين لتحميها، فنستنتج بأن القيم المرورية لم تكن موجودة اختراع السيارة ومن خلال التفاعل السلوكي للإنسان مع محيطه ظهرت لنا هذه القيم .
و بعدها ذكر “مما يعني ان الإنسان هو مكتشف القيمة وصانع قوانينها و الحاكم عليها بالخير و الشر، بالنفع أو الضرر ” أفلا يوجد تناقض بين قوله هذا و بين ما ذكره مسبقًا؟ لو حللنا قوله هذا نجد ان وظيفة التفاعل السلوكي هي تمييز القيم ما بين الخطأ و الصواب فعندما ذكر كلمة “مكتشف القيمة” نستنتج بأن القيم كانت موجودة ومن خلال التفاعل السلوكي أكشتفها و قام بتمييزها و لا علاقة له بالانتاج .
و هذا التحليل هو الأقرب للمنطق، فوظيفة التفاعل السلوكي هو اكتشاف وتمييز القيم فالإدراك البشري المرتبط بالتفاعل السلوكي نجده عاجزًا عندما نكلفه بمهمة إنتاج القيم ، فهو مصمم لتمييز القيم و تصفيتها.
ما أود الإشارة إليه هو لو كُلِفَ الإنسان بمهمة إنتاج القيم أجزم بأنه لم ينتج قيم تحرم السرقة و القتل و الاعتداء .فالقيم التي تحرم السرقة و القتل و الاعتداء نجدها تشكل رادع لرغبات الإنسان فكيف له أن ينتج قيما تعارض رغباته و أهواءه .
يجب علينا ان نتيقن بأن المهمة المطلوبة منا هي التمسك بالقيم و ليست إنتاج قيم جديدة، لان الإدراك البشري مرتبط بالحواس و يعتبره البعض مقيدا بها مما يعني ان الغاية من التفاعل السلوكي هي تمييز القيم و تصفيتها و ليس إنتاجها .
فأصبح من الصعب أن نجذب الإنسان نحو القيم الحكيمة لاننا أخطأنا بتحديد وظيفة الإدراك والمنطق اتجاه القيم .