سخرية
أحمد نسيم برقاوي | أكاديمي فلسطيني
من رسم حدودة الحياة وسواها
يا فصول العمر ؟
من ؟
مرة واحدة نكون شتاءً ،
وقد نقضي شتاءً ،
قبل بزوغ أخضرنا البهي .
مرة واحدة نصير ربيعاً ،
وقد نمضي ربيعاً ،
قبل تفتح الزهر على أرواحنا
مرة واحدة نختال صيفاً ،
وقد نذوي صيفاً ،
قبل نضوج الثمر على أغصاننا .
أما خريفنا،
طال أم قصر،
فخريف أخير .
من رسم الحدود وسواها
يا فصول العمر ؟
من ؟
لماذا لا نكون مرة واحدة_ يا عمرُ_
جمالَ كل هذي الفصول ؟
سوريالي هو العمرُ .
ربيع أنثوي يموت عشقاً بخريف كان فارسا في معارك العشق .
وخريف ناكص يتوه جنوناً بربيع عشتاري
خريف يجيء من أقاصي الليلٍ ،
يغتصب شتاءً خائفاً ،
يسرق منه الغيم ،
والمطرَ ،
وصوت الريح ،
وحضن المدفأة .
سوريالي هو العمر .
لماذا تطلُ يا عمر خريفاً ،
مع أول دمعة من دموع الشتاء ؟
ورق أصفر فيه حنين للثمر ،
ثمر في متعة الفناء بالورق الأصفر
يغني ،
ورد شقائق النعمان
يغرد من وجد :
أحبك يالغصن الأجرد .
سوريالي هو العمر .
يخـتال في أول الخريف ،
شبقاً ، كأنه في أول الربيع ِ،
في عز فصل الصيف ،
فخوراً يختال بفودين
بلونٍ كلون غيم الصيف ،
وامرأة تلون خريفها ،
خجولة ، بلون زهر الربيع .
لماذا …لماذا ..؟
لماذا يأتي خريفك باكراً
يافينوس ؟
لماذا يأتيك حاقدا ؟
يعتم ما فيك من ضياء .
ويرسم آهات الحزن جسوراً
على جفنيك ؟
لماذا .. لماذا ..
آدم يزهو بالورق الأصفر ،
ويمضي جموحاً نحو الزهر .
وأنت تخبئين ما أصفر من العمر ،
وتبكين سراً رماد الحياة ،
وجحودَ عيون الذئاب .
لماذا .. لماذا ؟
سوريالي هو العمر .
فرح حزين يختبئ في ذاكرة العمر ،
يبكي زماناً ولى ،
ويعزف على الناي حداد الحنين .
لماذا تظلين يالحظة الحزن
حائمة في النفس ؟
ولماذا تقيمين في كل الفصول ؟
لماذا … لماذا ؟
سوريالي هو العمرُ .
بالأمس كان طفلاً
يلهو على أرجوحة الحياة ،
ينسج للقادم من الزمن
سجادة بكل ألوان الحياة .
وما كان يدري بأن الموت يختبئ
خلف ضلوعه الحارسة ،
مضى بعينين غائرتين ،
وسؤال حريق :
من رسم الحدود وسواها
يافصول العمر
من ؟