مسكنٌ في التحريم
مريم حميد | تركيا _ العراق
(مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)).. هنيئا لساكنات التحريم لكم تنقلت الملائكة بينهن فظفرن أجنحتها جسرا إلى الجنان ومعراجا إلى كنه الإنسان.
هذه الصفات التي هز بينها مهدي ونسجت قمائطي الأولى تلك اللحظات من الراحة والنقاء التي لم تسجلها الذاكرة تعيدها التحريم إلينا نميرا نسمعه بصوت (أبو أنور الشيخ محمود الشحات أنور) صفاتهن حقول خضراء ممتدة تنتظر أن نرتادها ونرتديها لَكم أخذني الصوت إلى مدارجهن حيث الغيم سجادة لهن هنيئا لصفات كالأبواب تفتح إلى ما يعلو المنتهى بغير منتهى هنيئا لهن وهن يجاورن إمرأت فرعون.
[وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ] (11)
هكذا ذكرها الوحي لم يذكر اسمها؛ بل قال(إمرأت فرعون) ليس انتقاصا بلا إجلالا وتعظيما وتذكيرا بأنها آمنت وهي في بيت أكبر طاغية و كما كانت عزيزة في الدنيا أرادت أن تكون عزيزة في الآخرة (ربي أبن لي عندك بيتا في الجنة)، و بقيت ربة للخُلق حتى آخر نفس فلم تطلب غير النجاة (ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوة الظالمين).
لم تحول صفوها إلى كدر الحقد ولم تدع عليهم لينزل العذاب بهم مخافة أن يغلق باب التوبة عليهم.
ثم يجاورن سيدة الختام (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ) شممت ريح السيدة مريم في آية إمرأت فرعون كانت المرة الأولى التي استمع فيها التحريم لكن الطيبات تشم ريحهن في الطيبات أيوجد مسكن في التحريم للسيدة مريم؟ فيأتي صوت أبو أنور قاطعا الشك باليقين (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ) ويعيدها سبع أو ثمان مرات أتمنى أن تطول وأحيا بها العمر كله (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ)
فأتذكر أني يوم ارتديت الحجاب وأنا ابنة تسع ارتديته من محبة خالصة لها دون أن يطلب مني ارتداؤه ومن رغبة طفولية بتقليدها عندما كنت أتابع مسلسل (مريم المقدسة) قبل أن أعلم بوجود كلمتي الحلال والحرام في القاموس ولذلك لغاية الخامسة عشر بقيت ارتديه كما الراهبات بعدها بدأت أختار الأوشحة الموردة أو التي تطير منها أسراب الفراشات كشيء يعبر للسيدة مريم عن محبتي.
كنت قد بدأت أحس بأن مصطبة الأسمنت التي أسندني التعب إليها تحولت إلى شيء حريري ويختم صوت أبو أنور (وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) فأسأل يد الصوت أن تعيدني للتحريم.
فهنيئا هنيئا لساكنات التحريم هنيئا لهن وهن الموعودات بيوم (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ۖ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)