حين يتعثر الحكيم

زيد الطهراوي| الأردن

هل تذكرين أيتها الناصحة الأمينة ذلك الطائر الذي جاءك بأذن مفتوحة و قلب متشوق لكل نصيحة تثمر راحة بعد تعبه المضني؟
وكانت النصيحة أن يقنع نفسه أنه أفضل من جميع الطيور وليس هذا فحسب بل يشمر عن ساعد الجد ليحقق هذه القناعة فيقوي أجنحته ويحسن إنشاده ليكون أفضل من كل من طار و أنشد.. وكان الفارق في العمر بينكما كبيراً فما كان من الطائر المسكين إلا أن يتحول إلى كائن منفرد لا هم له إلا نفسه.. و كانت هذه المرحلة بداية الارتفاع الذي أسقطه من حيث لا يتوقع السقوط.
وتنبهت الطيور لأجنحته المتكبرة و أناشيده المغطاة بطبقات الشموخ النفسي المتراكمة فأبعدته عن سربها واقتلعت أناشيده من أريج بستانها فانطوى المسكين على نفسه و ظن أن الطيور تحسده ولو كانت تتقن جزءا قليلا من مواهبه لما نبذته و أسلمته إلى قاع الوحدة المظلم وانقسم الجمع فمنهم من حقد عليه واعتدى ومنهم من ارسل له الضوء ليبصر أنه أخطأ حين أصغى إلى نصيحة قاتلة و لكنه كان غارقاً فما رأى الضوء وما اهتدى.

وهكذا ظلمتِ الطائر بنصيحتك – أيتها الحكيمة التي أضاعت الأسلوب الحكيم -و لم يكن حسن نيتك عذراً لك في إحداث هذه التوترات التي جلبت جبالاً من النكبات.. فكل دراسات علم النفس تؤكد أن الطائر إذا قوى أجنحته و جمل نشيده لكي يجد مكاناً له بين أسراب الطيور فإنه سينجح و يحظى بالمحبة و إذا قوى أجنحته و جمل نشيده ليكون أفضل من الطيور فإنه سيصاب بالوسواس القاتل و سينفر منه المقربون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى