كتب – فراس حج محمد
بناء على رغبة الأسير رائد الشافعي في أن يكون موعد إطلاق روايته الأولى بالتزامن مع الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، مستذكرا بلدته التي هجر منها، استضافت جامعة فلسطين التقنية خضوري- فرع طولكرم يوم الثلاثاء 16/5/2023 حفل إشهار رواية “معبد الغريب” بدعوة من مديرية وزارة الثقافة، وهيئة شؤون الأسرى في المحافظة، وبتنسيق الناشطة الثقافية غصون غانم، وبإشراف طاقم مكتبة الجامعة.
استهل الحفل الذي أداره الأستاذ حمد الله عفانة (مدير مكتب وزارة الثقافة) بالسلام الوطني وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، وتحدّث عفانة عن جهود وزارة الثقافة الفلسطينية في دعم الإنتاج الأدبي للأسرى الفلسطينيين.
ومن ثَمّ تم عرض فيلم قصير للتعريف بالأسير في سجون الاحتلال، رائد عليان عيد شافعي المعتقل منذ 28/7/2003، أعدّته الإعلاميّة هناء فياض، صاحبة مبادرة “الأسير ليس رقماً”. تلا ذلك حديث للسيدة عصمت أبو صاع، مديرة هيئة شؤون الأسرى والمحررين في المحافظة، مؤكدة دور الحركة الأسيرة في النضال الفلسطيني، وما يؤدونه من مهام جليلة على المستوى الوطني والثقافي، مشيدة برواية الأسير الشافعي “معبد الغريب”.
وفي كلمة للمحامي الحيفاوي حسن عبادي؛ صاحب مبادرتيْ “لكلّ أسير كتاب” و”من كلّ أسير كتاب” تحدث عن زيارته لرائد الشافعي في السجن وعلاقته به، وعمله على الرواية ورعايتها حتى خرجت مطبوعة، ناقلا ما قاله له رائد خلال الزيارة الأخيرة التي سبقت حفل الإشهار: “فرحتي لن تكتمل إلّا حين أعود مع الرواية لأزور أهلي وبلدي”.
وفي ذات السياق قدم الأستاذ عبادي لوحة مهداة لمكتبة خضوري بعنوان “الذاكرة اللانهائية” رسمها الفنّان الأسير جمال هندي تزامناً مع الذكرى، بوحي وفكرة الأسير حسام زهدي شاهين. تتمحور حول الذاكرة الفلسطينية المتجددة. وقدّم عبادي شرحا حول مكونات اللوحة؛ “فالطفل الفلسطيني مولود من رحم النكبة المتجسد بحلقة المفتاح، حتى يكبر وينمو ضمن تعاقب الأجيال، ويواصل مسيرته صعوداً على درب ذاكرة العودة نحو فلسطين الوطن، كما وتجسد نافذة المفتاح وحدة الشعب الفلسطيني بكل أطيافه، وتؤكد الحجارة القديمة عروبة فلسطين وتجذر شعبها العربي الفلسطيني في أعماق التاريخ”.
وفي قراءة نقدية للكاتب فراس حج محمد- محرر الرواية، أشار إلى “تحولات الزمن الفلسطيني في الرواية”، وما فيها من مضامين سياسية، وأسئلة وطنية بدءا من سؤال النكبة ذاتها وحتى سؤال الراهن المتعلق بأوسلو وتداعياتها، ويمرر الشافعي انتقاداته على مجمل السياسة والسياسيين في فلسطين، وخاصة الاعتقال السياسي الذي تمارسه أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، والتحقيق مع المناضلين بالأساليب نفسها والكيفية ذاتها التي يمارسها المحقق الصهيوني.
كما بين الناقد حج محمد طبيعة البناء الروائي في رواية معبد الغريب، وتوزع السرد على جغرافيات ثلاث، وأزمنة ثلاثة، تسير بالموازة بين الفصول الفردية والزوجية، لتعود وتلتقي بالفصول الأخيرة، وصولا إلى ما تعانيه الشخصيات الرئيسية في الأماكن الثلاث والأزمنة الثلاث أيضا من اغتراب نتيجة لتحولات الزمن الفلسطيني وتبدل منظومة القيم، وخاصة القيم الوطنية الثورية.
وأضاف أن الكاتب رائد الشافعي ينتمي إلى ظاهرة الكتاب الفلسطينيين الذين ولدوا كتابا في سجون الاحتلال، وكانوا دخلوا السجن بعد عام 2000، ويقارب عددهم (100) كاتب، كتبوا في صنوف أدبية متنوعة، وإن غلبت الرواية على إنتاجاتهم الأدبية لأسباب متعددة.
وفي مداخلة قصيرة للشاعر عبد الناصر صالح بيّن أهمية أدب الحرية، وأهم من كتب فيه، والمضامين التي يتناولها هذا الأدب، والقضايا التي يعالجها.
وفي كلمة للأسير، قرأها نيابة عنه عمه ساطي الشافعي، شكر فيها المبادرين والحضور وكلّ من عمل لإنجاح هذه الفعالية وإشهار الرواية، كما تحدث نجل الأسير فراس رائد الشافعي، في كلمة أهل الأسير عن علاقته بأبيه الذي اعتقل وهو بعد طفل صغير؛ لم يتجاوز الستة أشهر آنذاك.
هذا، وقرأ عريف الحفل برقية وصلت من الشاعر هاني مصبح- غزة، جاء فيها: “برقية تهنئة نقدمها باسم التحالف الأوروبي لمناصرة أسرى فلسطين- لجنة تنسيق قطاع غزة للأسير رائد الشافعي في حفل إشهار كتابه “معبد الغريب”. فمن يمتلك الأمل يمتلك كل شيء. وأسرانا يمتلكون الأمل ويمتلكون الإرادة والعزيمة والإصرار وبذلك يمتلكون الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية”.
حضر جمهور كبير من المثقفين والكتاب والأسرى المحررين وذويهم هذه الاحتفالية، وقامت مجموعة من وسائل الإعلام المرئية بتغطية الحدث. ووقع الأستاذ حسن عبادي على نسخ الرواية للحضور في نهاية الحفل نيابة عن الأسير الكاتب رائد الشافعي.
ومن الجدير بالذكر أن رواية معبد الغريب صدرت عن دار الرعاة وجسور ثقافية في رام الله وعمان، وجاءت في (351) صفحة من القطع الكبير، موزعة على (29) فصلاً، وزيّن غلافها لوحة رسمها الفنان علاء أبو سيف.