أدب

قراءة في رواية (مريم مريام) للأديب الأسير الفلسطيني كميل أبوحنيش

رواية"مريم مريام"،عن دار الآداب للنشر والتوزيع_لبنان،عام 2020

بقلم | هدى عثمان أبو غوش
رواية”مريم مريام”للأديب الأسير الفلسطيني كميل أبوحنيش،عن دار الآداب للنشر والتوزيع_لبنان،عام 2020،وتقع الرّواية في 263 صفحة من القطع المتوسط.

وقد اختار الرّوائي الأسير كميل أبو حنيش قرية صفوريا المهجرة قضاء الناصرة،كمثال لتصوير الناحية النفسية عند الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة،وكصرخة حق في أنّ الفلسطيني ما زال يحفظ ذاكرة نكبته،ووجعه،وإن تغيرت الأسماء والأماكن، فصفوريا تحولت إلى اسم آخر”تسيبوري”بينما أهل صفوريا سكنوا في الناصرة في حي الصفافرة.


فرواية “مريم مريام”رواية رمزية، تعبر عن الناحية النفسية والعاطفية عند الفلسطيني في مواجهته للتغيرات والصعوبات التي حدثت ما بعد النكبة،الصراع النفسي في مسألة حق العودة لأهل صفوريا وتتمثل بشخصية مريم الفلسطينية التي فقدت أهلها وزوجها في الحرب،ورفضها المساومة والتنازل عن حقها، وبالمقابل يعرض الرّوائي حنيش من خلال شخصية مريام اليهودية قضية اليهودي الذي سكن القرى المهجرة وهو مؤمن في حقه بالاستيلاء على الأرض والمكان،من منطلق ادعائه بوعد الرّب لهم وقضية الهولوكوست وعذابهم في المحرقة،وادعائهم بأن العرب من اختاروا الحرب.
نجد الناحية النفسية عند إلياس ابن مريم الذي يسترجع طفولته أثناء النكبة وبعدها وبين أطفال تسيبوري حيث الملابس النظيفة والبيوت الجميلة.،وأيضا يبرز الرّوائي التوتر عند الفلسطيني والمفارقة الغريبة في مساهمة بناء العامل الفلسطيني للبيت اليهودي،وما زال الفلسطيني حتى يومنا هذا يعاني من هذا الصراع،ففي الرّواية يقوم إلياس ببناء قرميد لليهود في مسقط رأسه في صفوريا (تسيبوري).
كما تتجلى الناحية النفسية في شخصية إبراهيم الذي يمثل الأجيال الشابة،وفي صراعه ما بين حكايا الماضي والواقع.وفي سؤال لماذا يجمع الحكايات يقول:
“أحتاجها لأجمع شتات روحي المبعثرة”
ففي نسيج الرّواية التي تبني من خيوط الزواج المختلط بين إلياس العربي ابن مريم وزواجه من شلوميت اليهودية ابنة مريام تكمن تفاصيل الصراع وقد أحسن الرّوائي في جعل الشخصيات المتعددة بين العائلتين وخارجها أن تبوح بوجهة نظرها في مسألة حق الملكية للأرض والمكان ومدى انتمائمهما لهما.فالرّواية تبحث في قضية الهوية والانتماء،وتنتصر في النهاية لهوية إبراهيم الذي يقرر انتمائه لجدته مريم وليس لمريام،أي لحكاية الفلسطيني الحق،والرّواية بأسماء شخوصها هي دلالة على الناحية النفسية القائمة في الرواية،إبراهيم أو أبرم،شلوميت أو سلام،مريم -مريام.
تطرح الرّواية عدّة تساؤلات بالنسبة لقضية اللجوء، حقوق الفلسطيني الذي هجر من مكانه وأرضه،حول هل بإمكانية الفلسطيني الذي هجر من أرضه وبيته أن يسامح من اغتصب أرضه؟هل يستسلم الفلسطيني للأمر السياسي القاهر؟جاء أسلوب الرّوائي كميل أبوحنيش سلسا وانسيابيا،بضمير المتكلم على لسان إبراهيم،وهو ينقل رواية النكبة من خلال جدته مريم،وقد كان الاسترجاع الفني (فلاش باك) حاضرا يعيد ويصور تفاصيل الحرب والصدمة،جاء السّرد ممتعا يشدّ القارىء بأسلوب مشوق وبثقافته الواسعة، أحسن في صقل شخصيات الرّواية من خلال خلق الصراع حول الهوية والانتماء والأرض،وصوّر حالة التوتر،والقهر لدى الفلسطيني في حنينه لحبات التّين في صفوريا،كما استخدم الوصف الجميل في وصفه لقرية صفوريا،وبين علاقة الفلسطيني المتينة بأرضه من خلال أسلوب المقارنة التي أجراها بين مريم ومريام.
رواية “مريم مريام”إضافة إبداعية للعمل الأدبي داخل سجون الاحتلال،ألف مبارك للأديب كميل أبوحنيش والحرية له ولجميع الأسرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى