في ذكرى النكبة الفلسطينية السماء فوقكم جهنم والأرض تحتكم جهنم

عيسى قراقع | بيت لحم – فلسطين

قامت القيامة، قيامة المنكوبين والمقتولين والحاضرين والغائبين، تحرر الفلسطينيون من اقفاصهم وهزائمهم ومعازلهم وانتفضوا دماً ولحماً وحجارة وعبادة ووعيا وتقوى، خلعوا ثوب الضحية وانطلقوا الى المستحيل.
قامت القيامة بعد 73 عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، انتفضت القدس واللد والرملة وعكا سخنين والناصرة ويافا وحيفا وأم الفحم والنقب وبئر السبع والبحر المتوسط والمجدل وأسدود وعسقلان وكفر قاسم، تحطم الخط الأخضر، الأرض واحدة، الارض لملمت شموسها وأقمارها وليلها ونهارها وهبت واقفة.
قامت القيامة، كل شيء عاد الى اوله، لا راية بيضاء بعد الآن، عادت العائلة المشردة الى البيت، المفتاح الى قفل الباب، النبضات الى القلب، الأشجار الى البساتين، الأغاني الى الأعراس، الذاكرة الى الراوي، الفأس الى يد الحراث، الماء الى نبعه الجميل، الأمطار الى رياحها العاصفة.
انتفضت اللد اكبر واقدم مدن فلسطين، الرياح شمالية غربية باتجاه القدس، تحررت اللد بعد 73 عاماً على النكبة، لامنفى ولا رحيل، ولأول مرة يفرض منع التجوال على مدينة اللد، ولأول مرة يعلن عضو الكنيست ايلي شاكيد ان الشرطة الاسرائيلية رفعت العلم الأبيض بسبب انتفاضة اللد، داعيا الى اعادة احتلالها من جديد وارسال الجيش والعصابات لارتكاب نكبة أخرى ومجزرة.
انتفضت اللد وكل مدن الساحل الفلسطيني، رفع العلم الفلسطيني، استشهد موسى حسونة، اسرائيل فقدت السيطرة، أرواح من ذبحوا في مسجد دهمش في مدينة اللد في الخامس من شهر رمضان بتاريخ 10 تموز 1948 عادوا الى الحياة، حملوا موتهم وغضبهم وصيامهم وانتفضوا، فتحوا أبواب المدينة وحطموا قيودهم، عاد الماضي الى ماضيه وفي اللد انكسرت الدائرة.
اللد تنتفض انتفاضة الحنين، تذوب احلامها في احلام غزة، تعيد الاشياء الى اولها، الاسماء الى اسمائها، البعيد الى القريب، اعطت دمها للحالمين النازلين عن السياج، ارتفعت اللد فوق القصف والانفجار، ارتفعت فوق حطامها العالية.
قامت القيامة، النكبة لم تعد ذكرى وارشيفات وحكايات وحسرات، عاد المنكوبون من الغياب، عاد المخيم والخيمة وشجرة الرمان، الدم في غزة فاض، الاطفال والنساء والجماجم تحاصر تل ابيب، الاسرائيليون نزلوا تحت الارض، لم تنفعهم سياسة التطهير العرقي والتمييز العنصري وشطب المكان والزمان، التاريخ الفلسطيني يتكلم، الهوية تتمرد على الأختفاء والطمس، هوية عربية فلسطينية تقاتل ويحمل رايتها جيل وراء جيل، شعب يولد على المقصلة.
قامت القيامة، والاسرائيليون يهربون من مذبحة الى مذبحة، اشلاء اطفال تحت ركام البيوت المقصوفة، قناني حليب، قمصان والعاب منقوعة بالدم، أم ترضع طفلها بعد الموت ليحيا، اجساد محروقة وممزقة، الاسرائيليون لم يصدقوا بحر عكا وامواجه المتلاطمة، لم يصدقوا ان هناك ما هو أقوى من الطائرات، لم يصدقوا ان كرامتنا وصمودنا أقوى من القنابل و الاساطير المسلحة.
قامت القيامة، ولسان حالنا بعد 73 عاما من النكبة يقول: في الحرب نموت وفي السلام نموت، وبين هدنة وهدنة نموت، بين حاجز وحاجز نموت، بين فجر وفجر نموت، حان الوقت لترتيب المعاني وبناء رؤية أخرى للمرحلة وترميم الهاوية، القدس والحرية والعودة هي البوصلة.
قامت القيامة، لينهض الموتى من الموت ويعيدوا تحريك عقارب الزمن، دقت ساعة الحقيقة، اخرجوا الجثث من الجثث لتروا الفارق بين الفكرة والأمل، لا يستطيع الفلسطيني اكثر مما يستطيعه الشهداء في ساعاتهم الأخيرة، انتهى الوقت، لا يستطيع الفلسطيني اكثر من ان يجد الروح في روحه او يموت هنا واقفا كالاية على حجر، لا يستطيع الفلسطيني الا ان يموت من اجل ان لا يموت كي يكسر القاعدة.

في ذكرى النكبة الفلسطينية صوت قرانا المهجرة وبيوتنا المدمرة، صوت سميح القاسم

تقدموا تقموا

كل سماء فوقكم جهنم

وكل ارض تحتكم جهنم

تقدموا بناقلات جندكم

وراجمات حقدكم

وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا

لن تكسروا اعماقنا

لن تهزموا اشواقنا

نحن القضاء المبرم

تقدموا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى