الجامعة الخضراء.. ماهي وكيف ومتى ولماذا وأين وهل؟
الأستاذ الدكتور / عبد العليم سعد سليمان دسوقي
رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج
عضو مركز دراسات وبحوث التنمية المستدامة بجامعة سوهاج
الاحتباس الحراري، وفقدان التنوّع الحيوي أو تلوّث المحيطات بالبلاستيك، جميعها مشاكل بيئية تهدّد الحياة على سطح الأرض. بل إنّها في الواقع تسبّب أضرارًا حقيقية اليوم ولها الكثير من النتائج السلبية على الزراعة نتيجة فقدان عدد كبير من النحل الملقّح أو الجفاف أو حتى تهديد صحّة الإنسان بسبب المواد البلاستيكية الدقيقة في الطعام. بصفتها مؤسسات أكاديمية للبحوث والتعليم، يمكن للجامعات حول العالم أن تلعب دورًا محوريًا في التطرّق لهذه القضايا والتعامل معها. وهو ما يجعلها تتحوّل إلى جامعات خضراء أو بيئية.
الجامعات منظمات حيوية تعکس طبيعة وواقع المجتمعات المتواجدة بها، لذا أصبح من الضروري التحول لأدوار الجامعات نحو خدمة المجتمع في ضوء الاقتصاد الأخضر لتتحول إلى جامعات خضراء تُحقق التنمية المستدامة ، وتتشارک مع البيئة في حل مشکلاتها على نحو أفضل .
ما هي الجامعة الخضراء Green University ؟
إن تكون انبعاثات الجامعة من غاز ثاني أكسيد الكربون صفرية(أي أنّ مقدار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يكون مساويًا لما يتمّ استهلاكه في عملية البناء الضوئي من قبل النباتات) وذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والترويج لوسائل النقل العام أو عن طريق استخدام تقنيات العزل في المباني. فهو مصطلح يُطلق على المؤسسات الأكاديمية التي تستطيع تلبية احتياجاتها من الموارد الطبيعية كالطاقة والمياه والمواد الأولية دون المساس باحتياجات الأجيال القادمة مستقبلاً.
من أين جاء مفهوم الجامعة الخضراء؟
خلال أحد الاحتفالات باليوم العالمي للأرض سنة 1970، قام عدد منالطلاببدفن سيارة جاعلين من هذا العمل رمزًا لمدى خطورة النشاط البشري على البيئة. ونتيجة لهذا الحدث، بدأ الناس يدركون شيئًا فشيئًا، الربط ما بين البيئة والتعليم بل ومدى أهميته. كما أنّ أزمة الطاقة في العالم أسهمت في زيادة وعي الأفراد حول مفهوم حماية البيئة والاستدامة في داخل المؤسسات الأكاديمية. وشيئًا فشيئًا ازداد انتشار مفهوم “الجامعة الخضراء”، وأصبحت الكثير من أنظمة تصنيف الجامعات تعتمد معايير بيئية في تقييم الجامعات وتحديد مراتبها وتصنيفاتها عالميًا.
حيث ان مقياس الاستدامة للجامعات الخضراء يهتم بالجامعات الخضراء الصديقة للبيئة ويعتمد على 10 محاور أساسية تمثل المفاهيم الاساسية لمبادئ الحفاظ على البيئة والاستدامة و البنية التحتية صديقة البيئة ومعايير كلا من الطاقة والتبادل المناخي وادارة المخلفات وادارة المياه و النقل الداخلي وجودة البيئة وتوافق الاستدامة مع القوانين والتشريعات البيئية.
ما أهداف الجامعة الخضراء؟
ومن خلال هذا التعريف، نستنتج أنّ الجامعات الخضراء تضع الأهداف التالية:
– المساهمة في نشر ثقافه الاستدامة
– الحرص على أن يتطرّق جميع الطلاب إلى قضايا الاستدامة والبيئة من خلال المقرّرات الدراسية أو النشاطات اللامنهجية في الجامعة.
– الاسهام فى جعل المباني الجامعية صديقة للبيئة.
– أن تكون انبعاثات الجامعة من غاز ثاني أكسيد الكربون صفرية (أي أنّ مقدار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يكون مساويًا لما يتمّ استهلاكه في عملية البناء الضوئي من قبل النباتات) وذلك من خلال استخدام مصادر الطاقة المتجددة، والترويج لوسائل النقل العام أو عن طريق استخدام تقنيات العزل في المباني.
– تقليل هدر النفايات من خلال إعادة التدوير، استخدام النفايات العضوية كسماد طبيعي، إعادة استعمال المياه أو غيرها.
– توفير أقصى قدر من التنوع الحيوي من خلال شراء الأطعمة العضوية، إنشاء مساحات خضراء أكبر ومنع استخدام المواد الكيميائية السامّة.
– تعزيز التغيير الاجتماعي الذي تقوده الجامعات فيما يتعلق بأهداف الاستدامة.
– الإسهام فى تحقيق الاهداف العالمية للمحافظة على البيئة.
كما ترى، فإنّ هذه الأهداف التي تسعى إليها الجامعات الخضراء ليست مستحيلة أو عصيّة على التنفيذ، بل يوجد في الواقع الكثير من الجامعات التي قد بدأت بالفعل في السير في هذا الطريق لتصبح صديقة للبيئة.
المعايير المقترحة لتحقيق مبدأ الاستدامة الخضراء:
• الطاقة والتبدل المناخي
يتم الاعتماد على الطاقة الشمسية كمصدر نظيف ومتجدد للكهرباء بدلاً من الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة الكهربية التي تعتمد على الوقود الأحفوري والتي تلوث البيئة فيعطي موقع الجامعة المتمثل في مساحة الحرم الجامعي و ما به من مساحات مفتوحة و مساحات خضراء و بنيتها التحتية تصورا أساسيا اتجاه الجامعة في أن تصبح صديقة للبيئةوفى هذا الاطار نقترح:
– تعمل الجامعة على ترشيد استخدام الطاقة في جميع منشأتها بداية من تصميم المباني التي تكون غالبيتها مستطيلة الشكل متجهة من الشرق للغرب حتى تكون أقل تأثرا بحرارة الشمس في فصل الصيف وبذلك توفر في طاقة التبريد وكذلك توفير التهوية الطبيعية وزيادة كفاءة الاضاءة الخارجية عن طريق النوافذ الواسعة على الجوانب.
– تتبني الجامعة أيضا مفاهيم المباني الخضراء عن طريق استخدام مواد بناء من البيئة المحيطة و ً عزل الأسطح و الجدران و التظليل الخارجي.
– استخدام اللمبات الموفرة في الاضاءة لترشيد استهلاك الطاقة وتشجيع الجامعة على استخدام مصادر الطاقة الصديقة للبيئة متل الطاقة الشمسية.
– استخدام أعمدة إنارة داخل الحرم الجامعي مزودة بخلايا الطاقة الشمسية للإنارة الليلية.
– وضع خلايا الطاقة الشمسية على اسطح المباني داخل الحرم الجامعي لتزويد تلك المباني بالطاقة الكهربية اثناء فترات العمل.
– وضع الية لترشيد استخدام الطاقة الكهربية داخل الحرم الجامعى تضمن توفير استخدام الطاقة الكهربية داخل قاعات التدريس والمدرجات في غير أوقات الدراسة وكذلك المكاتب الإدارية في غير أوقات العمل لمنع اهدار الطاقة وتحقيق الاستخدام الأمثل لها مع استمرارية المحافظة على كفاءة العملية التعليمية.
– اعتماد مفهوم المبنى الذكي من أجل استيعاب استخدام كل الاجهزة الموفرة للطاقة والذى يعنى استخدام تكنولوجيا متصلة بشبكة الانترنت، كجزء لا يتجزأ من الهندسة المعمارية لرصد ومراقبة عناصر التصميم البنائي لتبادل المعلومات بين المستخدمين والنظم والمباني.
– تركز الجامعة عند شراء أجهزة ومعدات جديدة على الأنواع ذات الكفاءة العالية في توفير الطاقة.
• توفير مساحات خضراء داخل الحرم الجامعي
تصميم المسطحات المفتوحة داخل الحرم الجامعي بشكل يوفر اكبر قدر ممكن من المساحات الخضراء والأشجار الامر الذى من شانه تقليل معدل انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون الناتج من الأنشطة داخل الحرم الجامعي
• النقل داخل الجامعة
يلعب نظام النقل دورا هاما على مستوى انبعاثات الكربون ومصادر التلوث في الجامعة، ذلك لأن سياسة النقل المستخدمة للحد من عدد السيارات في الجامعات، واستخدام حافلات الحرم الجامعي والدراجات تعمل على ايجاد بيئة صحية. كما أن تلك السياسة تشجع الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس على التجول، وتجنب استخدام السيارات الخاصة. وسيؤدي استخدام وسائل النقل العام الصديقة للبيئة الى انخفاض نسبة الكربون داخل الحرم الجامعي
– توفير مواقف للدراجات الهوائية بمساحات مناسبة تسمح للطلاب والعاملين استخدامها في التنقل داخل الحرم الجامعي ومن والى الحرم الجامعي بشكل فعال كبديل لوسائل المواصلات التقليدية التي تعتمد على الوقود الأحفوري
– توفير وسائل نقل جماعي (اوتوبيسات) للعاملين وأعضاء هيئة التدريس للتنقل من والى الحرم الجامعي بدلا من استخدام السيارات الخاصة كوسيلة فردية للتنقل الامر الذى سيقلل من انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون
– تبنى مبادرة الدولة في توفير الدرجات الهوائية التى أعلنتها وزارة الشباب والرياضة تحت شعار “دراتك صحتك” للطلاب والعاملين بأسعار مدعمة لتوسيع قاعدة ممارسة الرياضة وجعل الرياضة أسلوب حياة.
• إدارة المخلفات وفقا لهذا المؤشر يتم اعتماد سياسة لإعادة تدوير المخلفات من خلال فصلها من المنبع الى أربعة أنواع
– المخلفات العضوية وبقايا الطعام
– المخلفات البلاستيكية والاكياس البلاستيكية
– المخلفات المعدنية وعلب المياه الغازية
– المخلفات الورقية
الأمر الذى يسمح بإعادة تدوير اكبر قدر ممكن من تلك المخلفات والاستفادة منها بدلا من التخلص منها في مكبات النفايات الامر الذى سيؤدى في النهاية الى حرقها وما يتبع ذلك من تلويث للبيئة وزيادة انبعاثات غازات الانبعاث الحرارى.
تبنى الية للمعاملات الصحية للأطعمة والمشروبات داخل المدن الجامعية (تقديم الاطعمة الصحية المتوازنة, الية تغليف الاطعمة والمشروبات, تخزينها) توفير الية الحفاظ علي الاجواء الصحية لاماكن تناول الطعام داخل الحرم الجامعي.
اعتماد الية للحفاظ علي بيئة الحرم الجامعي في صورة نظيفة ونوعية المنظفات والمبيدات الحشرية والكيماويات المستخدمة في ذلك.
إدارة المياه
استخدام المياه في الحرم الجامعي هو مؤشر مهم في مقياس الاستدامة. والهدف من ذلك هو حث الجامعات كي تقلل من استخدام المياه، وتزيد من برامج الحفاظ على المياه، وحماية البيئة الحاضنة. ومن بين هذه المعايير: برنامج الحفاظ على المياه، برنامج إعادة تدويرالمياه، استخدام معدات موفرة للمياه، ومعالجة المياه المستهلكة وذلك من خلال:-
– تُستخدم الاجهزة الموفرة للمياه بدلا من الأجهزة التقليدية. وهذا يشير الى مدى استخدام الاجهزة الموفرة للمياه (على سبيل المثال، استخدام حنفية غسل اليدين ذات التحكم الالي عن طريق حساس، وأجهزة الحمامات عالية الكفاءة.
– تزويد صنابير المياه بوحدات ترشيد المياه.
– اعتماد الية لصيانة مواسير المياه لمنع الاهدار الناتج عن التسريبات.
– اعتماد خطط واليات لصيانة الصنابير وشبكات الامداد الداخلية للجامعة لمنع الإهدارات المائية.
– توفير محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالجامعة لجعلها صالحة لرى المسطحات الخضراء والحدائق الموجودة داخل الحرم الجامعي.
المراجع
– أفضل الجامعات الصديقة للبيئة في العالم تصفح على موقع فرصة https://www.for9a.com
– الجامعة الخضراء www.alexu.edu.eg
– الجامعات الخضراء ببعض الدول الأجنبية وعلاقتها بالتنمية المستدامة وإمکان الإفادة منها في الجامعات المصرية https://muja.journals.ekb.eg/
– الجامعة الخضراء مدخلا لتحقيق التنمية المستدامة HTTPS://SAMIRMANSOUR.PS/
– الجامعة الخضراء https://pt.slideshare.net/
– حرم الجامعة الأخضر: نموذج عالمي للاستدامة في دليل الأمم المتحدة للجامعات www.aucegypt.edu
– مركز التنميةالاستدامة بجامعة سوهاج http://sust.sohag-univ.edu.eg/page/4/